الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما مقدار الواجب في السوائم فقد ذكرنا في بيان مقدار نصاب السوائم من الإبل والبقر والغنم وهو الأسنان المعروفة من بنت المخاض وبنت اللبون ، والحقة والجذعة ، والتبيع ، والمسنة ، والشاة ولا بد من معرفة معاني هذه الأسماء فبنت المخاض هي التي تمت لها سنة ودخلت في الثانية سميت بذلك ; لأن أمها صارت حاملا بولد آخر بعدها ، والماخض اسم للحامل من النوق وبنت اللبون هي التي تمت لها سنتان ودخلت في الثالثة سميت بذلك ; لأن أمها حملت بعدها وولدت فصارت ذات لبن واللبون هي ذات اللبن .

                                                                                                                                والحقة هي التي تمت لها ثلاث سنين وطعنت في الرابعة سميت بذلك إما لاستحقاقها الحمل والركوب أو لاستحقاقها الضراب .

                                                                                                                                والجذعة هي التي تمت لها أربع سنين وطعنت في الخامسة ولا اشتقاق لاسمها ، والذكور منها ابن مخاض وابن لبون وحق وجذع ووراء هذه أسنان من الإبل من الثني والسديس والبازل لكن لا مدخل لها في باب الزكاة فلا معنى لذكر معانيها في كتب الفقه والتبيع الذي تم له حول ودخل في الثاني والأنثى منه التبيعة .

                                                                                                                                والمسنة التي تمت لها سنتان وطعنت في الثالثة والذكر منه المسن .

                                                                                                                                وأما الشاة فذكر في الأصل عن أبي حنيفة أنه لا يجوز إلا الثني فصاعدا والثني من الشاة هي التي دخلت في السنة الثانية ، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يجوز الجذع من الضأن والثني من المعز وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي وما ذكره الطحاوي يقتضي أن يجوز أخذ الجذع من الضأن والثني من المعز ; لأنه قال : ولا يؤخذ في الصدقة إلا ما يجوز في الأضحية والجذع من الضأن يجوز في الأضحية .

                                                                                                                                وقول الطحاوي يؤيد رواية الحسن ، والجذع [ ص: 33 ] من الغنم الذي أتى عليه ستة أشهر وقيل الذي أتى عليه أكثر السنة ولا خلاف في أنه لا يجوز من المعز إلا الثني .

                                                                                                                                وجه رواية الحسن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إنما حقنا في الجذعة والثنية ; } ولأن الجذع يجوز في الأضاحي فلأن يجوز في الزكاة أولى ; لأن الأضحية أكثر شروطا من الزكاة فالجواز هناك يدل على الجواز ههنا من طريق الأولى .

                                                                                                                                وجه ظاهر الرواية ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : لا يجزئ في الزكاة إلا الثني من المعز فصاعدا ولم يرو عن غيره من الصحابة خلافه فيكون إجماعا من الصحابة مع أن هذا ما باب لا يدرك بالاجتهاد ، فالظاهر أنه قال ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية