الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا الطهارة من الحيض ، والنفاس إنها شرط الوجوب عند أهل التحقيق من مشايخنا إذ الصوم الشرعي لا يتحقق من الحائض ، والنفساء فتعذر القول بوجوب الصوم عليهما في وقت الحيض والنفاس إلا أنه يجب عليهما قضاء الصوم لفوات صوم رمضان عليهما ولقدرتهما على القضاء في عدة من أيام أخر من غير حرج ، وليس عليهما قضاء الصلوات لما فيه من الحرج لأن وجوبها يتكرر في كل يوم خمس مرات ، ولا يلزم الحائض في السنة إلا قضاء عشرة أيام ولا حرج في ذلك ، وعلى قول عامة المشايخ ليس بشرط ، وأصل الوجوب ثابت في حالة الحيض ، والنفاس ، وإنما تشترط الطهارة لأهلية الأداء ، والأصل فيه ما روي { أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها فقالت : لم تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت عائشة رضي الله عنها للسائلة : أحرورية أنت ؟ هكذا كن النساء يفعلن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } .

                                                                                                                                أشارت إلى أن ذلك ثبت تعبدا محضا .

                                                                                                                                والظاهر أن فتواها بلغت الصحابة ولم ينقل أنه أنكر عليها منكر فيكون إجماعا من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو طهرتا بعد طلوع الفجر قبل الزوال لا يجزيهما صوم ذلك اليوم لا عن فرض ولا عن نفل ، لعدم وجوب الصوم عليهما ، ووجوده في أول اليوم فلا يجب ولا يوجد في الباقي لعدم التجزي ، وعليهما قضاؤه مع الأيام الأخر لما ذكرنا ، وإن طهرتا قبل طلوع الفجر ينظر إن كان الحيض عشرة أيام ، والنفاس أربعين يوما فعليهما قضاء صلاة العشاء ، ويجزيهما صومهما من الغد عن رمضان إذا نوتا قبل طلوع الفجر لخروجهما عن الحيض ، والنفاس بمجرد انقطاع الدم ، فتقع الحاجة إلى النية لا غير ، وإن كان الحيض دون العشرة ، والنفاس دون الأربعين فإن بقي من الليل مقدار ما يسع للاغتسال ومقدار ما يسع النية بعد الاغتسال فكذلك ، وإن بقي من الليل دون ذلك لا يلزمهما قضاء صلاة العشاء ولا يجزيهما صومهما من الغد ، وعليهما قضاء ذلك اليوم كما لو طهرتا بعد طلوع الفجر لأن مدة الاغتسال فيما دون العشرة ، والأربعين من الحيض بإجماع الصحابة رضي الله عنهم .

                                                                                                                                ولو أسلم الكافر قبل طلوع الفجر بمقدار ما يمكنه النية فعليه صوم الغد وإلا فلا ، [ ص: 90 ] وكذلك الصبي إذا بلغ ، وكذلك المجنون جنونا أصليا على قول محمد لأنه بمنزلة الصبا عنده .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية