[ ص: 263 ] فأما ) إذا فإن المشتري لا يملك واحدا منهما قبل القبض ; لأن البيع الفاسد لا يفيد الملك قبل القبض ، فإن قبضهما ملك أحدهما ملكا فاسدا ، وأيهما هلك لزمته قيمته ; لأنه تعين للبيع ، والبيع الفاسد يوجب الملك بالقيمة ، ولو هلكا فإن كان على التعاقب لزمته قيمة الهالك الأول ; لأنه تعين للبيع وأنه بيع فاسد فيفيد الملك بالقيمة ، وإن هلكا معا لزمه نصف قيمة كل واحد منهما ; لأنه ليس أحدهما بتعيينه للبيع أولى من الآخر فشاع البيع فيهما ، ولو تعيب أحدهما فعليه أن يردهما جميعا ، أما غير المعيب ; فلأنه أمانة . اشترى أحدهما شراء فاسدا بأن قال البائع : بعت منك أحد هذين العبدين بكذا ولم يذكر الخيار أصلا
وأما المعيب ; فلأنه تعين للبيع والمشتري شراء فاسدا واجب الرد فيردهما ويرد معهما نصف نقصان العيب ; لأن المتعيب يحتمل أن يكون هو المبيع فيجب نقصان العيب ، ويحتمل أن يكون هو الأمانة فلا يجب شيء ، ولا دلالة على التعيين فيتنصف الواجب ولو تعيب الآخر بعد ذلك .
وكذا الجواب في نقصان الآخر ; لأن أحدهما أمانة والآخر مضمون بالقيمة ولو تعيبا معا ، فكذلك يردهما مع نصف نقصان كل واحد منهما ; لأن أحدهما ليس بأولى من الآخر في التعيين للبيع ، ولو تصرف المشتري في أحدهما يجوز تصرفه فيه ولزمته قيمته ولا يجوز تصرفه في الآخر بعد ذلك ; لأن المتصرف فيه تعين للبيع ولو تصرف البائع في أحدهما فتصرفه موقوف إن رد ذلك عليه نفذ تصرفه فيه ; لأنه تبين أنه تصرف في ملك نفسه ، وإن لم يرد عليه وتصرف فيه المشتري نفذ تصرفه فيه ولزمته قيمته وبطل تصرف البائع فيه ، وكذلك إذا هلك في يد المشتري ، والأصل أن في كل موضع يلزم المشتري الثمن في البيع الصحيح تلزمه القيمة في البيع الفاسد والله عز وجل أعلم .
هذا إذا كان الخيار للمشتري ، أما إذا كان الخيار للبائع فلا يزول أحدهما عن ملكه بنفس البيع ، وله أن يلزم المشتري أي ثوب شاء قبضه للخيار ، وليس للمشتري خيار الترك ; لأن البيع بات في جانبه ، وللبائع أن يفسخ البيع ; لأنه غير لازم ، وليس للبائع أن يلزمهما المشتري ; لأن المبيع أحدهما ، ولو هلك أحدهما قبل القبض لا يبطل البيع ويهلك أمانة لما ذكرنا في خيار المشتري ، وخيار البائع على حاله إن شاء ألزم المشتري الباقي منهما ; لأنه تعين للبيع ، وإن شاء فسخ البيع فيه ; لأنه غير لازم ، وليس له أن يلزمه الهالك ; لأنه هلك أمانة ، وإن هلكا جميعا قبل القبض بطل البيع بهلاك المبيع قبل القبض بيقين ، وإن هلك أحدهما بعد القبض كان الهالك أمانة أيضا كما لو هلك قبل القبض وألزمه الباقي منهما إن شاء وإن شاء فسخ البيع فيه ; لأن خيار البائع يمنع زوال السلعة عن ملكه فيهلك على ملك البائع وله الخيار لما قلنا ، وإن هلكا جميعا فإن كان هلاكهما على التعاقب فالأول يهلك أمانة وعليه قيمة آخرهما هلاكا ; لأنه تعين للبيع ، وأنه مبيع هلك في يد المشتري وفيه خيار للبائع فتجب قيمته .
وإن هلكا معا لزمه نصف قيمة كل واحد منهما ; لأنه ليس أحدهما بالتعيين أولى من الآخر ، ولو تعيب أحدهما أو تعيبا معا قبل القبض أو بعده فخيار البائع على حاله ; لأن المعيب لم يتعين للعيب لانعدام المعين فكان البائع على خياره له أن يلزم المشتري أيهما شاء كما قبل التعيب ، ثم إذا لزمه أحدهما ينظر إن كان ذلك غير المتعيب منهما لزمه ما لزمه ولا خيار للمشتري في تركه لانعدام التعيين فيه ، وإن كان ما لزمه هو المتعيب فإن تعيب قبل القبض فالمشتري بالخيار ; لأن المبيع قد تغير قبل القبض ، يوجب الخيار للمشتري ، وإن تعيب بعد القبض فلا خيار له ; لأن التعيب بعد القبض لا يثبت الخيار ، وإن شاء البائع فسخ البيع واستردهما ; لأن البيع غير لازم فله ولاية الفسخ ، ثم ينظر إن كان تعيبهما في يد البائع فلا شيء له ; لأنهما تعيبا لا في ضمان المشتري . وتغير المبيع قبل القبض
وإن كان تعيبهما في يد المشتري فللبائع أن يأخذ من المشتري نصف نقصان كل واحد منهما ; لأن أحدهما مضمون عنده بالقيمة والآخر عنده أمانة ولا يعلم أحدهما من الآخر ، ولا يجوز للمشتري أن يتصرف فيهما أو في أحدهما ; لأن أحدهما ليس بمبيع بيقين والآخر مبيع لكن لبائعه فيه خيار ، وخيار البائع يمنع زوال المبيع عن ملكه ، ولو تصرف البائع في أحدهما جاز تصرفه فيه ويتعين الآخر للبيع ، وله خيار الإلزام فيه والفسخ ولو تصرف فيهما جميعا جاز تصرفه فيهما ويكون فسخا للبيع ; لأن تصرفه فيهما دليل إقرار الملك فيهما فيضمن فسخ البيع كما في المبيع المعين والله عز وجل أعلم .