وعلى هذا الطهارة من الحيض ، والنفاس إنها شرط الوجوب عند أهل التحقيق من مشايخنا إذ الصوم الشرعي لا يتحقق من الحائض ، والنفساء فتعذر القول بوجوب إلا أنه يجب عليهما قضاء الصوم لفوات صوم رمضان عليهما ولقدرتهما على القضاء في عدة من أيام أخر من غير حرج ، وليس عليهما قضاء الصلوات لما فيه من الحرج لأن وجوبها يتكرر في كل يوم خمس مرات ، ولا يلزم الحائض في السنة إلا قضاء عشرة أيام ولا حرج في ذلك ، وعلى قول عامة المشايخ ليس بشرط ، وأصل الوجوب ثابت في حالة الحيض ، والنفاس ، وإنما تشترط الطهارة لأهلية الأداء ، والأصل فيه ما روي { الصوم عليهما في وقت الحيض والنفاس عائشة رضي الله عنها فقالت : ؟ فقالت لم تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة عائشة رضي الله عنها للسائلة : أحرورية أنت ؟ هكذا كن النساء يفعلن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } . أن امرأة سألت
أشارت إلى أن ذلك ثبت تعبدا محضا .
والظاهر أن فتواها بلغت الصحابة ولم ينقل أنه أنكر عليها منكر فيكون إجماعا من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو طهرتا بعد طلوع الفجر قبل الزوال لا يجزيهما صوم ذلك اليوم لا عن فرض ولا عن نفل ، لعدم وجوب الصوم عليهما ، ووجوده في أول اليوم فلا يجب ولا يوجد في الباقي لعدم التجزي ، وعليهما قضاؤه مع الأيام الأخر لما ذكرنا ، وإن طهرتا قبل طلوع الفجر ينظر إن كان الحيض عشرة أيام ، والنفاس أربعين يوما فعليهما قضاء صلاة العشاء ، ويجزيهما صومهما من الغد عن رمضان إذا نوتا قبل طلوع الفجر لخروجهما عن الحيض ، والنفاس بمجرد انقطاع الدم ، فتقع الحاجة إلى النية لا غير ، وإن كان الحيض دون العشرة ، والنفاس دون الأربعين فإن بقي من الليل مقدار ما يسع للاغتسال ومقدار ما يسع النية بعد الاغتسال فكذلك ، وإن بقي من الليل دون ذلك لا يلزمهما قضاء صلاة العشاء ولا يجزيهما صومهما من الغد ، وعليهما قضاء ذلك اليوم كما لو طهرتا بعد طلوع الفجر لأن مدة الاغتسال فيما دون العشرة ، والأربعين من الحيض بإجماع الصحابة رضي الله عنهم .
ولو أسلم الكافر قبل طلوع الفجر بمقدار ما يمكنه النية فعليه صوم الغد وإلا فلا ، [ ص: 90 ] وكذلك الصبي إذا بلغ ، وكذلك المجنون جنونا أصليا على قول لأنه بمنزلة الصبا عنده . محمد