ولو فإن كان ممسكا إياه بيده فعليه إرساله ; ليعود به إلى الأمن الذي استحقه بالإحرام ، فإن لم يرسله حتى هلك في يده يضمن قيمته ، وإن أرسله إنسان من يده ضمن له قيمته في قول أصاب الحلال صيدا ثم أحرم ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف لا يضمن . ومحمد
وجه قولهما : إن الإرسال كان واجبا على المحرم حقا لله فإذا أرسله الأجنبي فقد احتسب بالإرسال فلا يضمن كما لو أخذه وهو محرم فأرسله إنسان من يده أنه أتلف صيدا مملوكا له فيضمن كما لو أتلف قبل الإحرام ، والدليل على أن الصيد ملكه أنه أخذه وهو حلال وأخذ الصيد من الحلال سبب لثبوت الملك ; لقوله صلى الله عليه وسلم { ولأبي حنيفة الصيد لمن أخذه } واللام للملك ، والعارض وهو الإحرام أثره في حرمة التعرض لا في زوال الملك بعد ثبوته .
وأما قولهما : إن المرسل احتسب بالإرسال ; لأنه واجب ، فنقول : الواجب هو الإرسال على وجه يفوت يده عن الصيد أصلا ورأسا أو على وجه يزيل يده الحقيقية عنه إن قالا على وجه يفوت يده أصلا ورأسا ممنوع وإن قالا على وجه يزيل يده الحقيقية عنه فمسلم لكن ذلك يحصل بالإرسال في بيته ، وإن أرسله في بيته فلا شيء عليه بخلاف ما إذا اصطاده وهو محرم فأرسله غيره من يده ; لأن الواجب على الصائد هناك إرسال الصيد على وجه يعود إليه به الأمن الذي استحقه بإحرامه .
وفي الإمساك في القفص أو في البيت لا يعود الأمن بخلاف المسألة الأولى ; لأن الصيد هناك ما استحق الأمن ، وقد أخذه وصار ملكا له ، وإنما يحرم عليه التعرض في حال الإحرام فيجب إزالة التعرض ، وذلك يحصل بزوال يده الحقيقية ، فلا يحرم عليه الإرسال في البيت أو في القفص ، والدليل على التفرقة بينهما في الفصل الأول لو أرسله ثم وجده بعد ما حل من إحرامه في يد آخر له أن يسترده منه ، وفي الفصل الثاني ليس له أن يسترده ، وإن كان الصيد في قفص معه أو في بيته لا يجب إرساله عندنا .
وعند يجب حتى أنه لو لم يرسله فمات لا يضمن عندنا وعنده يضمن ، والكلام فيه مبني على أن من أحرم وفي ملكه صيد لا يزول ملكه عنه عندنا وعنده يزول ، الصحيح قولنا لما بينا أنه كان ملكا له والعارض وهو حرمة التعرض لا يوجب زوال الملك ويستوي فيما يوجب الجزاء الرجل والمرأة والمفرد والقارن ، غير أن القارن يلزمه جزاءان عندنا ; لكونه محرما بإحرامين فيصير جانيا عليهما فيلزمه كفارتان ، وعند الشافعي لا يلزمه إلا جزاء واحد ; لكونه محرما بإحرام واحد . الشافعي