( وأما ) فالتسليم ، والقبض عندنا هو التخلية ، والتخلي وهو أن يخلي البائع بين المبيع وبين المشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البائع مسلما للمبيع ، والمشتري قابضا له ، وكذا تسليم الثمن من المشتري إلى البائع ، وقال تفسير التسليم ، والقبض رحمه الله : القبض في الدار والعقار والشجر بالتخلية . الشافعي
وأما في الدراهم والدنانير فتناولهما بالبراجم ، وفي الثياب بالنقل ، وكذا في الطعام إذا اشتراه مجازفة فإذا اشتراه مكايلة فبالكيل ، وفي العبد والبهيمة بالسير من مكانه .
( وجه ) قوله أن الأصل في القبض هو الأخذ بالبراجم ; لأنه القبض حقيقة إلا أن فيما لا يحتمل الأخذ بالبراجم أقيم النقل مقامه فيما يحتمل النقل وفيما لا يحتمله أقيم التخلية مقامه .
( ولنا ) أن التسليم في اللغة عبارة عن جعله سالما خالصا يقال : سلم فلان لفلان أي خلص له ، وقال - الله تعالى - { ورجلا سلما لرجل } أي سالما خالصا لا يشركه فيه أحد فتسليم المبيع إلى المشتري هو جعل المبيع سالما للمشتري أي : خالصا له بحيث لا ينازعه فيه غيره ، وهذا يحصل بالتخلية فكانت التخلية تسليما من البائع ، والتخلي قبضا من المشتري ، وكذا هذا في تسليم الثمن إلى البائع ; لأن التسليم واجب ، ومن عليه الواجب لا بد وأن يكون له سبيل الخروج عن عهدة ما وجب عليه ، والذي في وسعه هو التخلية ورفع الموانع ، فأما الإقباض فليس في وسعه ; لأن القبض بالبراجم فعل اختياري للقابض ، فلو تعلق وجوب التسليم به لتعذر عليه الوفاء بالواجب ، وهذا لا يجوز .