وأما بيان أن
nindex.php?page=treesubj&link=15974_15975العدالة شرط قبول أصل الشهادة وجودا ، أم شرط القبول مطلقا وجوبا ووجودا ، فقد اختلف فيه ، قال أصحابنا - رحمهم الله - : إنها شرط القبول للشهادة وجودا على الإطلاق ووجوبا لا شرط أصل القبول حتى يثبت القبول بدونه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - عليه الرحمة - : إنها شرط أصل القبول لا يثبت القبول أصلا دونها ، حتى إن القاضي لو تحرى الصدق في شهادة الفاسق يجوز له قبول شهادته ، ولا يجوز القبول من غير تحر بالإجماع .
وكذا لا يجب عليه القبول بالإجماع ، وله أن يقبل شهادة العدل من غير تحر ، وإذا شهد يجب عليه القبول ، وهذا هو الفصل بين شهادة العدل وبين شهادة الفاسق عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - عليه الرحمة - لا يجوز للقاضي أن يقضي بشهادة الفاسق أصلا ، وكذا ينعقد النكاح بشهادة الفاسقين عندنا ، وعنده لا ينعقد .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - أن
nindex.php?page=treesubj&link=15975_11249_11250_15970مبنى قبول الشهادات على الصدق ، ولا يظهر الصدق إلا بالعدالة ; ; لأن خبر من ليس بمعصوم عن الكذب يحتمل الصدق
[ ص: 271 ] والكذب ، ولا يقع الترجيح إلا بالعدالة ، واحتج في انعقاد النكاح بقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31084لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل } .
( ولنا ) عمومات قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا شهيدين من رجالكم } وقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31083لا نكاح إلا بشهود } والفاسق شاهد لقوله سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ممن ترضون من الشهداء } قسم الشهود إلى مرضيين وغير مرضيين ، فيدل على كون غير المرضي - وهو الفاسق - شاهدا ; ولأن حضرة الشهود في باب النكاح لدفع تهمة الزنا - لا للحاجة إلى شهادتهم عند الجحود والإنكار ; ; لأن النكاح يشتهر بعد وقوعه - فيمكن دفع الجحود والإنكار بالشهادة بالتسامع ، والتهمة تندفع بحضرة الفاسق فينعقد النكاح بحضرتهم .
وأما قوله : " الركن في الشهادة هو صدق الشاهد " فنعم ، لكن الصدق لا يقف على العدالة لا محالة ، فإن من الفسقة من لا يبالي بارتكابه أنواعا من الفسق ، ويستنكف عن الكذب ، والكلام في فاسق تحرى القاضي الصدق في شهادته فغلب على ظنه صدقه - ولو لم يكن كذلك - لا يجوز القضاء بشهادته عندنا .
وأما الحديث فقد روي عن بعض نقلة الحديث أنه قال : لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يثبت ، فلا حجة له فيه بل هو حجة عليه ; لأنه ليس فيه جعل العدالة صفة للشاهد ; ; لأنه لو كان كذلك لقال : لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين ، بل هذا إضافة الشاهدين إلى العدل ، وهو كلمة التوحيد فكأنه قال عليه الصلاة والسلام لا نكاح إلا بولي مقابلي كلمة العدل ، وهي كلمة الإسلام ، والفاسق مسلم فينعقد النكاح بحضرته ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=15989أن لا يكون محدودا في قذف عندنا وهو شرط الأداء ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ليس بشرط ، واحتج بعمومات الشهادة من غير فصل ; لأن المانع هو الفسق بالقذف ، وقد زال بالتوبة .
( ولنا ) قوله تعالى جل وعلا {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات } " الآية " نهى سبحانه وتعالى عن قبول شهادة الرامي على التأبيد ، فيتناول زمان ما بعد التوبة ، وبه تبين أن المحدود في القذف مخصوص من عمومات الشهادة عملا بالنصوص كلها صيانة لها عن التناقض ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=27107_26261_15989الذمي إذا قذف مسلما فحد حد القذف لا تقبل شهادته على أهل الذمة ، فإن أسلم جازت شهادته عليهم وعلى المسلمين .
وبمثله
nindex.php?page=treesubj&link=27107_26261_15989العبد المسلم إذا قذف حرا ثم حد حد القذف ، ثم عتق لا تقبل شهادته أبدا ، وإن أعتق ( ووجه ) الفرق أن إقامة الحد توجب بطلان شهادة كانت للقاذف قبل الإقامة والثابت للذمي قبل إقامة الحد شهادته على أهل الذمة ، لا على أهل الإسلام ، فتبطل تلك الشهادة بإقامة الحد ، فإذا أسلم فقد حدثت له بالإسلام شهادة غير مردودة ، وهي شهادة على أهل الإسلام ، ; لأنها لم تكن له لتبطل بالحد فتقبل هذه الشهادة ، ثم من ضرورة قبول شهادته على أهل الإسلام قبول شهادته على أهل الذمة بخلاف العبد ; ; لأن العبد من أهل الشهادة ، وإن لم تكن له شهادة مقبولة ; لأن له عدالة الإسلام ، والحد أبطل ذلك على التأبيد ،
nindex.php?page=treesubj&link=27107_26261_15989ولو ضرب الذمي بعض الحد فأسلم ، ثم ضرب الباقي تقبل شهادته ; لأن المبطل للشهادة إقامة الحد في حالة الإسلام ، ولم توجد ; لأن الحد اسم للكل فلا يكون البعض حدا ; لأن الحد لا يتجزأ ، وهذا جواب ظاهر الرواية .
وذكر الفقيه
nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث - عليه الرحمة - روايتين أخريين فقال في رواية " لا تقبل شهادته " ، وفي رواية : تقبل شهادته ، ولو ضرب سوطا واحدا في الإسلام ; ; لأن السياط المتقدمة توقف كونها حدا على وجود السوط الأخير ، وقد وجد كمال الحد في حالة الإسلام ، وفي رواية اعتبر الأكثر : إن وجد أكثر الحد في حال الإسلام تبطل شهادته وإلا ، فلا ; لأن للأكثر حكم الكل في الشرع ، والصحيح جواب ظاهر الرواية ، لما ذكرنا أن الحد اسم للكل ، وعند ضرب السوط الأخير تبين أن السياط كلها كانت حدا ، ولم يوجد الكل في حال الإسلام ، بل البعض فلا ترد به الشهادة الحادثة بالإسلام ، هذا إذا شهد بعد إقامة الحد وبعد التوبة ، فأما إذا شهد بعد التوبة قبل إقامة الحد ، فتقبل شهادته بالإجماع ، ولو شهد بعد إقامة الحد قبل التوبة لا تقبل شهادته بالإجماع ، ولو شهد قبل التوبة وقبل إقامة الحد فهي مسألة شهادة الفاسق وقد مرت .
وأما النكاح بحضرة المحدودين في القذف فينعقد بالإجماع ، أما عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ; فلأن له شهادة أداء ، فكانت له شهادة سماعا ، وأما عندنا ; فلأن حضرة الشهود لدى النكاح ليست لدفع الجحود والإنكار لاندفاع الحاجة بالشهادة بالتسامع ، بل لرفع ريبة الزنا والتهمة به ، وذا يجعل بحضرة المحدودين في القذف ، فينعقد النكاح بحضرتهم ، ولا تقبل شهادتهم للنهي عن القبول ، والانعقاد ينفصل
[ ص: 272 ] عن القبول في الجملة وأما المحدود في الزنا والسرقة والشرب فتقبل شهادته بالإجماع إذا تاب ; لأنه صار عدلا ، والقياس أن تقبل شهادة المحدود في القذف إذا تاب لولا النص الخاص بعدم القبول على التأبيد .
ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=16150_15991أن لا يجر الشاهد إلى نفسه مغنما ، ولا يدفع عن نفسه مغرما بشهادته لقوله عليه الصلاة والسلام {
لا شهادة لجار المغنم ولا لدافع المغرم } ، ; ولأن شهادته إذا تضمنت معنى النفع والدفع فقد صار متهما ، ولا شهادة للمتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ; ولأنه إذا جر النفع إلى نفسه بشهادته لم تقع شهادته لله تعالى - عز وجل - ، بل لنفسه ، فلا تقبل وعلى هذا تخرج شهادة الوالد ، وإن علا لولده وإن سفل ، وعكسه أنها غير مقبولة ; ; لأن الوالدين والمولودين ينتفع البعض بمال البعض عادة ، فيتحقق معنى جر النفع ، والتهمة ، والشهادة لنفسه فلا تقبل ، وذكر
الخصاف - رحمه الله - في أدب القاضي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30460لا تقبل شهادة الوالد لولده ، ولا الولد لوالده ، ولا السيد لعبده ، ولا العبد لسيده ، ولا الزوجة لزوجها ، ولا الزوج لزوجته } .
وأما سائر القرابات ، كالأخ والعم والخال ونحوهم فتقبل شهادة بعضهم لبعض ; ; لأن هؤلاء ليس لبعضهم تسلط في مال البعض ، عرفا وعادة فالتحقوا بالأجانب ، وكذا تقبل شهادة الوالد من الرضاع لولده من الرضاع ، وشهادة الولد من الرضاع لوالده من الرضاع ; لأن العادة ما جرت بانتفاع هؤلاء بعضهم بمال البعض فكانوا كالأجانب ، ولا تقبل شهادة المولى لعبده ، ولا شهادة العبد لمولاه لما قلنا .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=23421شهادة أحد الزوجين لصاحبه فلا تقبل عندنا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - تقبل ، واحتج بعمومات الشهادة من غير تخصيص ، نحو قوله تعالى - جل وعلا - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا شهيدين من رجالكم } وقوله - عز شأنه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وأشهدوا ذوي عدل منكم } وقوله - عظمت كبرياؤه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ممن ترضون من الشهداء } من غير فصل بين عدل وعدل ، ومرضي ومرضي .
( ولنا ) ما روينا من النصوص من قوله عليه الصلاة والسلام " لا شهادة لجار المغنم " ، ولا شهادة للمتهم ، وأحد الزوجين بشهادته للزوج الآخر يجر المغنم إلى نفسه ، ; لأنه ينتفع بمال صاحبه عادة ، فكان شاهدا لنفسه ، لما روينا من حديث
الخصاف - رحمه الله - وأما العمومات فنقول بموجبها لكن لما قلتم إن أحد الزوجين في الشهادة لصاحبه عدل ومرضي ، بل هو مائل ومتهم لما قلنا ، لا يكون شاهدا فلا تتناوله العمومات ، وكذا لا تقبل
nindex.php?page=treesubj&link=15977شهادة الأجير له في الحادثة التي استأجره فيها لما فيه من تهمة جر النفع إلى نفسه ، ولا تقبل
nindex.php?page=treesubj&link=15981شهادة أحد الشريكين لصاحبه في مال الشركة ، ولو شهد رجلان لرجلين على الميت بدين ألف درهم ، ثم شهد المشهود لهما للشاهدين على الميت بدين ألف درهم ، فشهادة الفريقين باطلة عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - عليه الرحمة -
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف - رحمه الله - وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - جائزة ، وعلى هذا الخلاف لو شهدا أن الميت أوصى لهما بالثلث ، وشهد المشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بالثلث ، ولو شهدا أن الميت غصبهما دارا أو عبدا وشهد المشهود لهما للشاهدين بدين ألف درهم ، فشهادة الفريقين جائزة بالإجماع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908لمحمد - رحمه الله - أن كل فريق يشهد لغيره لا لنفسه ، فلا يكون متهما في شهادته ، ولهما أن ما يأخذه كل فريق ، فالفريق الآخر يشاركه فيه ، فكان كل فريق شاهدا لنفسه بخلاف ما إذا اختلف جنس المشهود به ; ; لأن ثمة معنى الشركة لا يتحقق .
ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=15993أن لا يكون خصما لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30052لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ، } ; ولأنه إذا كان خصما فشهادته تقع لنفسه فلا تقبل ، وعلى هذا تخرج شهادة الوصي للميت واليتيم الذي في حجره ; ; لأنه خصم فيه ، وكذا شهادة الوكيل لموكله لما قلنا ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=15997أن يكون عالما بالمشهود به وقت الأداء ، ذاكرا له عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - وعندهما ليس بشرط حتى إنه لو رأى اسمه وخطه وخاتمه في الكتاب ، لكنه لا يذكر الشهادة ، لا يحل له أن يشهد ، ولو شهد وعلم القاضي به لا تقبل شهادته عنده ، وعندهما له أن يشهد ، ولو شهد تقبل شهادته ( وجه ) قولهما أنه لما رأى اسمه وخطه وخاتمه على الصك ، دل أنه تحمل الشهادة ، وهي معلومة في الصك ، فيحل له أداؤها ، وإذا أداها تقبل ، ; ولأن النسيان أمر جبل عليه الإنسان خصوصا عند طول المدة بالشيء ; ; لأن طول المدة ينسي ، فلو شرط تذكر الحادثة لأداء الشهادة لانسد باب الشهادة فيؤدي إلى تضييع الحقوق ، وهذا لا يجوز .
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة - رحمه الله - قوله تعالى - جل شأنه {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36ولا تقف ما ليس لك به علم } وقوله عليه الصلاة والسلام لشاهد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10292إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا [ ص: 273 ] فدع } ، ولا اعتماد على الخط والختم ; ; لأن الخط يشبه الخط والختم يشبه الختم ويجري فيه الاحتيال والتزوير مع ما أن الخط للتذكر فخط لا يذكر ، وجوده وعدمه بمنزلة واحدة ، وعلى هذا الخلاف إذا وجد القاضي في ديوانه شيئا لا يذكره - وديوانه تحت ختمه - أنه لا يعمل به عنده ، وعندهما يعمل إذا كان تحت ختمه ، وعلى هذا الخلاف إذا عزل القاضي ، ثم استقضى بعدما عزل ، فأراد أن يعمل بشيء مما يرى في ديوانه الأول ، ولم يذكر ذلك ، ليس له ذلك عنده ، وعندهما له ذلك ، والله تعالى أعلم .
وَأَمَّا بَيَانُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=15974_15975الْعَدَالَةَ شَرْطُ قَبُولِ أَصْلِ الشَّهَادَةِ وُجُودًا ، أَمْ شَرْطُ الْقَبُولِ مُطْلَقًا وُجُوبًا وَوُجُودًا ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - : إنَّهَا شَرْطُ الْقَبُولِ لِلشَّهَادَةِ وُجُودًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَوُجُوبًا لَا شَرْطَ أَصْلِ الْقَبُولِ حَتَّى يَثْبُتَ الْقَبُولُ بِدُونِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ - : إنَّهَا شَرْطُ أَصْلِ الْقَبُولِ لَا يَثْبُتُ الْقَبُولُ أَصْلًا دُونَهَا ، حَتَّى إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ تَحَرَّى الصِّدْقَ فِي شَهَادَةِ الْفَاسِقِ يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ ، وَلَا يَجُوزُ الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ بِالْإِجْمَاعِ .
وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَهَادَةَ الْعَدْلِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ ، وَإِذَا شَهِدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ ، وَهَذَا هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ شَهَادَةِ الْعَدْلِ وَبَيْنَ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ - لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ أَصْلًا ، وَكَذَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقَيْنِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَهُ لَا يَنْعَقِدُ .
( وَجْهُ ) قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=15975_11249_11250_15970مَبْنَى قَبُولِ الشَّهَادَاتِ عَلَى الصِّدْقِ ، وَلَا يَظْهَرُ الصِّدْقُ إلَّا بِالْعَدَالَةِ ; ; لِأَنَّ خَبَرَ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ عَنْ الْكَذِبِ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ
[ ص: 271 ] وَالْكَذِبَ ، وَلَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ إلَّا بِالْعَدَالَةِ ، وَاحْتَجَّ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31084لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ } .
( وَلَنَا ) عُمُومَاتُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31083لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ } وَالْفَاسِقُ شَاهِدٌ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ } قَسَّمَ الشُّهُودَ إلَى مَرْضِيِّينَ وَغَيْرِ مَرْضِيِّينَ ، فَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِ غَيْرِ الْمَرْضِيِّ - وَهُوَ الْفَاسِقُ - شَاهِدًا ; وَلِأَنَّ حَضْرَةَ الشُّهُودِ فِي بَابِ النِّكَاحِ لِدَفْعِ تُهْمَةِ الزِّنَا - لَا لِلْحَاجَةِ إلَى شَهَادَتِهِمْ عِنْدَ الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ ; ; لِأَنَّ النِّكَاحَ يَشْتَهِرُ بَعْدَ وُقُوعِهِ - فَيُمْكِنُ دَفْعُ الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ بِالشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ ، وَالتُّهْمَةُ تَنْدَفِعُ بِحَضْرَةِ الْفَاسِقِ فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحَضْرَتِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " الرُّكْنُ فِي الشَّهَادَةِ هُوَ صِدْقُ الشَّاهِدِ " فَنَعَمْ ، لَكِنَّ الصِّدْقَ لَا يَقِفُ عَلَى الْعَدَالَةِ لَا مَحَالَةَ ، فَإِنَّ مِنْ الْفَسَقَةِ مَنْ لَا يُبَالِي بِارْتِكَابِهِ أَنْوَاعًا مِنْ الْفِسْقِ ، وَيَسْتَنْكِفُ عَنْ الْكَذِبِ ، وَالْكَلَامُ فِي فَاسِقٍ تَحَرَّى الْقَاضِي الصِّدْقَ فِي شَهَادَتِهِ فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ - لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ عِنْدَنَا .
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ نَقَلَةِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَنْ يَثْبُتَ ، فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ جَعْلُ الْعَدَالَةِ صِفَةً لِلشَّاهِدِ ; ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ : لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ ، بَلْ هَذَا إضَافَةُ الشَّاهِدَيْنِ إلَى الْعَدْلِ ، وَهُوَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُقَابِلَيْ كَلِمَةِ الْعَدْلِ ، وَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ ، وَالْفَاسِقُ مُسْلِمٌ فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحَضْرَتِهِ وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=15989أَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ عِنْدَنَا وَهُوَ شَرْطُ الْأَدَاءِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَاحْتَجَّ بِعُمُومَاتِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ ; لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الْفِسْقُ بِالْقَذْفِ ، وَقَدْ زَالَ بِالتَّوْبَةِ .
( وَلَنَا ) قَوْله تَعَالَى جَلَّ وَعَلَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } " الْآيَةَ " نَهَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الرَّامِي عَلَى التَّأْبِيدِ ، فَيَتَنَاوَلُ زَمَانَ مَا بَعْدَ التَّوْبَةِ ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومَاتِ الشَّهَادَةِ عَمَلًا بِالنُّصُوصِ كُلِّهَا صِيَانَةً لَهَا عَنْ التَّنَاقُضِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=27107_26261_15989الذِّمِّيُّ إذَا قَذَفَ مُسْلِمًا فَحُدَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ، فَإِنْ أَسْلَمَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ .
وَبِمِثْلِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=27107_26261_15989الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ إذَا قَذَفَ حُرًّا ثُمَّ حُدَّ حَدَّ الْقَذْفِ ، ثُمَّ عَتَقَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا ، وَإِنْ أُعْتِقَ ( وَوَجْهُ ) الْفَرْقِ أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ تُوجِبُ بُطْلَانَ شَهَادَةٍ كَانَتْ لِلْقَاذِفِ قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَالثَّابِتُ لِلذِّمِّيِّ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ، لَا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَتَبْطُلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ ، فَإِذَا أَسْلَمَ فَقَدْ حَدَثَتْ لَهُ بِالْإِسْلَامِ شَهَادَةٌ غَيْرُ مَرْدُودَةٍ ، وَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، ; لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ لِتَبْطُلَ بِالْحَدِّ فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ ، ثُمَّ مِنْ ضَرُورَةِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ ; ; لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شَهَادَةٌ مَقْبُولَةٌ ; لِأَنَّ لَهُ عَدَالَةَ الْإِسْلَامِ ، وَالْحَدُّ أَبْطَلَ ذَلِكَ عَلَى التَّأْبِيدِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=27107_26261_15989وَلَوْ ضُرِبَ الذِّمِّيُّ بَعْضَ الْحَدِّ فَأَسْلَمَ ، ثُمَّ ضُرِبَ الْبَاقِيَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلشَّهَادَةِ إقَامَةُ الْحَدِّ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ ، وَلَمْ تُوجَدْ ; لِأَنَّ الْحَدَّ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ حَدًّا ; لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَجَزَّأُ ، وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَذَكَرَ الْفَقِيهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11903أَبُو اللَّيْثِ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ - رِوَايَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَقَالَ فِي رِوَايَةٍ " لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " ، وَفِي رِوَايَةٍ : تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَلَوْ ضُرِبَ سَوْطًا وَاحِدًا فِي الْإِسْلَامِ ; ; لِأَنَّ السِّيَاطَ الْمُتَقَدِّمَةَ تَوَقَّفَ كَوْنُهَا حَدًّا عَلَى وُجُودِ السَّوْطِ الْأَخِيرِ ، وَقَدْ وُجِدَ كَمَالُ الْحَدِّ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ ، وَفِي رِوَايَةٍ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ : إنْ وُجِدَ أَكْثَرُ الْحَدِّ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا ، فَلَا ; لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فِي الشَّرْعِ ، وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ، لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَدَّ اسْمٌ لِلْكُلِّ ، وَعِنْدَ ضَرْبِ السَّوْطِ الْأَخِيرِ تَبَيَّنَ أَنَّ السِّيَاطَ كُلَّهَا كَانَتْ حَدًّا ، وَلَمْ يُوجَدْ الْكُلُّ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ ، بَلْ الْبَعْضُ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ الْحَادِثَةُ بِالْإِسْلَامِ ، هَذَا إذَا شَهِدَ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَبَعْدَ التَّوْبَةِ ، فَأَمَّا إذَا شَهِدَ بَعْدَ التَّوْبَةِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَوْ شَهِدَ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَوْ شَهِدَ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ فَهِيَ مَسْأَلَةُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ وَقَدْ مَرَّتْ .
وَأَمَّا النِّكَاحُ بِحَضْرَةِ الْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ فَيَنْعَقِدُ بِالْإِجْمَاعِ ، أَمَّا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ; فَلِأَنَّ لَهُ شَهَادَةً أَدَاءً ، فَكَانَتْ لَهُ شَهَادَةٌ سَمَاعًا ، وَأَمَّا عِنْدَنَا ; فَلِأَنَّ حَضْرَةَ الشُّهُودِ لَدَى النِّكَاحِ لَيْسَتْ لِدَفْعِ الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِالشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ ، بَلْ لِرَفْعِ رِيبَةِ الزِّنَا وَالتُّهْمَةِ بِهِ ، وَذَا يُجْعَلُ بِحَضْرَةِ الْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ ، فَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحَضْرَتِهِمْ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِلنَّهْيِ عَنْ الْقَبُولِ ، وَالِانْعِقَادُ يَنْفَصِلُ
[ ص: 272 ] عَنْ الْقَبُولِ فِي الْجُمْلَةِ وَأَمَّا الْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا تَابَ ; لِأَنَّهُ صَارَ عَدْلًا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ لَوْلَا النَّصُّ الْخَاصُّ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَلَى التَّأْبِيدِ .
وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=16150_15991أَنْ لَا يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ مَغْنَمًا ، وَلَا يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَغْرَمًا بِشَهَادَتِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
لَا شَهَادَةَ لِجَارِ الْمَغْنَمِ وَلَا لِدَافِعِ الْمَغْرَمِ } ، ; وَلِأَنَّ شَهَادَتَهُ إذَا تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّفْعِ وَالدَّفْعِ فَقَدْ صَارَ مُتَّهَمًا ، وَلَا شَهَادَةَ لِلْمُتَّهَمِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; وَلِأَنَّهُ إذَا جَرَّ النَّفْعَ إلَى نَفْسِهِ بِشَهَادَتِهِ لَمْ تَقَعْ شَهَادَتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى - عَزَّ وَجَلَّ - ، بَلْ لِنَفْسِهِ ، فَلَا تُقْبَلُ وَعَلَى هَذَا تَخْرُجُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ ، وَإِنْ عَلَا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ ، وَعَكْسُهُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ ; ; لِأَنَّ الْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ يَنْتَفِعُ الْبَعْضُ بِمَالِ الْبَعْضِ عَادَةً ، فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى جَرِّ النَّفْعِ ، وَالتُّهْمَةِ ، وَالشَّهَادَةِ لِنَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ ، وَذَكَرَ
الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَدَبِ الْقَاضِي عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30460لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ ، وَلَا الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ ، وَلَا السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ ، وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ ، وَلَا الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا ، وَلَا الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ } .
وَأَمَّا سَائِرُ الْقَرَابَاتِ ، كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ وَنَحْوِهِمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ; ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسَ لِبَعْضِهِمْ تَسَلُّطٌ فِي مَالِ الْبَعْضِ ، عُرْفًا وَعَادَةً فَالْتَحَقُوا بِالْأَجَانِبِ ، وَكَذَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ مِنْ الرَّضَاعِ لِوَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ، وَشَهَادَةُ الْوَلَدِ مِنْ الرَّضَاعِ لِوَالِدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ مَا جَرَتْ بِانْتِفَاعِ هَؤُلَاءِ بَعْضِهِمْ بِمَالِ الْبَعْضِ فَكَانُوا كَالْأَجَانِبِ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ ، وَلَا شَهَادَةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ لِمَا قُلْنَا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=23421شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَلَا تُقْبَلُ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تُقْبَلُ ، وَاحْتَجَّ بِعُمُومَاتِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى - جَلَّ وَعَلَا - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } وَقَوْلِهِ - عَزَّ شَأْنُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } وَقَوْلِهِ - عَظُمَتْ كِبْرِيَاؤُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ عَدْلٍ وَعَدْلٍ ، وَمَرْضِيٍّ وَمَرْضِيٍّ .
( وَلَنَا ) مَا رَوَيْنَا مِنْ النُّصُوصِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ " لَا شَهَادَةَ لِجَارِ الْمَغْنَمِ " ، وَلَا شَهَادَةَ لِلْمُتَّهَمِ ، وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِشَهَادَتِهِ لِلزَّوْجِ الْآخَرِ يَجُرُّ الْمَغْنَمَ إلَى نَفْسِهِ ، ; لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَالِ صَاحِبِهِ عَادَةً ، فَكَانَ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ ، لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ
الْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَمَّا الْعُمُومَاتُ فَنَقُولُ بِمُوجِبِهَا لَكِنْ لَمَّا قُلْتُمْ إنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ لِصَاحِبِهِ عَدْلٌ وَمَرْضِيٌّ ، بَلْ هُوَ مَائِلٌ وَمُتَّهَمٌ لِمَا قُلْنَا ، لَا يَكُونُ شَاهِدًا فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْعُمُومَاتُ ، وَكَذَا لَا تُقْبَلُ
nindex.php?page=treesubj&link=15977شَهَادَةُ الْأَجِيرِ لَهُ فِي الْحَادِثَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ فِيهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تُهْمَةِ جَرِّ النَّفْعِ إلَى نَفْسِهِ ، وَلَا تُقْبَلُ
nindex.php?page=treesubj&link=15981شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ ، وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ شَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَشَهَادَةُ الْفَرِيقَيْنِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ -
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَائِزَةٌ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُمَا بِالثُّلُثِ ، وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِلشَّاهِدَيْنِ بِالثُّلُثِ ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ غَصَبَهُمَا دَارًا أَوْ عَبْدًا وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ لَهُمَا لِلشَّاهِدَيْنِ بِدَيْنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَشَهَادَةُ الْفَرِيقَيْنِ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ يَشْهَدُ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ ، فَلَا يَكُونُ مُتَّهَمًا فِي شَهَادَتِهِ ، وَلَهُمَا أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ كُلُّ فَرِيقٍ ، فَالْفَرِيقُ الْآخَرُ يُشَارِكُهُ فِيهِ ، فَكَانَ كُلُّ فَرِيقٍ شَاهِدًا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَشْهُودِ بِهِ ; ; لِأَنَّ ثَمَّةَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ لَا يَتَحَقَّقُ .
وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=15993أَنْ لَا يَكُونَ خَصْمًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30052لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ ، } ; وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ خَصْمًا فَشَهَادَتُهُ تَقَعُ لِنَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ ، وَعَلَى هَذَا تَخْرُجُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ وَالْيَتِيمِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ ; ; لِأَنَّهُ خَصْمٌ فِيهِ ، وَكَذَا شَهَادَةُ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ لِمَا قُلْنَا وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=15997أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ ، ذَاكِرًا لَهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى إنَّهُ لَوْ رَأَى اسْمَهُ وَخَطَّهُ وَخَاتَمَهُ فِي الْكِتَابِ ، لَكِنَّهُ لَا يَذْكُرُ الشَّهَادَةَ ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ ، وَلَوْ شَهِدَ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يَشْهَدَ ، وَلَوْ شَهِدَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ( وَجْهُ ) قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَمَّا رَأَى اسْمَهُ وَخَطَّهُ وَخَاتَمَهُ عَلَى الصَّكِّ ، دَلَّ أَنَّهُ تُحْمَلُ الشَّهَادَةُ ، وَهِيَ مَعْلُومَةٌ فِي الصَّكِّ ، فَيَحِلُّ لَهُ أَدَاؤُهَا ، وَإِذَا أَدَّاهَا تُقْبَلُ ، ; وَلِأَنَّ النِّسْيَانَ أَمْرٌ جُبِلَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ خُصُوصًا عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ بِالشَّيْءِ ; ; لِأَنَّ طُولَ الْمُدَّةِ يُنْسِي ، فَلَوْ شَرَطَ تَذَكُّرَ الْحَادِثَةِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَانْسَدَّ بَابُ الشَّهَادَةِ فَيُؤَدِّي إلَى تَضْيِيعِ الْحُقُوقِ ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْله تَعَالَى - جَلَّ شَأْنُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِشَاهِدٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10292إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا [ ص: 273 ] فَدَعْ } ، وَلَا اعْتِمَادَ عَلَى الْخَطِّ وَالْخَتْمِ ; ; لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَالْخَتْمُ يُشْبِهُ الْخَتْمَ وَيَجْرِي فِيهِ الِاحْتِيَالُ وَالتَّزْوِيرُ مَعَ مَا أَنَّ الْخَطَّ لِلتَّذَكُّرِ فَخَطٌّ لَا يُذْكَرُ ، وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا وَجَدَ الْقَاضِي فِي دِيوَانِهِ شَيْئًا لَا يَذْكُرُهُ - وَدِيوَانُهُ تَحْتَ خَتْمِهِ - أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ عِنْدَهُ ، وَعِنْدُهُمَا يَعْمَلُ إذَا كَانَ تَحْتَ خَتْمِهِ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي ، ثُمَّ اسْتَقْضَى بَعْدَمَا عُزِلَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ بِشَيْءٍ مِمَّا يَرَى فِي دِيوَانِهِ الْأَوَّلِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ ، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .