الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حقل ]

                                                          حقل : الحقل : قراح طيب ، وقيل : قراح طيب يزرع فيه ، وحكى بعضهم فيه الحقلة . أبو عمرو : الحقل الموضع الجادس وهو الموضع البكر الذي لم يزرع فيه قط . وقال أبو عبيد : الحقل القراح من الأرض . ومن أمثالهم : لا ينبت البقلة إلا الحقلة ، وليست الحقلة [ ص: 181 ] بمعروفة . قال ابن سيده : وأراهم أنثوا الحقلة في هذا المثل لتأنيث البقلة أو عنوا بها الطائفة منه ، وهو يضرب مثلا للكلمة الخسيسة تخرج من الرجل الخسيس . والحقل : الزرع إذا استجمع خروج نباته ، وقيل : هو إذا ظهر ورقه واخضر ; وقيل : هو إذا كثر ورقه ; وقيل : هو الزرع ما دام أخضر ، وقد أحقل الزرع ، وقيل : الحقل الزرع إذا تشعب ورقه من قبل أن تغلظ سوقه ، ويقال منها كلها : أحقل الزرع وأحقلت الأرض ; قال ابن بري : شاهده قول الأخطل :


                                                          يخطر بالمنجل وسط الحقل يوم الحصاد ، خطران الفحل



                                                          وفي الحديث : ما تصنعون بمحاقلكم أي مزارعكم ; واحدتها محقلة من الحقل الزرع ; كالمبقلة من البقل . قال ابن الأثير : ومنه الحديث كانت فينا امرأة تحقل على أربعاء لها سلقا ، وقال : هكذا رواه بعض المتأخرين وصوبه أي تزرع ، قال : والرواية تزرع وتحقل ; وقال شمر : قال خالد بن جنبة : الحقل المزرعة التي يزرع فيها البر ; وأنشد :


                                                          لمنداح من الدهنا خصيب     لتنفاح الجنوب به نسيم
                                                          أحب إلي من قريان حسمى     ومن حقلين بينهما تخوم



                                                          وقال شمر : الحقل الروضة ، وقالوا : موضع الزرع . والحاقل : الأكار . والمحاقل : المزارع . والمحاقلة : بيع الزرع قبل بدو صلاحه ، وقيل : بيع الزرع في سنبله بالحنطة ، وقيل : المزارعة على نصيب معلوم بالثلث والربع أو أقل من ذلك أو أكثر وهو مثل المخابرة ، وقيل : المحاقلة اكتراء الأرض بالحنطة وهو الذي يسميه الزراعون المجاربة ; ونهى النبي صلى الله عليه وسلم ، عن المحاقلة وهو بيع الزرع في سنبله بالبر مأخوذ من الحقل القراح . وروي عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما المحاقلة ؟ قال : المحاقلة بيع الزرع بالقمح ; قال الأزهري : فإن كان مأخوذا من إحقال الزرع إذا تشعب فهو بيع الزرع قبل صلاحه ، وهو غرر ، وإن كان مأخوذا من الحقل وهو القراح وباع زرعا في سنبله نابتا في قراح بالبر ، فهو بيع بر مجهول ببر معلوم ، ويدخله الربا ؛ لأنه لا يؤمن التفاضل ويدخله الغرر ؛ لأنه مغيب في أكمامه . وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الحقل بالحقل أن يبيع زرعا في قراح بزرع في قراح ; قال ابن الأثير : وإنما نهى عن المحاقلة ؛ لأنهما من المكيل ولا يجوز فيه إذا كانا من جنس واحد إلا مثلا بمثل ، ويدا بيد ، وهذا مجهول لا يدرى أيهما أكثر ، وفيه النسيئة . والمحاقلة ، مفاعلة ، من الحقل : وهو الزرع الذي يزرع إذا تشعب قبل أن تغلظ سوقه ، وقيل : هو من الحقل وهي الأرض التي تزرع ، وتسميه أهل العراق القراح . والحقلة والحقلة ; الكسر ; عن اللحياني : ما يبقى من الماء الصافي في الحوض ولا ترى أرضه من ورائه . والحقلة : من أدواء الإبل ; قال ابن سيده : ولا أدري أي داء هو ، وقد حقلت تحقل حقلة وحقلا ; قال رؤبة يمدح بلالا ونسبه الجوهري للعجاج :


                                                          يبرق برق العارض النغاض     ذاك وتشفي حقلة الأمراض



                                                          وقال رؤبة :


                                                          في بطنه أحقاله وبشمه



                                                          وهو أن يشرب الماء مع التراب فيبشم . وقال أبو عبيد : من أكل التراب مع البقل ، وقد حقلت الإبل حقلة مثل : رحم رحمة ، والجمع أحقال . قال ابن بري : يقال الحقلة والحقال ، قال : ودواؤه أن يوضع على الدابة عدة أكسية حتى تعرق ، وحقل الفرس حقلا : أصابه وجع في بطنه من أكل التراب وهي الحقلة . والحقل : داء يكون في البطن . والحقل والحقال والحقيلة : ماء الرطب في الأمعاء ، والجمع حقائل ; قال :


                                                          إذا العروض اضطمت الحقائلا



                                                          وربما صيره الشاعر حقلا ; قال الأزهري : أراد بالرطب البقول الرطبة من العشب الأخضر قبل هيج الأرض ، ويجزأ المال حينئذ بالرطب عن الماء ، وذلك الماء الذي تجزأ به النعم من البقول يقال له الحقل والحقيلة ، وهذا يدل على أن الحقل من الزرع ما كان رطبا غضا . والحقيلة : حشافة التمر وما بقي من نفاياته ; قال الأزهري : لا أعرف هذا الحرف وهو مريب . والحقيل : نبت ; حكاه ابن دريد وقال : لا أعرف صحته . وحقيل : موضع بالبادية ; أنشد سيبويه :


                                                          لها بحقيل فالنميرة منزل     ترى الوحش عوذات به ومتاليا



                                                          وحقل : واد بالحجاز . والحقل ، بالألف واللام : موضع ; قال ابن سيده : ولا أدري أين هو . والحوقلة : سرعة المشي ومقاربة الخطو ; وقال اللحياني : هو الإعياء والضعف ; وفي الصحاح : حوقل حوقلة وحيقالا إذا كبر وفتر عن الجماع . وحوقل الرجل إذا مشى فأعيا وضعف . وقال أبو زيد : رجل حوقل معي ، وحوقل إذا أعيا ; وأنشد :


                                                          محوقل وما به من باس     إلا بقايا غيطل النعاس



                                                          وفي النوادر : أحقل الرجل في الركوب إذا لزم ظهر الراحلة . وحوقل الرجل : أدبر ، وحوقل : نام وحوقل الرجل : عجز عن امرأته عند العرس . والحوقل : الشيخ إذا فتر عن النكاح ، وقيل : هو الشيخ المسن من غير أن يخص به الفاتر عن النكاح . وقال أبو الهيثم : الحوقل الذي لا يقدر على مجامعة النساء من الكبر والضعف ; وأنشد :


                                                          أقول : قطبا ونعما     إن سلق لحوقل ، ذراعه قد املق



                                                          والحوقل : ذكر الرجل . الليث : الحوقلة الغرمول اللين ، وهو الدوقلة أيضا . قال الأزهري : هذا غلط غلط فيه الليث في لفظه وتفسيره ، والصواب الحوفلة ، بالفاء ، وهي الكمرة الضخمة مأخوذة من الحفل ، وهو الاجتماع والامتلاء ، وقال : قال أبو عمرو : وابن الأعرابي قال : والحوقلة ، بالقاف ، بهذا المعنى خطأ . الجوهري : الحوقلة الغرمول اللين ، وفي المتأخرين من يقوله بالفاء ، ويزعم أنه الكمرة [ ص: 182 ] الضخمة ويجعله مأخوذا من الحفل وما أظنه مسموعا ، قال : وقلت لأبي الغوث ما الحوقلة ؟ قال : هن الشيخ المحوقل . وحوقل الشيخ : اعتمد بيديه على خصريه ; قال :


                                                          يا قوم ، قد حوقلت ، أو دنوت !     وبعد حيقال الرجال الموت



                                                          ويروى : وبعد حوقال ، وأراد المصدر فلما استوحش من أن تصير الواو ياء فتحه . وحوقله دفعه . والحوقلة : القارورة الطويلة العنق تكون مع السقاء . والحيقل : الذي لا خير فيه ، وقيل : هو اسم ; وأما قول الراعي :


                                                          وأفضن بعد كظومهن بحرة     من ذي الأبارق ، إذ رعين حقيلا



                                                          فهو اسم موضع ; قال ابن بري : كظومهن إمساكهن عن الحرة ، وقيل : حقيلا نبت ، وقيل : إنه جبل من ذي الأبارق كما تقول خرج من بغداد فتزود من المخرم والمخرم من بغداد ; ومثله ما أنشده سيبويه في باب جمع الجمع :


                                                          لها بحقيل فالنميرة منزل     ترى الوحش عوذات به ومتاليا



                                                          وقد تقدم . ويقال : أحقل لي من الشراب ، وذلك من الحقلة ، والحقلة وهو ما دون ملء القدح . وقال أبو عبيدة : الحقلة الماء القليل . وقال أبو زيد : الحقلة البقية من اللبن وليست بالقليلة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية