الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أزا ]

                                                          أزا : الأزو : الضيق ; عن كراع . وأزيت إليه أزيا وأزيا : انضممت . وآزاني هو : ضمني ; قال رؤبة :


                                                          تغرف من ذي غيث وتوزي

                                                          وأزى يأزي أزيا وأزيا : انقبض واجتمع . ورجل متآزي الخلق ومتآزف الخلق إذا تدانى بعضه إلى بعض . وأزى الظل أزيا : قلص وتقبض ودنا بعضه إلى بعض ، فهو آز وأنشد ابن بري لعبد الله بن ربعي الأسدي :


                                                          وغلست والظل آز ما زحل     وحاضر الماء هجود ومصل

                                                          وأنشد لكثير المحاربي :


                                                          ونابحة كلفتها العيس ، بعدما     أزى الظل والحرباء موف على جذل

                                                          ابن بزرج : أزى الظل يأزو ويأزي ويأزى ; وأنشد :


                                                          الظل آز والسقاة تنتحي

                                                          ، وقال أبو النجم :


                                                          إذا زاء محلوقا أكب برأسه     وأبصرته يأزي إلي ويزحل

                                                          أي ينقبض لك وينضم . الليث : أزى الشيء بعضه إلى بعض يأزي ، نحو اكتناز اللحم وما انضم من نحوه ; قال رؤبة :


                                                          عض السفار فهو آز زيمه

                                                          ، وهو يوم أز إذا كان يغم الأنفاس ويضيقها لشدة الحر ; قال الباهلي :


                                                          ظل لها يوم من الشعرى أزي     نعوذ منه بزرانيق الركي

                                                          ، قال ابن بري : يقال يوم آز وأز مثل آسن وأسن أي ضيق قليل الخير ; قال عمارة :


                                                          هذا الزمان مول خيره آزي

                                                          وأزى ماله : نقص . وأزى له أزيا : أتاه ليختله . الليث : أزيت لفلان آزي له أزيا إذا أتيته من وجه مأمنه لتختله . ويقال : هو بإزاء فلان أي بحذائه ممدودان . وقد آزيته إذا حاذيته ، ولا تقل وازيته . وقعد إزاءه أي قبالته . وآزاه : قابله . وفي الحديث : اختلف من كان قبلنا ثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاث وهلك سائرها . وفرقة آزت الملوك فقاتلتهم على دين الله أي قاومتهم ، من آزيته إذا حاذيته . يقال : فلان إزاء لفلان إذا كان مقاوما له . وفي الحديث : فرفع يديه حتى آزتا شحمة أذنيه أي حاذتا . والإزاء : المحاذاة والمقابلة ; قال : ويقال فيه وازتا . وفي حديث صلاة الخوف : فوازينا العدو أي قابلناهم ، وأنكر الجوهري أن يقال وازينا . وتآزى القوم : دنا بعضهم إلى بعض ، قال اللحياني : هو في الجلوس خاصة ; وأنشد :

                                                          [ ص: 102 ]

                                                          لما تآزينا إلى دفء الكنف

                                                          وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          وإن أزى ماله لم يأز نائله     وإن أصاب غنى لم يلف غضبانا

                                                          والثوب يأزي إذا غسل ، والشمس أزيا : دنت للمغيب . والإزاء : سبب العيش ، وقيل : هو ما سبب من رغده وفضله . وإنه لإزاء مال إذا كان يحسن رعيته ويقوم عليه ; قال الشاعر :


                                                          ولكني جعلت إزاء مال     فأمنع بعد ذلك أو أنيل

                                                          ، قال ابن جني : هو فعال من أزى الشيء يأزي إذا تقبض واجتمع ، فكذلك هذا الراعي يشح عليها ويمنع من تسربها ، وكذلك الأنثى بغير هاء ; قال حميد يصف امرأة تقوم بمعاشها :


                                                          إزاء معاش لا يزال نطاقها     شديدا وفيها سورة وهي قاعد

                                                          وهذا البيت في المحكم :


                                                          إزاء معاش ما تحل إزارها     من الكيس فيها سورة وهي قاعد

                                                          وفلان إزاء فلان إذا كان قرنا له يقاومه . وإزاء الحرب : مقيمها ; قال زهير يمدح قوما :


                                                          تجدهم على ما خيلت هم إزاءها     وإن أفسد المال الجماعات والأزل

                                                          أي تجدهم الذين يقومون بها . وكل من جعل قيما بأمر فهو إزاؤه ; ومنه قول ابن الخطيم :


                                                          ثأرت عديا والخطيم فلم أضع     وصية أقوام جعلت إزاءها

                                                          أي جعلت القيم بها . وإنه لإزاء خير وشر أي صاحبه . وهم إزاء لقومهم أي يصلحون أمرهم ; وقال الكميت :


                                                          لقد علم الشعب أنا لهم     إزاء وأنا لهم معقل

                                                          ، قال ابن بري : البيت لعبد الله بن سليم . وبنو فلان إزاء بني فلان أي أقرانهم . وآزى على صنيعه إيزاء : أفضل وأضعف عليه ; قال رؤبة :


                                                          تغرف من ذي غيث وتوزي

                                                          ، قال ابن سيده : هكذا روي وتوزي - بالتخفيف - على أن هذا الشعر كله غير مردف أي تفضل عليه . والإزاء : مصب الماء في الحوض ; وأنشد الأصمعي :


                                                          ما بين صنبور إلى إزاء

                                                          وقيل : هو جمع ما بين الحوض إلى مهوى الركية من الطي ، وقيل : هو حجر أو جلة أو جلد يوضع عليه . وأزيته تأزيا وتأزية الأخيرة نادرة ، وآزيته : جعلت له إزاء ، قال أبو زيد : آزيت الحوض إيزاء على أفعلت ، وأزيت الحوض تأزية وتوزيئا : جعلت له إزاء ، وهو أن يوضع على فمه حجر أو جلة أو نحو ذلك . قال أبو زيد : هو صخرة أو ما جعلت وقاية على مصب الماء حين يفرغ الماء ; قال امرؤ القيس :


                                                          فرماها في مرابضها     بإزاء الحوض أو عقره

                                                          وآزاه : صب الماء من إزائه . وآزى فيه : صب على إزائه . وآزاه أيضا : أصلح إزاءه ; عن ابن الأعرابي وأنشد :


                                                          يعجز عن إيزائه ومدره

                                                          مدره : إصلاحه بالمدر . وناقة آزية وأزية ، على فعلة ، كلاهما على النسب : تشرب من الإزاء . ابن الأعرابي : يقال للناقة التي لا ترد النضيح حتى يخلو لها الأزية ، والآزية على فاعلة ، والأزية على فعلة والقذور . ويقال للناقة إذا لم تشرب إلا من الإزاء : أزية ، وإذا لم تشرب إلا من العقر : عقرة . ويقال للقيم بالأمر : هو إزاؤه وأنشد ابن بري :


                                                          يا جفنة كإزاء الحوض قد كفئوا     ومنطقا مثل وشي اليمنة الحبره

                                                          ، وقال خفاف بن ندبة :


                                                          كأن محافين السباع حفاضه     لتعريسها جنب الإزاء الممزق
                                                          معرس ركب قافلين بصرة     صراد إذا ما نارهم لم تخرق

                                                          وفي قصة موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : أنه وقف بإزاء الحوض ، وهو مصب الدلو وعقره مؤخره ; وأما قول الشاعر في صفة الحوض :


                                                          إزاؤه كالظربان الموفي

                                                          فإنما عنى به القيم ; قال ابن بري : قال ابن قتيبة : حدثني أبو العميثل الأعرابي ، وقد روى عنه الأصمعي ، قال : سألني الأصمعي عن قول الراجز في وصف ماء :


                                                          إزاؤه كالظربان الموفي

                                                          فقال : كيف يشبه مصب الماء بالظربان ؟ فقلت له : ما عندك فيه ؟ فقال لي : إنما أراد المستقى ، من قولك فلان إزاء مال إذا قام به ووليه ، وشبهه بالظربان لدفر رائحته وعرقه ; وبالظربان يضرب المثل في النتن . وأزوت الرجل وآزيته فهو مأزو ومؤزى أي جهدته فهو مجهود ; قال الطرماح :


                                                          وقد بات يأزوه ندى وصقيع

                                                          أي يجهده ويشئزه . أبو عمرو : تأزى القدح إذا أصاب الرمية فاهتز فيها . وتأزى فلان عن فلان إذا هابه . وروى ابن السكيت قال : قال أبو حازم العكلي ، [ راوي القصيدة ] ، جاء رجل إلى حلقة يونس فأنشدنا هذه القصيدة فاستحسنها أصحابه ; وهي :


                                                          ألزي مستهنئ في البديء     فيرمأ فيه ولا يبذؤه
                                                          وعندي زؤازية وأبة     تزأزئ بالدأث ما تهجؤه

                                                          [ ص: 103 ] ، قال : أزي جعل في مكان صلح . والمستهنئ : المستعطي ; أراد أن الذي جاء يطلب خيري أجعله في البديء أي في أول من يجيء ، فيرمأ : يقيم فيه ، ولا يبذؤه أي لا يكرهه ، وزؤازية : قدر ضخمة وكذلك الوأبة ، تزأزئ أي تضم ، والدأث : اللحم والودك . ما تهجؤه أي ما تأكله .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية