الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو باع بثمن حال ، ثم أخر إلى الآجال المتقاربة جاز التأخير ، ولو أخر إلى الآجال المتفاحشة لم يجز ، والدين على حاله حال فرق بين التأجيل ، والتأخير ، ولم يجوز التأجيل إلى هذه الآجال أصلا ، وجوز التأخير إلى المتقارب منها ، ووجه الفرق : أن التأجيل في العقد جعل الأجل شرطا في العقد ، وجهالة الأجل المشروط في العقد ، وإن كانت متقاربة توجب فساد العقد ; لأنها تفضي إلى المنازعة ، فأما التأخير إلى الآجال المجهولة متقاربة فلا تفضي إلى المنازعة ; لأن الناس يؤخرون الديون إلى هذه الآجال عادة ، ومبنى التأخير على المسامحة ، فالظاهر أنهم يسامحون ، ولا ينازعون ، وما جرت العادة منهم بالتأخير إلى آجال تفحش جهالتها بخلاف التأجيل ; لأن ما جعل شرطا في البيع مبناه على المضايقة ، فالجهالة فيها وإن قلت تفضي إلى المنازعة ; ولهذا لا يجوز البيع إلى الآجال المتقاربة ، وجازت الكفالة إليها ; لأن مبنى الكفالة على المسامحة ، فإن المكفول له لا يضيق الأمر على الكفيل عادة ; لأن له سبيل الوصول إلى الدين من جهة الأصيل فالتأجيل إليها لا يفضي إلى المنازعة بخلاف البيع ، فإن الجهالة في باب البيع مفضية إلى المنازعة فكانت مفسدة للبيع .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية