ولو يلزمه اعتكاف شهر ، أي شهر كان ، متتابعا في النهار والليالي جميعا ، سواء ذكر التتابع أو لا . قال : لله علي أن أعتكف شهرا
وتعيين ذلك الشهر إليه ، فيدخل المسجد قبل غروب الشمس فتغرب الشمس وهو فيه فيعتكف ثلاثين ليلة وثلاثين يوما ثم يخرج بعد استكمالها بعد غروب الشمس ، بخلاف ما إذا ، ولم يذكر التتابع ولا نواه ; أنه لا يلزمه التتابع بل هو بالخيار : إن شاء تابع ، وإن شاء فرق . قال : لله علي أن أصوم شهرا ولم يعين
وهذا الذي ذكرنا من لزوم التتابع في هذه المسائل مذهب أصحابنا الثلاثة ، وقال : لا يلزمه التتابع في شيء من ذلك إلا بذكر التتابع أو بالنية ، وهو بالخيار : إن شاء تابع وإن شاء فرق . زفر
وجه قوله أن اللفظ مطلق عن قيد التتابع ولم ينو التتابع أيضا فيجرى على إطلاقه كما في الصوم .
ولنا : الفرق بينهما ووجه الفرق أن الاعتكاف عبادة دائمة ومبناها على الاتصال ; لأنه لبث وإقامة ، والليالي قابلة للبث ; فلا بد من التتابع .
وإن كان اللفظ مطلقا عن قيد التتابع لكن في لفظه ما يقتضيه وفي ذاته ما يوجبه بخلاف ما إذا نذر أن يصوم شهرا ولزمه أن يصوم شهرا غير معين ; أنه إذا عين شهرا ; له أن يفرق ; لأنه أوجب مطلقا عن قيد التتابع وليس مبنى حصوله على التتابع بل على التفريق ; لأن بين كل عبادتين منه وقتا لا يصلح لها وهو الليل ; فلم يوجد فيه قيد التتابع ولا اقتضاء لفظه وتعيينه ; فبقي له الخيار ولهذا لم يلزم التتابع فيما لم يتقيد بالتتابع من الصيام المذكور في الكتاب كذا هذا .