. ولا يجوز له أن يأكل من دم النذر شيئا
وجملة الكلام فيه أن الدماء نوعان نوع يجوز لصاحب الدم أن يأكل منه وهو دم المتعة والقران والأضحية ، وهدي التطوع إذا بلغ محله .
ونوع لا يجوز له أن يأكل منه وهو دم النذر والكفارات وهدي الإحصار وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله ; لأن الدم في النوع الأول دم شكر فكان نسكا فكان له أن يأكل منه ، ودم النذر دم صدقة وكذا دم الكفارة في معناه ; لأنه وجب تكفير الذنب .
وكذا دم الإحصار ; لوجود التحلل والخروج من الإحرام قبل أوانه ، وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله بمعنى القربة في التصدق به فكان دم صدقة ، وكل دم يجوز له أن يأكل منه لا يجب عليه التصدق بلحمه بعد الذبح ; لأنه لو وجب عليه التصدق به لما جاز أكله ; لما فيه من إبطال حق الفقراء ، وكل ما لا يجوز له أن يأكل منه يجب عليه التصدق به بعد الذبح ; لأنه إذا لم يجز له أكله ولا يتصدق به يؤدي إلى إضاعة المال .
وكذا لو هلك المذبوح بعد الذبح لا ضمان عليه في النوعين ; لأنه لا صنع له في الهلاك ، وإن استهلكه بعد الذبح ، فإن كان مما يجب عليه التصدق به يضمن قيمته فيتصدق بها ; لأنه تعلق به حق الفقراء فبالاستهلاك تعدى على حقهم فيضمن قيمته ويتصدق بها ; لأنها بدل أصل مال واجب التصدق به .
وإن كان مما لا يجب التصدق به لا يضمن شيئا ; لأنه لم يوجد منه التعدي بإتلاف حق الفقراء لعدم تعلق حقهم به .
ولو باع اللحم يجوز بيعه في النوعين جميعا ; لأن ملكه قائم إلا أن فيما لا يجوز له أكله ويجب عليه التصدق به يتصدق بثمنه ; لأن ثمنه مبيع واجب التصدق به ، لتعلق حق الفقراء به فيتمكن في ثمنه حنث فكان سبيله التصدق به والله تعالى أعلم .