ولو اختلف فيه قال أصحابنا : لا يكون له بل الغرماء كلهم أسوة فيه فيباع ، ويقسم ثمنه بينهم بالحصص ، وقال قبض المشتري المبيع بإذن البائع ثم أفلس أو مات قبل نقد الثمن أو بعد ما نقد منه شيئا ، وعليه ديون لأناس شتى هل يكون البائع أحق به من سائر الغرماء ؟ رحمه الله : البائع أحق به ، وإن لم يكن قبضه حتى أفلس أو مات فإن كان الثمن مؤجلا فهو على هذا الاختلاف ، وإن كان حالا فالبائع أحق به بالإجماع احتج الشافعي بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الشافعي } وهذا نص في الباب ، ولأن العجز عن تسليم المبيع يوجب حق الفسخ للمشتري بالإجماع فإن إذا أفلس المشتري فوجد البائع متاعه عنده فهو أحق به للمشتري أن يفسخ البيع ، والعجز عن تسليم الثمن يوجب الفسخ للبائع أيضا ; لأن البيع عقد معاوضة ، ومبنى المعاوضات على المساواة . من باع عبدا فأبق قبل القبض أو غصب أو كانت دابة فضلت
( ولنا ) : ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { } ، وهذا نص ، وهو عين مذهبنا ، ولأن البائع لم يكن له حق حبس المبيع حال كون المشتري حيا مليا فلا يكون أحق بثمنه بعد موته ، وإفلاسه ; لأن الثمن بدل المبيع قائم مقامه ، واعتبار الثمن بالمبيع غير سديد ; لأن بينهما مفارقة في الأحكام ألا ترى : أن ملك المبيع شرط جواز العقد ، وملك الثمن ليس شرطا ؟ فإنه لو اشترى شيئا بدراهم لا يملكها جاز ، ولو باع شيئا لا يملكه لا يجوز ، وكذا لا يجوز من باع بيعا فوجده ، وقد أفلس الرجل فهو ماله بين غرمائه ، التصرف في المبيع المنقول قبل القبض جائز ، وغير ذلك من الأحكام فكان اعتبار الثمن بالمبيع على الإطلاق فاسدا ، والحديث محمول على ما إذا قبض المبيع بغير إذن البائع ، وعندنا : البائع أحق به في هذه الحالة إلا أنه ذكر الإفلاس ، وإن كان حق الاسترداد لا يتقيد به ; لأن المليء يتمكن من دفع الاسترداد بنقد الثمن ، والمفلس لا يتمكن من ذلك فكان ذكر الإفلاس مقيدا فحملناه على ما قلنا توفيقا بين الدلائل ، والله - عز وجل - الموفق . والتصرف في الثمن قبل القبض