الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) البيع الذي فيه خيار فلا يمكن معرفة حكمه إلا بعد معرفة .

                                                                                                                                أنواع الخيارات فنقول وبالله التوفيق : الخيارات نوعان : نوع يثبت شرطا ، ونوع يثبت شرعا لا شرطا ، والشرط لا يخلو إما أن يثبت نصا ، وإما أن يثبت دلالة .

                                                                                                                                ( أما ) الخيار الثابت بالشرط فنوعان : أحدهما يسمى خيار التعيين ، والثاني خيار الشرط .

                                                                                                                                ( أما ) خيار التعيين : فالكلام فيه في جواز البيع الذي فيه خيار التعيين ، قد ذكرناه في موضعه ، وإنما الحاجة ههنا إلى .

                                                                                                                                بيان حكم هذا البيع ، وإلى بيان صفة الحكم ، وإلى بيان ما يبطل به الخيار بعد ثبوته ويلزم ( أما ) الأول : فحكمه ثبوت الملك للمشتري في أحد المذكورين غير عين وخيار التعيين إليه ، عرف ذلك بنص كلامهما حيث قال البائع : بعت منك أحد هذين الثوبين أو هذين العبدين أو الدابتين أو غيرهما من الأشياء المتفاوتة على أن تأخذ أيهما شئت وقبل المشتري ، وهذا يوجب ثبوت الملك للمشتري في أحدهما وثبوت خيار التعيين له ، والآخر يكون ملك البائع أمانة في يده إذا قبضه ; لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه التمليك ولا على وجه الثبوت فكان أمانة ، وليس للمشتري أن يأخذهما جميعا ; لأن المبيع أحدهما ، ولو هلك أحدهما قبل القبض لا يبطل البيع ; لأنه يحتمل أن يكون الهالك هو المبيع فيبطل البيع بهلاكه ، ويحتمل أن يكون غيره فلا يبطل ، والبيع قد صح بيقين ووقع الشك في بطلانه فلا يبطل بالشك ، ولكن المشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بثمنه وإن شاء ترك ; لأن المبيع قد تغير قبل القبض بالتعيين فيوجب الخيار .

                                                                                                                                وكذلك لو كان اشترى أحد الأثواب الثلاثة فهلك واحد منها وبقي اثنان لا يبطل البيع لما قلنا ، وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء ; لأن المالك إذا لم يعين المبيع كان المبيع أحد الباقين فكان له أن يأخذ أيهما شاء وله أن يتركهما كما لو اشترى أحدهما من الابتداء ، ولو هلك الكل قبل القبض بطل البيع ; لأن المبيع قد هلك بيقين فيبطل البيع والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية