( فصل ) :
وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع فلوجوبها كيفيتان : إحداهما أن بعضها واجب على التعيين مطلقا ، وبعضها على التخيير مطلقا ، وبعضها على التخيير في حال والتعيين في حال .
( أما ) الأول فكفارة القتل والظهار والإفطار ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=23618الواجب في كفارة القتل التحرير على التعيين ، لقوله عز شأنه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } إلى قوله جل شأنه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين }
nindex.php?page=treesubj&link=12162_12139_12138_12132_23396والواجب في كفارة الظهار والإفطار ما هو الواجب في كفارة القتل وزيادة الإطعام إذا لم يستطع الصيام ، لقوله عز شأنه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } ، وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=12162_12139_12138_12132_23396الواجب في كفارة الإفطار لما روينا من الحديث .
( وأما ) الثاني
nindex.php?page=treesubj&link=3438_3787فكفارة الحلق لقوله عز شأنه {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } .
وأما الثالث فهو
nindex.php?page=treesubj&link=26927كفارة اليمين لأن الواجب فيها أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلا غير عين ، وخيار التعيين إلى الحالف يعين أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلا ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في
nindex.php?page=treesubj&link=20522الأمر بأحد الأشياء أنه يكون أمرا بواحد منها غير عين ، وللمأمور خيار التعيين وقالت المعتزلة يكون أمرا بالكل على سبيل البدل .
وهذا الاختلاف بناء على أصل مختلف بيننا وبينهم معروف يذكر في أصول الفقه ، والصحيح قولنا ، لأن كلمة " أو " إذا دخلت بين أفعال - يراد بها واحد منها لا الكل في الإخبار والإيجاب جميعا ، يقال جاءني زيد أو عمرو ويراد به مجيء أحدهما ، ويقول الرجل لآخر بع هذا أو هذا ويكون توكيلا ببيع أحدهما ، فالقول بوجوب الكل يكون عدولا عن مقتضى اللغة ، ولدلائل أخر عرفت في أصول الفقه فإن لم يجد شيئا من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام على التعيين لقوله عز شأنه {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم } .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا بَيَانُ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فَلِوُجُوبِهَا كَيْفِيَّتَانِ : إحْدَاهُمَا أَنَّ بَعْضَهَا وَاجِبٌ عَلَى التَّعْيِينِ مُطْلَقًا ، وَبَعْضَهَا عَلَى التَّخْيِيرِ مُطْلَقًا ، وَبَعْضَهَا عَلَى التَّخْيِيرِ فِي حَالٍ وَالتَّعْيِينِ فِي حَالٍ .
( أَمَّا ) الْأَوَّلُ فَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23618الْوَاجِبَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ التَّحْرِيرُ عَلَى التَّعْيِينِ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } إلَى قَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ }
nindex.php?page=treesubj&link=12162_12139_12138_12132_23396وَالْوَاجِبُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَزِيَادَةُ الْإِطْعَامِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الصِّيَامَ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } ، وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12162_12139_12138_12132_23396الْوَاجِبُ فِي كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ .
( وَأَمَّا ) الثَّانِي
nindex.php?page=treesubj&link=3438_3787فَكَفَّارَةُ الْحَلْقِ لِقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } .
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=26927كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا أَحَدُ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ بِاخْتِيَارِهِ فِعْلًا غَيْرَ عَيْنٍ ، وَخِيَارُ التَّعْيِينِ إلَى الْحَالِفِ يُعَيِّنُ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ بِاخْتِيَارِهِ فِعْلًا ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20522الْأَمْرِ بِأَحَدِ الْأَشْيَاءِ أَنَّهُ يَكُونُ أَمْرًا بِوَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرِ عَيْنٍ ، وَلِلْمَأْمُورِ خِيَارُ التَّعْيِينِ وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ يَكُونُ أَمْرًا بِالْكُلِّ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ .
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلِفٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مَعْرُوفٍ يُذْكَرُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا ، لِأَنَّ كَلِمَةَ " أَوْ " إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ أَفْعَالٍ - يُرَادُ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهَا لَا الْكُلُّ فِي الْإِخْبَارِ وَالْإِيجَابِ جَمِيعًا ، يُقَالُ جَاءَنِي زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو وَيُرَادُ بِهِ مَجِيءُ أَحَدِهِمَا ، وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِآخَرَ بِعْ هَذَا أَوْ هَذَا وَيَكُونُ تَوْكِيلًا بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا ، فَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْكُلِّ يَكُونُ عُدُولًا عَنْ مُقْتَضَى اللُّغَةِ ، وَلِدَلَائِلَ أُخَرَ عُرِفَتْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى التَّعْيِينِ لِقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } .