( وأما ) فهو استقرار الحق فالشفيع إذا أتى بطلبين صحيحين استقر الحق على وجه لا يبطل بتأخير المطالبة بالأخذ بالشفعة أبدا حتى يسقطها بلسانه ، وهو قول حكم الطلب وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة ، وفي رواية أخرى قال : إذا ترك المخاصمة إلى القاضي في زمان يقدر فيه على المخاصمة بطلت شفعته ، ولم يوقت فيه وقتا . أبي يوسف
وروي عنه أنه قدره بما يراه القاضي ، وقال محمد رحمهما الله : إذا مضى شهر بعد الطلب ولم يطلب من غير عذر بطلت شفعته ، وهو رواية عن وزفر أيضا . أبي يوسف
( وجه ) قول محمد أن حق الشفعة ثبت لدفع الضرر عن الشفيع ، ولا يجوز دفع الضرر عن الإنسان على وجه يتضمن الإضرار بغيره ، وفي إبقاء هذا الحق بعد تأخير الخصومة أبدا إضرار بالمشتري ; لأنه لا يبني ولا يغرس خوفا من النقض والقلع فيتضرر به فلا بد من التقدير بزمان لئلا يتضرر به ، فقدرنا بالشهر ; لأنه أدنى الآجال ، فإذا مضى شهر ولم يطلب من غير عذر فقد فرط في الطلب فتبطل شفعته . وزفر
( وجه ) قول - عليه الرحمة - أن الحق للشفيع قد ثبت بالطلبين ، والأصل أن الحق متى ثبت لإنسان لا يبطل إلا بإبطال ولم يوجد ; لأن تأخير المطالبة منه لا يكون إبطالا كتأخير استيفاء القصاص وسائر الديون ، وقوله " يتضرر المشتري " ممنوع فإنه إذا علم أن للشفيع أن يأخذ بالشفعة فالظاهر أن يمتنع من البناء والغرس خوفا من النقض والقلع ، فلئن فعل فهو الذي أضر بنفسه فلا يضاف ذلك إلى الأخذ بالشفعة ; ولهذا لم يبطل حق الشفعة بغيبة الشفيع ولا يقال أن فيه ضررا بالمشتري بالامتناع من البناء والغرس لما قلنا ، كذا هذا . أبي حنيفة