الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو اشترى دهنا في قارورة فرأى خارج القارورة فعن محمد روايتان : روى ابن سماعة عنه أنه [ ص: 295 ] لا خيار له ; لأن الرؤية من الخارج تقيد العلم بالداخل ، فكأنه رآه وهو خارج .

                                                                                                                                وروي عنه أن له الخيار ; لأن العلم بما في داخل القارورة لا يحصل بالرؤية من خارج القارورة ; لأن ما في الداخل يتلون بلون القارورة فلا يحصل المقصود من هذه الرؤية ، وقالوا في المشتري إذا رأى المبيع في المرآة : إن له الخيار ، وكذا في الماء .

                                                                                                                                وقالوا : لأنه لم ير عينه ، وإنما رأى مثاله ، والصحيح أنه رأى عين المبيع لا إن غير المبيع في المرآة والماء بل يراه حيث هو لكن لا على الوجه المعتاد بخلق الله - تعالى - فيه الرؤية ، وهذا ليس ببعيد ; لأن المقابلة ليست من شرط الرؤية فإنا نرى الله - تعالى عز شأنه - بلا مقابلة ، ولكن قد لا يحصل له العلم بهيئته لتفاوت المرآة فيعلم بأصله لا بهيئته فلذلك يثبت له الخيار لا لما قالوا ، والله - عز وجل - أعلم على أن في العرف لا يشتري الإنسان شيئا لم يره ليراه في المرآة أو في الماء ليحصل له العلم بهذا الطريق ، فلا تكون رؤيته في المرآة ، وإن رأى عينه مسقطة للخيار ، وعلى هذا قالوا فيمن رأى فرج أم امرأته في الماء ، أو في المرآة فنظر إليه بشهوة لا تثبت له حرمة المصاهرة ، وكذا لا يصير مراجعا للمرأة المطلقة طلاقا رجعيا لما قلنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية