فإن بأن انهدم المسجد أو أخرجه السلطان مكرها أو غير السلطان [ ص: 115 ] فدخل مسجدا آخر غيره من ساعته ; لم يفسد اعتكافه استحسانا والقياس أن يفسد وجه القياس أنه وجد ضد الاعتكاف وهو الخروج الذي هو ترك الإقامة فيبطل كما لو خرج عن اختيار . خرج من المسجد الذي يعتكف فيه لعذر
وجه الاستحسان أنه خرج من غير ضرورة أما عند انهدام المسجد فظاهر ; لأنه لا يمكنه الاعتكاف فيه بعد ما انهدم ; فكان الخروج منه أمرا لا بد منه بمنزلة الخروج لحاجة الإنسان وأما عند الإكراه ; فلأن الإكراه من أسباب العذر في الجملة ، فكان هذا القدر من الخروج ملحقا بالعدم كما إذا خرج لحاجة الإنسان وهو يمشي مشيا رفيقا .
فإن خرج من المسجد لغير عذر ; فسد اعتكافه في قول وإن كان ساعة ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف لا يفسد حتى يخرج أكثر من نصف يوم قال ومحمد : قول محمد أقيس وقول أبي حنيفة أوسع . أبي يوسف
وجه قولهما أن الخروج القليل عفو وإن كان بغير عذر بدليل أنه لو خرج لحاجة الإنسان وهو يمشي متأنيا ; لم يفسد اعتكافه وما دون نصف اليوم ; فهو قليل فكان عفوا ، أنه ترك الاعتكاف باشتغاله بضده من غير ضرورة فيبطل اعتكافه لفوات الركن ، وبطلان الشيء بفوات ركنه يستوي فيه الكثير والقليل كالأكل في باب الصوم وفي الخروج لحاجة الإنسان ضرورة . ولأبي حنيفة
وأحوال الناس في المشي مختلفة لا يمكن ضبطها فسقط اعتبار صفة المشي وههنا لا ضرورة في الخروج وعلى هذا الخلاف إذا خرج لحاجة الإنسان ومكث بعد فراغه أنه ينتقض اعتكافه عند قل مكثه أو كثر ، وعندهما لا ينتقض ما لم يكن أكثر من نصف يوم . أبي حنيفة
ولو صعد المئذنة لم يفسد اعتكافه بلا خلاف وإن كان باب المئذنة خارج المسجد ; لأن المئذنة من المسجد .
ألا ترى أنه يمنع فيه كل ما يمنع في المسجد من البول ونحوه ولا يجوز بيعها فأشبه زاوية من زوايا المسجد وكذا لا يفسد اعتكافه ; لأن ذلك ليس بخروج . إذا كانت داره بجنب المسجد فأخرج رأسه إلى داره
ألا ترى أنه لو حلف لا يخرج من الدار ففعل ذلك ; لا يحنث في يمينه وروي عن رضي الله عنها أنها قالت { عائشة } وإن غسل رأسه في المسجد في إناء لا بأس به إذا لم يلوث المسجد بالماء المستعمل ، فإن كان بحيث يتلوث المسجد يمنع منه ; لأن تنظيف المسجد واجب : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج رأسه من المسجد فيغسل رأسه ; فهو على هذا التفصيل . لو توضأ في المسجد في إناء