( فصل ) :
وأما فرأس المال ما لزم المشتري بالعقد لا ما نقده بعد العقد ; لأن المرابحة بيع بالثمن الأول ، والثمن الأول هو ما وجب بالبيع فأما ما نقده بعد البيع فذلك وجب بعقد آخر ، وهو الاستبدال فيأخذ من المشتري الثاني الواجب بالعقد لا المنقود بعده ، وكذلك التولية ، وبيان هذا الأصل إذا بيان رأس المال ; لأن العشرة هي التي وجبت بالعقد وإنما الدينار أو الثوب بدل الثمن الواجب ، وكذلك لو اشترى ثوبا بعشرة دراهم ونقد مكانها دينارا أو ثوبا فرأس المال هو العشرة لا الدينار والثوب فعلى المشتري نقد الجياد لما قلنا ولو اشترى ثوبا بعشرة دراهم جياد ونقد مكانها الزيوف وتجوز بها البائع الأول فإن ذكر الربح مطلقا بأن قال : أبيعك بالثمن الأول وربح درهم كان على المشتري الثاني عشرة من جنس ما نقد ، والربح من دراهم نقد البلد ; لأن المرابحة بيع بالثمن الأول . اشترى ثوبا بعشرة هي خلاف نقد البلد ثم باعه مرابحة
والثمن الأول هو الواجب بالعقد الأول وهو عشرة ، وهي خلاف نقد البلد فيجب بالعقد الثاني مثلها ، والربح من نقد البلد ; لأنه أطلق الربح وما أضافه إلى رأس المال ، والمطلق ينصرف إلى المتعارف وهو نقد البلد ، وإن أضاف الربح إلى العشرة بأن قال : أبيعك بربح العشرة أو بربح ده يازده فالعشرة والربح من جنس الثمن الأول أما إذا قال : بربح العشرة فلأنه أضاف الربح إلى تلك العشرة إذا كان من جنسها .
وأما إذا قال : بربح ده يازده فلأنه جعل الربح جزءا من العشرة فكان من جنسها ضرورة وعلى هذا يخرج ما إذا أنه يبيعه مرابحة وتولية على الأصل والزيادة جميعا ; لأن الزيادة تلتحق بأصل العقد فيصير في التقدير كأن العقد على الأصل والزيادة جميعا فكان الأصل مع الزيادة رأس المال لوجوبهما بالعقد تقديرا فيبيعه مرابحة عليهما . زاد المشتري البائع الأول في الثمن الأول وقبل
وكذا لو فإنه يبيعه مرابحة على الثاني بعد الحط ; لأن الحط أيضا يلتحق بأصل العقد فكان الباقي بعد الحط رأس المال وهو الثمن الأول فيبيعه مرابحة عليه ولو حط البائع الأول عن المشتري بعض الثمن حط المشتري الأول ذلك القدر عن المشتري الثاني مع حصته من الربح لما ذكرنا أن الحط يلتحق بأصل العقد فيصير رأس المال . حط البائع الأول عن المشتري بعد ما باعه المشتري
وهو الثمن الأول ما وراء قدر المحطوط فيحط المشتري الأول عن المشتري الثاني ذلك القدر ويحط حصته من الربح أيضا ; لأن قدر الربح ينقسم على جميع الثمن ، فإذا حط شيئا من ذلك الثمن لا بد من حط حصته من الربح بخلاف ما إذا باع مساومة ثم حط عن المشتري الأول شيئا من الثمن أنه لا يحط ذلك عن المشتري الثاني ; لأن الثمن الأول أصل في بيع المرابحة ولا عبرة به في بيع المساومة ألا ترى أنه لو مساومة انقسم الثمن عليهما على القيمة نصفين ؟ ولو باعهما مرابحة أو تولية انقسم الثمن عليهما على قدر الثمن الأول أثلاثا لا على قدر القيمة دل أن الأول أصل في بيع المرابحة ولا عبرة به في بيع المساومة فالحط عن الثمن الأول في بيع المرابحة يوجب الحط عن الثمن الثاني ولا يوجب في المساومة ، وهذا الذي ذكرنا على أصل اشترى عبدين قيمتهما سواء أحدهما بألف والآخر بخمسمائة ثم باعهما أصحابنا الثلاثة ; لأن الزيادة على الثمن تلتحق بأصل العقد وكذا الحط عنه ويصير كأن العقد في الابتداء وقع على هذا القدر [ ص: 223 ]
( فأما ) على أصل زفر فالزيادة والحط كل واحد منهما لا يصح زيادة في الثمن وحطا عنه ، وإنما يصح هبة مبتدأة ، والمسألة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى . والشافعي