ولو يمسك بعض ماله ويمضي الباقي ; لأنه أضاف الهدي والصدقة إلى جميع ما يملكه فيتناول كل جنس من جنس أمواله ، ويتناول القليل والكثير إلا أنه يمسك بعضه ; لأنه لو تصدق بالكل لاحتاج إلى أن يتصدق عليه فيتضرر بذلك ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : { قال ما أملك هدي أو قال ما أملك صدقة } فكان له أن يمسك مقدار ما يعلم أنه يكفيه إلى أن يكتسب ، فإذا اكتسب مالا تصدق بمثله ; لأنه انتفع به مع كونه واجب الإخراج عن ملكه لجهة الصدقة ، فكان عليه عوضه ، كمن أنفق ماله بعد وجوب الزكاة عليه . ابدأ بنفسك ثم بمن تعول
فهذا على الأموال التي فيها الزكاة من الذهب والفضة وعروض التجارة والسوائم ، ولا يدخل فيه ما لا زكاة فيه ، فلا يلزم أن يتصدق بدور السكنى وثياب البدن والأثاث والعروض التي لا يقصد بها التجارة والعوامل وأرض الخراج ; لأنه لا زكاة فيها ، ولا فرق بين مقدار النصاب وما دونه ; لأنه مال الزكاة . ولو قال مالي صدقة
ألا ترى أنه إذا انضم إليه غيره تجب فيه الزكاة ، ويعتبر فيه الجنس لا القدر ؟ ولهذا قالوا : أنه يلزمه أن يتصدق به ; لأنه جنس مال تجب فيه الزكاة وإن لم تكن واجبة ، فإن قضى دينه به لزمه التصدق بمثله لما ذكرنا فيما تقدم ، وهذا الذي ذكرنا استحسان والقياس أن يدخل فيه جميع الأموال كما في فصل الملك ; لأن المال اسم لما يتمول كما أن الملك اسم لما يملك ، فيتناول جميع الأموال كالملك . إذا نذر أن يتصدق بماله وعليه دين محيط
( وجه ) الاستحسان أن النذر يعتبر بالأمر ; لأن الوجوب في الكل بإيجاب الله - جل شأنه - وإنما وجد من العبد مباشرة السبب الدال على إيجاب الله تعالى ، ثم الإيجاب المضاف إلى المال من الله - تعالى - في الأمر وهو الزكاة في قوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } ، وقوله - عز شأنه - : { وفي أموالهم حق معلوم } ونحو ذلك تعلق بنوع دون نوع فكذا في النذر وقد قال رحمه الله : قياس قول أبو يوسف - عليه الرحمة - أبي حنيفة يحنث ; لأن إطلاق اسم المال لا يتناول ذلك ، وقال إذا حلف لا يملك مالا ، ولا نية ، له وليس له مال تجب فيه الزكاة ولا أحفظ عن أبو يوسف إذا نوى بهذا النذر جميع ما يملك - داره تدخل في نذره ; لأن اللفظ يحتمله ، وفيه تشديد على نفسه ، وقال أبي حنيفة : ويجب عليه أن يتصدق بما دون النصاب ولا أحفظه عن أبو يوسف رحمه الله والوجه ما ذكرنا . أبي حنيفة
تصدق بها في قولهم ; لأن هذا مما يتعلق به حق الله - تعالى - وهو العشر وقال وإذا كانت له ثمرة عشرية أو غلة عشرية رحمه الله تعالى لا تدخل الأرض في النذر ، وقال أبو حنيفة : يتصدق بها أبو يوسف أنها من جملة الأموال النامية التي يتعلق حق الله - تعالى - بها فتدخل في النذر ، لأبي يوسف رضي الله عنه أن حق الله - تعالى - لا يتعلق بها ، وإنما يتعلق بالخارج منها فلا تدخل . ولأبي حنيفة