وإن كان المشترى بعضه ممتازا عن البعض بأن فإن كان شفيعا لهما جميعا فليس له ذلك ولكن يأخذهما جميعا أو يدعهما ، وهذا قول اشترى دارين صفقة واحدة فأراد الشفيع أن يأخذ إحداهما دون الأخرى أصحابنا الثلاثة رضي الله تعالى عنهم وقال رحمه الله : له أن يأخذ إحداهما بحصتها من الثمن . زفر
( وجه ) قوله أن المانع من أخذ البعض دون البعض هو لزوم ضرر الشركة ولم يوجد ههنا لانفصال كل واحدة من الدارين عن الأخرى .
( ولنا ) أن الصفقة وقعت مجتمعة لأن المشتري ملك الدارين بقبول واحد فلا يملك الشفيع تفريقها كما في الدار الواحدة ، وقوله : " ليس فيه ضرر الشركة " مسلم لكن فيه ضرر آخر وهو أن الجمع بين الجيد والرديء في الصفقة معتاد فيما بين الناس فلو ثبت له حق أخذ أحدهما لأخذ الجيد فيتضرر له المشتري ; لأن الرديء لا يشترى وحده بمثل ما يشترى مع الجيد فيتضرر به وسواء كانت الداران متلاصقتين أو متفرقتين في مصر واحد أو مصرين فهو على الاختلاف لما ذكرنا من المعنى في الجانبين ، فإن كان الشفيع شفيعا لإحداهما دون الأخرى ووقع البيع صفقة واحدة فهل له أن يأخذ الكل بالشفعة ؟ روي عن أنه ليس له أن يأخذ إلا التي تجاوره بالحصة ، وكذا روي عن أبي حنيفة في الدارين المتلاصقين إذا كان الشفيع جارا لإحداهما أنه ليس له الشفعة إلا فيما يليه ، وكذا قال محمد في الأقرحة المتلاصقة ; وواحد منها يلي أرض إنسان وليس بين الأقرحة طريق ولا نهر إنما هي منساة أنه لا شفعة له إلا في القراح الذي يليه خاصة وكذلك في القرية إذا بيعت بدورها وأراضيها أن لكل شفيع أن يأخذ القراح الذي يليه خاصة ، وروى محمد الحسن عن رضي الله عنه أن للشفيع أن يأخذ الكل في ذلك كله بالشفعة قال أبي حنيفة : رواية الكرخي الحسن تدل على أن قول كان مثل قول أبي حنيفة رحمه الله ثم رجع عن ذلك فجعله كالدار الواحدة . محمد
( وجه ) الرواية الأولى أن سبب ثبوت الحق - وهو الجوار - وجد في أحدهما وهو ما يليه فلا يملك إلا أخذ أحدهما ، والصفقة - وإن وقعت مجتمعة ولكنها أضيفت إلى شيئين أحدهما ثبت فيه حق الشفعة والآخر لم يثبت فيه حق الشفعة فله أن يأخذ ما ثبت فيه الحق ; كما إذا اشترى عقارا أو منقولا صفقة واحدة أنه يأخذ العقار خاصة ، كذا هذا .
( وجه ) الرواية الأخرى أن سبب الوجوب - وإن وجد فيما يليه دون الباقي لكن لا سبيل إلى أخذه خاصة بدون الباقي لما فيه من تفريق الصفقة فيأخذ ما يليه قضية للسبب ويأخذ الباقي ضرورة التحرز عن تفريق الصفقة .