ومنها عندنا ، وعند موت من عليه الزكاة من غير وصية لا تسقط وجملة الكلام فيه أن من عليه الزكاة إذا مات قبل أدائها فلا يخلو إما أن كان ، أوصى بالأداء وإما أن كان لم يوص فإن كان لم يوص تسقط عنه في أحكام الدنيا حتى لا تؤخذ من تركته ولا يؤمر الوصي أو الوارث بالأداء من تركته عندنا ، وعنده تؤخذ من تركته ، وعلى هذا الخلاف إذا مات من عليه صدقة الفطر ، أو النذر ، أو الكفارات ، أو الصوم ، أو الصلاة ، أو النفقات ، أو الخراج ، أو الجزية ; لأنه لا يستوفى من تركته عندنا ، وعنده يستوفى من تركته . الشافعي
وإن فإن كان الخارج قائما فلا يسقط بالموت في ظاهر الرواية ، وروى مات من عليه العشر عن عبد الله بن المبارك أنه يسقط ولو كان استهلك الخارج حتى صار دينا في ذمته فهو على هذا الاختلاف وإن كان ، أوصى بالأداء لا يسقط ويؤدى من ثلث ماله عندنا وعند أبي حنيفة من جميع ماله والكلام فيه بناء على أصلين : أحدهما ما ذكرنا فيما تقدم وهو أن الزكاة عبادة عندنا والعبادة لا تتأدى إلا باختيار من عليه إما بمباشرته بنفسه ، أو بأمره ، أو إنابته غيره فيقوم النائب مقامه فيصير مؤديا بيد النائب ، وإذا ، أوصى فقد أناب وإذا لم يوص فلم ينب ، فلو جعل الوارث نائبا عنه شرعا من غير إنابته لكان ذلك إنابة جبرية والجبر ينافي العبادة إذ العبادة فعل يأتيه العبد باختياره ولهذا قلنا إنه ليس للإمام أن يأخذ الزكاة من صاحب المال من غير إذنه جبرا ، ولو أخذ لا تسقط عنه الزكاة ، والثاني أن الزكاة وجبت بطريق الصلة ألا ترى أنه لا يقابلها عوض مالي ، والصلات تسقط بالموت قبل التسليم والعشر مؤنة الأرض وكما ثبت ثبت مشتركا لقوله تعالى { الشافعي يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } أضاف المخرج إلى الكل الأغنياء والفقراء جميعا فإذا ثبت مشتركا فلا يسقط بموته وعنده الزكاة حق العبد وهو الفقير فأشبه سائر الديون وإنها لا تسقط بموت من عليه كذا هذا .
ولو ينقطع حكم الحول عندنا وعند مات من عليه الزكاة في خلال الحول لا ينقطع بل يبني الوارث عليه فإذا تم الحول أدى الزكاة ، والكلام فيه أيضا مبني على ما ذكرنا وهو أن الزكاة عبادة عندنا فيعتبر فيه جانب المؤدي وهو المالك وقد زال ملكه بموته فينقطع حوله ، وعنده ليست بعبادة بل هي مؤنة الملك فيعتبر قيام نفس الملك وأنه قائم إذ الوارث يخلف المورث في عين ما كان للمورث والله تعالى أعلم . الشافعي