حرف : الحرف من حروف الهجاء : معروف واحد حروف التهجي . والحرف : الأداة التي تسمى الرابطة لأنها تربط الاسم بالاسم ، والفعل بالفعل ، كعن وعلى ونحوهما ، قال الأزهري : كل كلمة بنيت أداة عارية في الكلام لتفرقة المعاني فاسمها حرف ، وإن كان بناؤها بحرف أو فوق ذلك ، مثل حتى وهل وبل ولعل ، وكل كلمة تقرأ على الوجوه من القرآن تسمى حرفا ، تقول : هذا في حرف أي في قراءة ابن مسعود . ابن مسعود : والحرف القراءة التي تقرأ على أوجه ، وما جاء في الحديث من قوله ، عليه السلام : ابن سيده ، أراد بالحرف اللغة . قال نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف أبو عبيد و أبو العباس : نزل على سبع لغات من لغات العرب ، قال : وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه هذا لم يسمع به ، [ ص: 89 ] قال : ولكن يقول هذه اللغات متفرقة في القرآن ، فبعضه بلغة قريش ، وبعضه بلغة أهل اليمن ، وبعضه بلغة هوازن ، وبعضه بلغة هذيل ، وكذلك سائر اللغات ومعانيها في هذا كله واحد ، وقال غيره : وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه ، على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرئ بسبعة وعشرة ، نحو : ملك يوم الدين ، وعبد الطاغوت ، ومما يبين ذلك قول : إني قد سمعت القراءة فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال وأقبل . قال ابن مسعود ابن الأثير : وفيه أقوال غير ذلك ، هذا أحسنها . والحرف في الأصل : الطرف والجانب ، وبه سمي الحرف من حروف الهجاء . وروى الأزهري عن أبي العباس أنه سئل عن قوله نزل القرآن على سبعة أحرف ; فقال : ما هي إلا لغات . قال الأزهري : فأبو العباس النحوي وهو واحد عصره قد ارتضى ما ذهب إليه أبو عبيد واستصوبه ، قال : وهذه السبعة أحرف التي معناها اللغات غير خارجة من الذي كتب في مصاحف المسلمين التي اجتمع عليها السلف المرضيون والخلف المتبعون ، فمن قرأ بحرف ولا يخالف المصحف بزيادة أو نقصان أو تقديم مؤخر أو تأخير مقدم ، وقد قرأ به إمام من أئمة القراء المشتهرين في الأمصار ، فقد قرأ بحرف من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها ، ومن قرأ بحرف شاذ يخالف المصحف ، وخالف في ذلك جمهور القراء المعروفين ؛ فهو غير مصيب ، وهذا مذهب أهل العلم الذين هم القدوة ومذهب الراسخين في علم القرآن قديما وحديثا ، وإلى هذا أومأ أبو العباس النحوي في كتاب له ألفه في اتباع ما في المصحف الإمام ، ووافقه على ذلك وأبو بكر بن الأنباري مقرئ أهل أبو بكر بن مجاهد العراق وغيره من الأثبات المتقنين . قال : ولا يجوز عندي غير ما قالوا ، والله تعالى يوفقنا للاتباع ويجنبنا الابتداع . وحرفا الرأس : شقاه . وحرف السفينة والجبل : جانبهما ، والجمع أحرف وحروف وحرفة . شمر : الحرف من الجبل ما نتأ في جنبه منه كهيئة الدكان الصغير أو نحوه . قال : والحرف أيضا في أعلاه ترى له حرفا دقيقا مشفيا على سواء ظهره . الجوهري : حرف كل شيء طرفه وشفيره وحده ، ومنه حرف الجبل وهو أعلاه المحدد . وفي حديث : أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ; أي على جانب . والحرف من الإبل : النجيبة الماضية التي أنضتها الأسفار ، شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودقتها ، وقيل : هي الضامرة الصلبة ، شبهت بحرف الجبل في شدتها وصلابتها ، قال ابن عباس : ذو الرمة
جمالية حرف سناد ، يشلها وظيف أزج الخطو ريان سهوق
فلو كان الحرف مهزولا لم يصفها بأنها جمالية سناد ولا أن وظيفها ريان ، وهذا البيت ينقض تفسير من قال ناقة حرف أي مهزولة ، شبهت بحرف كتابة لدقتها وهزالها ، وروي عن أنه قال : الحرف الناقة الضامرة ، وقال ابن عمر : الحرف الناقة المهزولة ; قال الأصمعي الأزهري : قال أبو العباس في تفسير قول كعب بن زهير :
حرف أخوها أبوها من مهجنة وعمها خالها قوداء شمليل
قال : يصف الناقة بالحرف لأنها ضامر ، وتشبه بالحرف من حروف المعجم وهو الألف لدقتها ، وتشبه بحرف الجبل إذا وصفت بالعظم . وأحرفت ناقتي إذا هزلتها ; قال : ولا يقال جمل حرف إنما تخص به الناقة ; وقال ابن الأعرابي خالد بن زهير :
متى ما تشأ أحملك ، والرأس مائل على صعبة حرف ، وشيك طمورها
كنى بالصعبة الحرف عن الداهية الشديدة ، وإن لم يكن هنالك مركوب . وحرف الشيء : ناحيته . وفلان على حرف من أمره أي ناحية منه كأنه ينتظر ويتوقع ، فإن رأى من ناحية ما يحب وإلا مال إلى غيرها . وقال : فلان على حرف من أمره أي ناحية منه إذا رأى شيئا لا يعجبه عدل عنه . وفي التنزيل العزيز : ابن سيده ومن الناس من يعبد الله على حرف أي إذا لم ير ما يحب انقلب على وجهه ، قيل : هو أن يعبده على السراء دون الضراء . وقال : على حرف أي على شك ، قال : وحقيقته أنه يعبد الله على حرف ; أي على طريقة في الدين لا يدخل فيه دخول متمكن ، فإن أصابه خير اطمأن به ; أي إن أصابه خصب وكثر ماله وماشيته اطمأن بما أصابه ورضي بدينه ، وإن أصابته فتنة اختبار بجدب وقلة مال انقلب على وجهه ; أي رجع عن دينه إلى الكفر وعبادة الأوثان . وروى الزجاج الأزهري عن أبي الهيثم قال : أما تسميتهم الحرف حرفا فحرف كل شيء ناحيته كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره . قال الأزهري : كأن الخير والخصب ناحية والضر والشر والمكروه ناحية أخرى ؛ فهما حرفان وعلى العبد أن يعبد خالقه على حالتي السراء والضراء ، ومن عبد الله على السراء وحدها دون أن يعبده على الضراء يبتليه الله بها ؛ فقد عبده على حرف ، ومن عبده كيفما تصرفت به الحال ، فقد عبده عبادة عبد مقر بأن له خالقا يصرفه كيف يشاء ، وأنه إن امتحنه باللأواء أو أنعم عليه بالسراء ؛ فهو في ذلك عادل أو متفضل غير ظالم ولا متعد له الخير ، وبيده الخير ، ولا خيرة للعبد عليه . وقال : من يعبد الله على حرف ; أي على غير طمأنينة على أمر أي لا يدخل في الدين دخول متمكن . وحرف عن الشيء يحرف حرفا وانحرف وتحرف واحرورف : عدل . ابن عرفة الأزهري . وإذا مال الإنسان عن شيء يقال تحرف وانحرف واحرورف ; وأنشد العجاج في صفة ثور حفر كناسا فقال :
وإن أصاب عدواء احرورفا عنها ، وولاها ظلوفا ظلفا
أي إن أصاب موانع . وعدواء الشيء : موانعه . وتحريف القلم : قطه محرفا . وقلم محرف : عدل بأحد حرفيه عن الآخر ; قال :
تخال أذنيه إذا تشوفا خافية أو قلما محرفا
وتحريف الكلم عن مواضعه : تغييره . والتحريف في القرآن والكلمة : تغيير الحرف عن معناه والكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه ، كما كانت اليهود تغير معاني التوراة بالأشباه ، فوصفهم الله [ ص: 90 ] بفعلهم فقال تعالى : يحرفون الكلم عن مواضعه . وقوله في حديث : أبي هريرة آمنت بمحرف القلوب ; هو المزيل أي مميلها ومزيغها ، وهو الله تعالى ، وقال بعضهم : المحرك . وفي حديث : لا يأتون النساء إلا على حرف ; أي على جنب . والمحرف : الذي ذهب ماله . والمحارف : الذي لا يصيب خيرا من وجه توجه له والمصدر الحراف : والحرف : الحرمان . ابن مسعود الأزهري : ويقال للمحروم الذي قتر عليه رزقه محارف . وجاء في تفسير قوله تعالى : والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم أن السائل هو الذي يسأل الناس ، والمحروم هو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم ، وهو محارف . وروى الأزهري عن أنه قال : كل من استغنى بكسبه فليس له أن يسأل الصدقة ، وإذا كان لا يبلغ كسبه ما يقيمه وعياله ، فهو الذي ذكره المفسرون أنه المحروم المحارف الذي يحترف بيديه ، قد حرم سهمه من الغنيمة لا يغزو مع المسلمين ، فبقي محروما يعطى من الصدقة ما يسد حرمانه ، والاسم منه الحرفة ، بالضم ، وأما الحرفة فهو اسم من الاحتراف وهو الاكتساب ; يقال : هو يحرف لعياله ويحترف ويقرش ويقترش بمعنى يكتسب من هاهنا وهاهنا ، وقيل : المحارف ، بفتح الراء ، هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يرزق أو يكون لا يسعى في الكسب . وفي الصحاح : رجل محارف ، بفتح الراء ، أي محدود محروم وهو خلاف قولك مبارك ; قال الراجز : الشافعي
محارف بالشاء والأباعر مبارك بالقلعي الباتر
وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاملته وضيق في معاشه كأنه ميل برزقه عنه من الانحراف عن الشيء وهو الميل عنه . وفي حديث : موت المؤمن بعرق الجبين تبقى عليه البقية من الذنوب فيحارف بها عند الموت ; أي يشدد عليه لتمحص ذنوبه ، وضع وضع المجازاة والمكافأة ، والمعنى أن الشدة التي تعرض له حتى يعرق لها جبينه عند السياق تكون جزاء وكفارة لما بقي عليه من الذنوب ، أو هو من المحارفة وهو التشديد في المعاش . وفي التهذيب : فيحارف بها عند الموت ; أي يقايس بها فتكون كفارة لذنوبه ، ومعنى عرق الجبين شدة السياق . والحرف : الاسم من قولك رجل محارف أي منقوص الحظ لا ينمو له مال ، وكذلك الحرفة ، بالكسر . وفي حديث ابن مسعود عمر ، رضي الله عنه : لحرفة أحدهم أشد علي من عيلته ، أي إغناء الفقير وكفاية أمره أيسر علي من إصلاح الفاسد ، وقيل : أراد لعدم حرفة أحدهم والاغتمام لذلك أشد علي من فقره . والمحترف : الصانع . وفلان حريفي أي معاملي . اللحياني : وحرف في ماله حرفة ذهب منه شيء ، وحرفت الشيء عن وجهه حرفا . ويقال : ما لي عن هذا الأمر محرف وما لي عنه مصرف بمعنى واحد أي متنحى ; ومنه قول أبي كبير الهذلي :
أزهير ، هل عن شيبة من محرف أم لا خلود لباذل متكلف
والمحرف : الذي نما ماله وصلح ، والاسم الحرفة . وأحرف الرجل إحرافا فهو محرف إذا نما ماله وصلح . يقال : جاء فلان بالحلق والإحراف إذا جاء بالمال الكثير . والحرفة : الصناعة . وحرفة الرجل : ضيعته أو صنعته . وحرف لأهله واحترف : كسب وطلب واحتال ، وقيل : الاحتراف الاكتساب ، أيا كان . الأزهري : وأحرف إذا استغنى بعد فقر . وأحرف الرجل إذا كد على عياله . وفي حديث عائشة : لما استخلف أبو بكر ، رضي الله عنهما ، قال : لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا ويحترف للمسلمين فيه ; الحرفة : الصناعة وجهة الكسب ; وحريف الرجل : معامله في حرفته ، وأراد باحترافه للمسلمين نظره في أمورهم وتثمير مكاسبهم وأرزاقهم ; ومنه الحديث : إني لأرى الرجل يعجبني فأقول : هل له حرفة ؟ فإن قالوا : لا ، سقط من عيني ; وقيل : معنى الحديث الأول هو أن يكون من الحرفة والحرفة ، بالضم والكسر ، ومنه قولهم : حرفة الأدب ، بالكسر . ويقال : لا تحارف أخاك بالسوء أي لا تجازه بسوء صنيعه تقايسه وأحسن إذا أساء واصفح عنه . : أحرف الرجل إذا جازى على خير أو شر ، قال : ومنه الخبر : إن العبد ليحارف عن عمله الخير أو الشر ; أي يجازى . وقولهم في الحديث : ابن الأعرابي سلط عليهم موت طاعون دفيف يحرف القلوب ; أي يميلها ويجعلها على حرف أي جانب وطرف ، ويروى يحوف ، بالواو ، وسنذكره ; ومنه الحديث : ; أي أمالها ، والحديث الآخر : ووصف سفيان بكفه فحرفها . وحرف عينه : كحلها ; أنشد وقال بيده فحرفها كأنه يريد القتل ووصف بها قطع السيف بحده : ابن الأعرابي
بزرقاوين لم تحرف ، ولما يصبها عائر بشفير ماق
أراد لم تحرفا فأقام الواحد مقام الاثنين كما قال أبو ذؤيب :
نام الخلي ، وبت الليل مشتجرا كأن عيني فيها الصاب مذبوح
والمحرف والمحراف : الميل الذي تقاس به الجراحات . والمحرف والمحراف أيضا : المسبار الذي يقاس به الجرح ; قال القطامي يذكر جراحة :
إذا الطبيب بمحرافيه عالجها زادت على النقر أو تحريكها ضجما
ويروى على النفر ، والنفر الورم ، ويقال : خروج الدم ; وقال الهذلي :
فإن يك عتاب أصاب بسهمه حشاه فعناه الجوى والمحارف
والمحارفة : مقايسة الجرح بالمحراف ، وهو الميل الذي تسبر به الجراحات ; وأنشد :
كما زل عن رأس الشجيج المحارف
وجمعه محارف ومحاريف ; قال الجعدي :
ودعوت لهفك بعد فاقرة [ ص: 91 ] تبدي محارفها عن العظم
وحارفه : فاخره ، قال ساعدة بن جؤية :
فإن تك قسر أعقبت من جنيدب فقد علموا في الغزو كيف نحارف
والحرف : حب الرشاد ، واحدته حرفة . الأزهري : الحرف حب كالخردل . وقال أبو حنيفة : الحرف ، بالضم ، هو الذي تسميه العامة حب الرشاد . والحرف والحراف : حية مظلم اللون يضرب إلى السواد إذا أخذ الإنسان لم يبق فيه دم إلا خرج . والحرافة : طعم يحرق اللسان والفم . وبصل حريف : يحرق الفم وله حرارة ، وقيل : كل طعام يحرق فم آكله بحرارة مذاقه حريف ، بالتشديد ، للذي يلذع اللسان بحرافته ، وكذلك بصل حريف ، قال : ولا يقال حريف .