( فصل ) :
ومنها أن لا تكون معتدة الغير لقوله تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } أي : ما كتب عليها من التربص ، ولأن بعض أحكام النكاح حالة العدم قائم فكان النكاح قائما من وجه .
والثابت [ ص: 269 ] من وجه كالثابت من كل وجه في باب الحرمات ; ولأنه لا يجوز التصريح بالخطبة في حال قيام العدة ، ومعلوم أن خطبتها بالنكاح دون حقيقة النكاح فما لم تجز الخطبة فلأن لا يجوز العقد أولى ، وسواء كانت العدة عن طلاق أو عن وفاة أو دخول في نكاح فاسد أو شبهة نكاح لما ذكرنا من الدلائل ، ويجوز لصاحب العدة أن يتزوجها إذا لم يكن هناك مانع آخر غير العدة ; لأن العدة حقه قال الله سبحانه وتعالى : { فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } أضاف العدة إلى الأزواج فدل أنها حق الزوج ، وحق الإنسان لا يجوز أن يمنعه من التصرف ، وإنما يظهر أثره في حق الغير ، ويجوز بغير السابي إذا سبيت وحدها دون زوجها وأخرجت إلى دار الإسلام بالإجماع ; لأنه وقعت الفرقة بينهما ولا عدة عليها لقوله عز وجل { نكاح المسبية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } والمراد منه المسبيات اللاتي هن ذوات الأزواج فقد أحل الله تعالى المسبية للمولى السابي إذ الاستثناء من التحريم إباحة من حيث الظاهر ، وقد أحلها عز وجل مطلقا من غير شرط انقضاء العدة فدل أنه لا عدة عليها ، وكذلك المهاجرة وهي المرأة خرجت إلينا من دار الحرب مسلمة مراغمة لزوجها يجوز نكاحها ، ولا عدة عليها في قول وقال أبي حنيفة أبو يوسف : عليها العدة ولا يجوز نكاحها ( وجه ) قولهما : إن الفرقة وقعت بتباين الدار فتقع بعد دخولها دار الإسلام وهي بعد الدخول مسلمة وفي دار الإسلام ، فتجب عليها العدة كسائر المسلمات ، ومحمد قوله تعالى : { ولأبي حنيفة يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات } إلى قوله عز وجل : { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن } أباح تعالى نكاح المهاجرة مطلقا من غير ذكر العدة وقوله تعالى : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } نهى الله تعالى المسلمين عن الإمساك والامتناع عن نكاح المهاجرة لأجل عصمة الزوج الكافر وحرمته ، فالامتناع عن نكاحها للعدة ، والعدة في حق الزوج يكون إمساكا وتمسكا بعصمة زوجها الكافر ، وهذا منهي عنه ، ولأن العدة حق من حقوق الزوج ولا يجوز أن يبقى للحربي على المسلمة الخارجة إلى دار الإسلام حق ، والدليل عليه أن لا عدة على المسبية ، وإن كانت كافرة على الحقيقة لكنها ليست في حكم الذمية تجري عليها أحكام الإسلام ، ومع ذلك ينقطع عنها حق الزوج الكافر ، فالمهاجرة المسلمة حقيقة لأن ينقطع عنها حق الزوج الكافر أولى هذا إذا هاجرت إلينا - وهي حائل - فأما إذا كانت حاملا ففيه اختلاف الرواية عن وسنذكرها إن شاء الله تعالى . أبي حنيفة