ولا بأس بدخول أهل الذمة المساجد عندنا وقال مالك رحمه الله والشافعي لا يحل لهم دخول المسجد الحرام احتج مالك رحمه الله بقوله عز وجل { إنما المشركون نجس } وتنزيه المسجد عن النجس واجب يحققه أنه يجب تنزيه المسجد عن بعض الطاهرات كالنخامة ونحوها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار } فعن النجاسة أولى واحتج الشافعي رحمه الله بقوله جل وعلا { فلا يقربوا المسجد بعد عامهم هذا } خص المسجد الحرام بالنهي عن قربانه فيدل على اختصاص حرمة الدخول به ليكون التخصيص مفيدا .
( ولنا ) أن المشركين من وفود العرب وغيرهم كانوا يدخلون المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روي أن أبا سفيان دخل المسجد عام الحديبية وكذا وفد ثقيف دخلوا المسجد { وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة من دخل المسجد فهو آمن } جعل عليه الصلاة والسلام المسجد مأمنا ودعاهم إلى دخوله وما كان عليه الصلاة والسلام ليدعو إلى الحرام ( وأما ) الآية الكريمة فالمراد أنهم نجس الاعتقاد والأفعال لا نجس الأعيان إذ لا نجاسة على أعيانهم حقيقة وقوله عز وجل { فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } نهي عن دخول مكة للحج لا عن دخول المسجد الحرام نفسه لقوله تعالى { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء } .
ومعلوم أن خوف العيلة إنما يتحقق بمنعهم عن دخول مكة لا عن دخول المسجد الحرام نفسه لأنهم إذا دخلوا مكة ولم يدخلوا المسجد الحرام لا يتحقق خوف العيلة ولما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سيدنا عليا رضي الله عنه ينادي ألا لا يحجن بعد هذا العام مشرك } فثبت أن هذا نهي عن دخول مكة للحج إلا أنه سبحانه وتعالى ذكر المسجد الحرام لما أن المقصد من إتيان مكة البيت والبيت في المسجد والله سبحانه وتعالى أعلم .


