( فصل ) :
وأما الحرفة ، فقد ذكر أن الكرخي معتبرة عند الكفاءة في الحرف ، والصناعات ، فلا يكون الحائك كفئا للجوهري والصيرفي ، وذكر أن أبي يوسف بنى الأمر فيها على عادة أبا حنيفة العرب أن مواليهم يعملون هذه الأعمال لا يقصدون بها الحرف ، فلا يعيرون بها ، وأجاب على عادة أهل البلاد أنهم يتخذون ذلك حرفة ، فيعيرون بالدنيء من الصنائع ، فلا يكون بينهم خلاف في الحقيقة . أبو يوسف
وكذا ذكر القاضي في شرحه مختصر اعتبار الكفاءة في الحرفة ، ولم يذكر الخلاف ، فتثبت الكفاءة بين الحرفتين في جنس واحد كالبزاز مع البزاز ، والحائك مع الحائك ، وتثبت عند اختلاف جنس الحرف إذا كان يقارب بعضها بعضا كالبزاز مع الصائغ ، والصائغ مع العطار ، والحائك مع الحجام ، والحجام مع الدباغ ، ولا تثبت فيما لا مقاربة بينهما كالعطار مع البيطار ، والبزاز مع الخراز ، وذكر في بعض نسخ الجامع الصغير أن الكفاءة في الحرف معتبرة في قول الطحاوي ، وعند أبي حنيفة غير معتبرة إلا أن تكون فاحشة كالحياكة ، والحجامة والدباغة ، ونحو ذلك ; لأنها ليست بأمر لازم واجب الوجود ألا ترى أنه يقدر على تركها ، وهذا يشكل بالحياكة وأخواتها ، فإنه قادر على تركها ، ومع هذا يقدح في الكفاءة ، والله تعالى الموفق ، وأهل الكفر بعضهم أكفاء لبعض ; لأن اعتبار الكفاءة لدفع النقيصة ، ولا نقيصة أعظم من الكفر . أبي يوسف