وأما حكم ، فإن جرحه جرحا يخرجه عن حد الصيد وهو الممتنع المتوحش بأن قطع رجل ظبي أو جناح طائر فعليه الجزاء ; لأنه أتلفه حيث أخرجه عن حد الصيد فيضمن قيمته ; وإن جرحه جرحا ما لم يخرجه عن حد الصيد يضمن ما نقصته الجراحة ; لوجود إتلاف ذلك القدر من الصيد فإن اندملت الجراحة وبرئ الصيد لا يسقط الجزاء ; لأن الجزاء يجب بإتلاف جزء من الصيد وبالاندمال لا يتبين أن الإتلاف لم يكن بخلاف ما إذا جرح آدميا فاندملت جراحته ولم يبق لها أثر أنه لا ضمان عليه ; لأن الضمان هناك إنما يجب لأجل الشين وقد ارتفع . الصيد إذا جرحه المحرم
فإن رمى صيدا فجرحه فكفر عنه ، ثم رآه بعد ذلك فقتله فعليه كفارة أخرى ; لأنه لما كفر الجراحة ارتفع حكمها وجعلت كأن لم تكن ، وقتله الآن ابتداء فيجب عليه الضمان لكن ضمان صيد مجروح ; لأن تلك الجراحة قد أخرج ضمانها مرة فلا تجب مرة أخرى فإن جرحه ولم يكفر ثم رآه بعد ذلك فقتله فعليه الكفارة ، وليس عليه في الجراحة شيء ; لأنه لما قتله قبل أن يكفر عن الجراحة صار كأنه قتله دفعة واحدة .
وذكر الحاكم في مختصره إلا ما نقصته الجراحة الأولى أي يلزمه ضمان صيد مجروح ; لأن ذلك النقصان قد وجب عليه ضمانه مرة فلا يجب مرة أخرى ولو جرح صيدا فكفر عنه قبل أن يموت ثم مات أجزأته الكفارة التي أداها ; لأنه إن أدى الكفارة قبل وجوبها لكن بعد وجود سبب الوجوب وأنه جائز كما لو جرح إنسانا خطأ فكفر عنه ثم مات المجروح أنه يجوز لما قلنا كذا هذا ، وإن نتف ريش صيد أو قلع سن ظبي فنبت وعاد إلى ما كان أو ضرب على عين ظبي فابيضت ثم ارتفع بياضها قال : في سن الظبي أنه لا شيء عليه إذا نبت ، ولم يحك عنه في غيره شيء وقال أبو حنيفة : عليه صدقة ، وجه قوله أن وجوب [ ص: 206 ] الجزاء بالجناية على الإحرام وبالنبات والعود إلى ما كان لا يتبين أن الجناية لم تكن فلا يسقط الجزاء ، أبو يوسف أن وجوب الجزاء لمكان النقصان ، وقد زال فيزول الضمان كما لو قلع سن ظبي لم يثغر . ولأبي حنيفة