وأما . الذي يرجع إلى آلة الذكاة
( فمنها ) : أن يكون ما يصطاد به من الجوارح من الحيوانات من ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير معلما ; لقوله تعالى { وما علمتم من الجوارح } معطوفا على قوله سبحانه وتعالى { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } أي أحل لكم الطيبات وأحل لكم ما علمتم من الجوارح أي الاصطياد بما علمتم من الجوارح كأنهم سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عما يحل لهم الاصطياد به من الجوارح أيضا مع ما ذكر في بعض القصة أن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بقتل الكلاب أتاه ناس فقالوا : ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ؟ فنزل قوله تعالى جل شأنه { يسألونك } الآية .
ففي الآية الكريمة اعتبار الشرطين وهما الجرح والتعليم حيث قال عز شأنه { وما علمتم من الجوارح } ; لأن الجوارح هي التي تجرح مأخوذ من الجرح ، وقيل : الجوارح الكواسب ، قال الله عز شأنه { ويعلم ما جرحتم بالنهار } أي كسبتم والحمل على الأول أولى ; لأنه حمل على المعنيين ; لأنها بالجراحة تكسب وقوله تعالى { مكلبين } قرئ بالخفض والنصب ، وقيل : بالخفض صاحب الكلب يقال : كلاب ومكلب ، وبالنصب الكلب المعلم ، وقيل : المكلبين بالخفض الكلاب التي يكالبن الصيد أي يأخذنه عن شدة فالكلب هو الآخذ عن شدة ، ومنه الكلوب للآلة التي يؤخذ بها الحديد ، وقوله : جلت عظمته { تعلمونهن } أي تعلمونهن ليمسكن الصيد لكم ولا يأكلن منه وهذا حد التعليم في الكلب عندنا على ما نذكره إن شاء الله تعالى فدلت الآية الكريمة على أن كون الكلب معلما شرط لإباحة أكل صيده فلا يباح أكل صيد غير المعلم .
وإذا ثبت هذا الشرط في الكلب بالنص ثبت في كل ما هو في معناه من كل ذي ناب من السباع كالفهد وغيره مما يحتمل التعلم بدلالة النص ; لأن فعل الكلب إنما يضاف إلى المرسل بالتعليم إذ المعلم هو الذي يعمل لصاحبه فيأخذ لصاحبه ويمسك على صاحبه فكان فعله مضافا إلى صاحبه فأما غير المعلم فإنما يعمل لنفسه لا لصاحبه فكان فعله مضافا إليه لا إلى المرسل لذلك شرط كونه معلما ثم لا بد من معرفة حد التعليم في الجوارح من ذي الناب كالكلب ونحوه وذي المخلب كالبازي ونحوه .