( ومنها ) أن يكون مسلما أو كتابيا فلا تؤكل أما ذبيحة أهل الشرك فلقوله تعالى { ذبيحة أهل الشرك والمجوسي والوثني وذبيحة المرتد وما أهل لغير الله } وقوله عز وجل { وما ذبح على النصب } أي للنصب وهي الأصنام التي يعبدونها .
وأما ذبيحة المجوس فلقوله عليه الصلاة والسلام { أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم } ولأن ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة من شرائط الحل عندنا لما نذكر ولم يوجد . سنوا بالمجوس سنة
وأما المرتد ; فلأنه لا يقر على الدين الذي انتقل إليه فكان كالوثني الذي لا يقر على دينه ولو كان المرتد غلاما مراهقا لا تؤكل ذبيحته عند أبي حنيفة وعند ومحمد تؤكل بناء على أن ردته صحيحة عندهما وعنده لا تصح ، وتؤكل ذبيحة أبي يوسف أهل الكتاب لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } والمراد منه ذبائحهم إذ لو لم يكن المراد ذلك لم يكن للتخصيص بأهل الكتاب معنى ; لأن غير الذبائح من أطعمة الكفرة مأكول ولأن مطلق اسم الطعام يقع على الذبائح كما يقع على غيرها ; لأنه اسم لما يتطعم والذبائح مما يتطعم فيدخل تحت إطلاق اسم الطعام فيحل لنا أكلها ويستوي فيه أهل الحرب منهم وغيرهم لعموم الآية الكريمة ، وكذا يستوي فيه نصارى بني تغلب وغيرهم ; لأنهم على دين النصارى إلا أنهم نصارى العرب فيتناولهم عموم الآية الشريفة .
وقال سيدنا رضي الله عنه : لا تؤكل علي نصارى العرب ; لأنهم ليسوا ذبائح بأهل الكتاب ، وقرأ قوله عز شأنه { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني } ، وقال رضي الله عنهما : تؤكل وقرأ قوله عز وجل { ابن عباس ومن يتولهم منكم فإنه منهم } والآية الكريمة التي تلاها سيدنا رضي الله عنه دليل على أنهم من علي أهل الكتاب ; لأنه قال عز وجل { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب } أي : من أهل الكتاب وكلمة من للتبعيض إلا أنهم يخالفون غيرهم من النصارى في بعض شرائعهم وذا يخرجهم عن كونهم نصارى كسائر النصارى .
فإن أهل الكتاب من الكفرة لا تؤكل ذبيحته ; لأن المسلم لو انتقل إلى ذلك الدين لا تؤكل ذبيحته فالكتابي أولى ، انتقل الكتابي إلى دين أهل الكتاب تؤكل ذبيحته والأصل أنه ينظر إلى حاله ودينه في وقت ذبيحته دون ما سواه وهذا أصل أصحابنا أن من انتقل من ملة يقر عليها يجعل كأنه من أهل تلك الملة من الأصل على ما ذكرنا في كتاب [ ص: 46 ] النكاح . ولو انتقل غير الكتابي من الكفرة إلى دين
أيهما كان الكتابي الأب أو الأم عندنا ، وقال والمولود بين كتابي وغير كتابي تؤكل ذبيحته : يعتبر الأب فإن كان كتابيا تؤكل وإلا فلا ، وقال مالك : لا تؤكل ذبيحته رأسا . الشافعي
والصحيح قولنا ; لأن جعل الولد تبعا للكتابي منهما أولى ; لأنه خيرهما دينا بالنسبة فكان باتباعه إياه أولى .
وأما الصابئون فتؤكل ذبائحهم في قول رضي الله عنه وعند أبي حنيفة أبي يوسف لا تؤكل واختلاف الجواب لاختلاف تفسيرهم في ومحمد الصابئين أنهم ممن هم وقد ذكرنا ذلك في كتاب النكاح ثم إنما ; لأنه إذا لم يسمع منه شيئا يحمل على أنه قد سمى الله تبارك وتعالى وجرد التسمية تحسينا للظن به كما بالمسلم ، تؤكل ذبيحة الكتابي إذا لم يشهد ذبحه ولم يسمع منه شيء أو سمع وشهد منه تسمية الله تعالى وحده المسيح عليه الصلاة والسلام قالوا : تؤكل ; لأنه أظهر تسمية هي تسمية المسلمين إلا ولو سمع منه ذكر اسم الله تعالى لكنه عنى بالله عز وجل فلا تحل . إذا نص فقال : بسم الله الذي هو ثالث ثلاثة
وقد روي عن سيدنا رضي الله عنه أنه سئل عن علي أهل الكتاب وهم يقولون ما يقولون فقال : رضي الله عنه قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون فأما إذا ذبائح المسيح عليه الصلاة والسلام وحده أو سمى الله سبحانه وتعالى وسمى المسيح لا تؤكل ذبيحته كذا روى سيدنا سمع منه أنه سمى رضي الله عنه ولم يرو عن غيره خلافه فيكون إجماعا ولقوله عز وجل { علي وما أهل لغير الله } وهذا أهل لغير الله عز وجل به فلا يؤكل ومن أكلت ذبيحته ممن ذكرنا أكل صيده الذي صاده بالسهم أو بالجوارح ومن لا فلا ; لأن أهلية المذكي شرط في نوعي الذكاة الاختيارية والاضطرارية جميعا .