ومنها البلوغ عندنا فلا تجب على الصبي وهو قول علي فإنهما قالا : " لا تجب وابن عباس حتى تجب عليه الصلاة " وعند الزكاة على الصبي ليس بشرط وتجب الزكاة في مال الصبي ، ويؤديها الولي وهو قول الشافعي ابن عمر وعائشة وكان يقول : يحصي الولي أعوام اليتيم فإذا بلغ أخبره وهذا إشارة إلى أنه تجب الزكاة لكن ليس للولي ولاية الأداء . ابن مسعود
وهو قول حتى قال : " لو أداها الولي من ماله ضمن " ومن أصحابنا من بنى المسألة على أصل وهو أن الزكاة عبادة عندنا ، والصبي ليس من أهل وجوب العبادة فلا تجب عليه كما لا يجب عليه الصوم والصلاة ، وعند ابن أبي ليلى حق العبد والصبي من أهل وجوب حقوق العباد كضمان المتلفات ، وأروش الجنايات ، ونفقة الأقارب والزوجات ، والخراج ، والعشر وصدقة الفطر ، ولإن كانت عبادة فهي عبادة مالية تجرى فيها النيابة حتى تتأدى بأداء الوكيل ، والولي نائب الصبي فيها فيقوم مقامه في إقامة هذا الواجب بخلاف العبادات البدنية ; لأنها لا تجري فيها النيابة ومنهم من تكلم فيها ابتداء . الشافعي
أما الكلام فيها على وجه البناء فوجه قوله : النص ، ودلالة الإجماع ، والحقيقة أما النص فقوله تعالى { : إنما الصدقات للفقراء } وقوله عز وجل { : وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } والإضافة بحرف اللام تقتضي الاختصاص بجهة الملك إذا كان المضاف إليه من أهل الملك وأما دلالة الإجماع فلأنا أجمعنا على أن من عليه الزكاة إذا وهب جميع النصاب من الفقير ولم تحضره النية تسقط عنه الزكاة ، والعبادة لا تتأدى بدون النية ولذا يجرى فيها الجبر والاستحلاف من الساعي [ ص: 5 ] وإنما يجريان في حقوق العباد وكذا يصح توكيل الذمي بأداء الزكاة والذمي ليس من أهل العبادة .
وأما الحقيقة فإن الزكاة تمليك المال من الفقير ، والمنتفع بها هو الفقير فكانت حق الفقير والصبا لا يمنع حقوق العباد على ما بينا .
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { البيت من استطاع إليه سبيلا } وما بني عليه الإسلام يكون عبادة والعبادات التي تحتمل السقوط تقدر في الجملة ، فلا تجب على الصبيان كالصوم والصلاة . : بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج
وأما الآية فالمراد من الصدقة المذكورة فيها محل الصدقة ، وهو المال لا نفس الصدقة ; لأنها اسم للفعل وهو إخراج المال إلى الله تعالى وذلك حق الله تعالى لا حق الفقير ، وكذلك الحق المذكور في الآية الأخرى المراد منه المال ، وذا ليس بزكاة بل هو محل الزكاة وسقوط الزكاة بهبة النصاب من الفقير لوجود النية دلالة والجبر على الأداء ليؤدي من عليه بنفسه لا ينافي العبادة حتى لو مد يده وأخذه من غير أداء من عليه لا تسقط عنه الزكاة عندنا وجريان الاستخلاف لثبوت ولاية المطالبة للساعي ليؤدي من عليه باختياره وهذا لا يقتضي كون الزكاة حق العبد وإنما جازت بأداء الوكيل ; لأن المؤدي في الحقيقة هو الموكل ، والخراج ليس بعبادة بل هو مؤنة الأرض وصدقة الفطر ممنوعة على قول . محمد
وأما على قول أبي حنيفة فلأنها مؤنة من وجه قال النبي صلى الله عليه وسلم { وأبي يوسف } فتجب بوصف المؤنة لا بوصف العبادة وهو الجواب عن العشر . : أدوا عمن تمونون
وأما الكلام في المسألة على وجه الابتداء احتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { فالشافعي } ولو لم تجب الزكاة في مال اليتيم ما كانت الصدقة تأكلها . : ابتغوا في أموال اليتامى خيرا كي لا تأكلها الصدقة
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } . من ولي يتيما فليؤد زكاة ماله
وروي { } ، ولعمومات الزكاة من غير فصل بين البالغين والصبيان ولأن سبب وجوب الزكاة ملك النصاب وقد وجد فتجب الزكاة فيه كالبالغ . من ولي يتيما فليزك ماله
( ولنا ) أنه لا سبيل إلى الإيجاب على الصبي ; لأنه مرفوع القلم بالحديث ولأن إيجاب الزكاة إيجاب الفعل وإيجاب الفعل على العاجز عن الفعل تكليف ما ليس في الوسع ولا سبيل إلى الإيجاب على الولي ليؤدي من مال الصبي ; لأن الولي منهي عن قربان مال اليتيم إلا على وجه الأحسن بنص الكتاب وأداء الزكاة من ماله قربان ماله لا على وجه الأحسن لما ذكرنا في الخلافيات والحديثان غريبان أو من الآحاد فلا يعارضان الكتاب مع ما أن اسم الصدقة يطلق على النفقة .
قال صلى الله عليه وسلم { } وفي الحديث ما يدل عليه ; لأنه أضاف الأكل إلى جميع المال ، والنفقة هي التي تأكل الجميع لا الزكاة أو تحمل الصدقة والزكاة على صدقة الفطر ; لأنها تسمى زكاة وأما قوله { : نفقة الرجل على نفسه صدقة وعلى عياله صدقة } أي : ليتصرف في ماله كي ينمو ماله إذ التزكية هي التنمية توفيقا بين الدلائل ، وعمومات الزكاة لا تتناول الصبيان أو هي مخصوصة فتخص المتنازع فيه بما ذكرنا والله أعلم . : من ولي يتيما فليزك ماله