حين : الحين : الدهر ، وقيل : وقت من الدهر مبهم يصلح لجميع الأزمان كلها ، طالت أو قصرت ، يكون سنة ، وأكثر من ذلك ، وخص بعضهم به أربعين سنة ، أو سبع سنين ، أو سنتين ، أو ستة أشهر ، أو شهرين . والحين : الوقت ، يقال : حينئذ ؛ قال خويلد :
كابي الرماد عظيم القدر جفنته حين الشتاء كحوص المنهل اللقف
والحين : المدة ؛ ومنه قوله تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدهر . التهذيب : الحين وقت من الزمان ، تقول : حان أن يكون ذلك ، وهو يحين ، ويجمع على الأحيان ، ثم تجمع الأحيان أحايين ، وإذا باعدوا بين الوقتين باعدوا بإذ فقالوا : حينئذ ، وربما خففوا همزة إذ فأبدلوها ياء وكتبوها بالياء . وحان له أن يفعل كذا يحين حينا أي : آن . وقوله تعالى : تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قيل : كل سنة ، وقيل : كل ستة أشهر ، وقيل : كل غدوة وعشية . قال الأزهري : وجميع من شاهدته من أهل اللغة يذهب إلى أن الحين اسم كالوقت يصلح لجميع الأزمان ، قال : فالمعنى في قوله عز وجل : تؤتي أكلها كل حين أنه ينتفع بها في كل وقت لا ينقطع نفعها ألبتة ؛ قال : والدليل على أن الحين بمنزلة الوقت قول النابغة أنشده : الأصمعي
تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا ، وحينا تراجع
المعنى : أن السم يخف ألمه وقتا ويعود وقتا . وفي حديث ابن زمل : أكبوا رواحلهم في الطريق وقالوا هذا حين المنزل أي : وقت الركون إلى النزول ، ويروى خير المنزل ، بالخاء والراء . وقوله عز وجل : ولتعلمن نبأه بعد حين أي : بعد قيام القيامة ، وفي المحكم أي : بعد موت ؛ عن . وقوله تعالى : الزجاج فتول عنهم حتى حين أي : حتى تنقضي المدة التي أمهلوا فيها ، والجمع أحيان ، وأحايين جمع الجمع ، وربما أدخلوا عليه التاء وقالوا لات حين بمعنى ليس حين . وفي التنزيل العزيز : ولات حين مناص وأما قول أبي وجزة :
العاطفون تحين ما من عاطف والمفضلون يدا إذا ما أنعموا
قال : قيل إنه أراد العاطفون مثل القائمون والقاعدون ، ثم إنه زاد التاء في حين كما زادها الآخر في قوله : ابن سيده
نولي قبل نأي داري جمانا وصلينا كما زعمت تلانا
أراد الآن ، فزاد التاء وألقى حركة الهمزة على ما قبلها . قال أبو زيد : سمعت من يقول حسبك تلان ، يريد الآن ، فزاد التاء ، وقيل : أراد العاطفونه ، فأجراه في الوصل على حد ما يكون عليه في الوقف ، وذلك أنه يقال في الوقف : هؤلاء مسلمونه وضاربونه فتلحق الهاء لبيان حركة النون ، كما أنشدوا :
أهكذا يا طيب تفعلونه أعللا ونحن منهلونه ؟
فصار التقدير العاطفونه ، ثم إنه شبه هاء الوقف بهاء التأنيث ، فلما احتاج لإقامة الوزن إلى حركة الهاء قلبها تاء كما تقول هذا طلحه ، فإذا وصلت صارت الهاء تاء فقلت : هذا طلحتنا ، فعلى هذا قال العاطفونه ، وفتحت التاء كما فتحت في آخر ربت وثمت وذيت وكيت ؛ وأنشد الجوهري بيت أبي وجزة :
العاطفون تحين ما من عاطف والمطعمون زمان أين المطعم
قال : أنشد ابن بري ابن السيرافي :
فإلى ذرى آل الزبير بفضلهم نعم الذرى في النائبات لنا هم
العاطفون تحين ما من عاطف والمسبغون يدا إذا ما أنعموا
قال : هذه الهاء هي هاء السكت اضطر إلى تحريكها ؛ قال ومثله :
هم القائلون الخير والآمرونه إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما
وحينئذ . تبعيد لقولك الآن . وما ألقاه إلا الحينة بعد الحينة أي : الحين بعد الحين . وعامله محاينة وحيانا : من الحين ؛ الأخيرة عن اللحياني ، وكذلك استأجره محاينة وحيانا ؛ عنه أيضا . وأحان من الحين : أزمن . وحين الشيء : جعل له حينا . وحان حينه أي : قرب وقته . والنفس قد حان حينها إذا هلكت ؛ وقالت بثينة :
وإن سلوي عن جميل لساعة من الدهر ، ما حانت ولا حان حينها
قال : لم يحفظ ابن بري لبثينة غير هذا البيت ، قال : ومثله لمدرك بن حصن :
وليس ابن أنثى مائتا دون يومه ولا مفلتا من ميتة حان حينها
وفي ترجمة حيث : كلمة تدل على المكان ، لأنه ظرف في الأمكنة بمنزلة حين في الأزمنة . قال : ومما تخطئ فيه العامة والخاصة باب حين وحيث ، غلط فيه العلماء مثل الأصمعي أبي عبيدة ، و ؛ قال سيبويه أبو حاتم : رأيت في كتاب أشياء كثيرة يجعل حين حيث ، وكذلك في كتاب سيبويه أبي عبيدة بخطه ؛ قال أبو حاتم : واعلم أن حين وحيث ظرفان ، فحين ظرف من الزمان ، وحيث [ ص: 292 ] ظرف من المكان ، ولكل واحد منهما حد لا يجاوزه ، قال : وكثير من الناس جعلوهما معا حيث ، قال : والصواب أن تقول رأيت حيث كنت أي : في الموضع الذي كنت فيه ، واذهب حيث شئت إلى أي موضع شئت . وفي التنزيل العزيز : فكلا من حيث شئتما . وتقول : رأيتك حين خرج الحاج أي : في ذلك الوقت ، فهذا ظرف من الزمان ، ولا تقل حيث خرج الحاج . وتقول : ائتني حين مقدم الحاج ، ولا يجوز حيث مقدم الحاج ، وقد صير الناس هذا كله حيث . فليتعهد الرجل كلامه ، فإذا كان موضع يحسن فيه أين وأي موضع فهو حيث ، لأن أين معناه حيث ، وقولهم حيث كانوا وأين كانوا معناهما واحد ، ولكن أجازوا الجمع بينهما لاختلاف اللفظين ، واعلم أنه يحسن في موضع حين لما وإذ وإذا ووقت ، ويوم ، وساعة ، ومتى ، تقول : رأيتك لما جئت ، وحين جئت ، وإذ جئت ، وقد ذكر ذلك كله في ترجمة حيث . وعاملته محاينة : مثل مساوعة . وأحينت بالمكان إذا أقمت به حينا . أبو عمرو : أحينت الإبل إذا حان لها أن تحلب أو يعكم عليها . وفلان يفعل كذا أحيانا وفي الأحايين . وتحينت رؤية فلان أي : تنظرته . وتحين الوارش إذا انتظر وقت الأكل ليدخل . وحينت الناقة إذا جعلت لها في كل يوم وليلة وقتا تحلبها فيه . وحين الناقة وتحينها : حلبها مرة في اليوم والليلة ، والاسم الحينة ؛ قال المخبل يصف إبلا :
إذا أفنت أروى عيالك أفنها وإن حينت أربى على الوطب حينها
وفي حديث الأذان : أي : يطلبون حينها . والحين : الوقت . وفي حديث الجمار : كانوا يتحينون وقت الصلاة . وفي الحديث : كنا نتحين زوال الشمس تحينوا نوقكم ؛ هو أن تحلبها مرة واحدة وفي وقت معلوم . : التحيين أن تحلب الناقة في اليوم والليلة مرة واحدة ، قال : والتوجيب مثله وهو كلام العرب . وإبل محينة إذا كانت لا تحلب في اليوم والليلة إلا مرة واحدة ، ولا يكون ذلك إلا بعدما تشول وتقل ألبانها . وهو يأكل الحينة والحينة أي : المرة الواحدة في اليوم والليلة ، وفي بعض الأصول أي : وجبة في اليوم الأصمعي لأهل الحجاز ، يعني الفتح . قال : فرق ابن بري أبو عمرو الزاهد بين الحينة والوجبة فقال : الحينة في النوق والوجبة في الناس ، وكلاهما للمرة الواحدة ، فالوجبة : أن يأكل الإنسان في اليوم مرة واحدة ، والحينة : أن تحلب الناقة في اليوم مرة . والحين : يوم القيامة . والحين ، بالفتح : الهلاك ؛ قال :
وما كان إلا الحين يوم لقائها وقطع جديد حبلها من حبالكا
وقد حان الرجل : هلك ، وأحانه الله . وفي المثل : أتتك بحائن رجلاه . وكل شيء لم يوفق للرشاد فقد حان . الأزهري : يقال حان يحين حينا ، وحينه الله فتحين . والحائنة : النازلة ذات الحين ، والجمع الحوائن ؛ قال النابغة :
بتبل غير مطلب لديها ولكن الحوائن قد تحين
وقول مليح :
وحب ليلى ولا تخشى محونته صدع بنفسك مما ليس ينتقد
يكون من الحين ، ويكون من المحنة . وحان الشيء : قرب . وحانت الصلاة : دنت ، وهو من ذلك . وحان سنبل الزرع : يبس فآن حصاده . وأحين القوم : حان لهم ما حاولوه أو حان لهم أن يبلغوا ما أملوه ؛ عن ؛ وأنشد : ابن الأعرابي
كيف تنام بعدما أحينا
أي حان لنا أن نبلغ . والحانة : الحانوت ؛ عن كراع . الجوهري : والحانات المواضع التي فيها تباع الخمر . والحانية : الخمر منسوبة إلى الحانة ، وهو حانوت الخمار ، والحانوت معروف ، يذكر ويؤنث ، وأصله حانوة مثل ترقوة ، فلما أسكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاء ، والجمع الحوانيت لأن الرابع منه حرف لين ، وإنما يرد الاسم الذي جاوز أربعة أحرف إلى الرباعي في الجمع والتصغير ، إذا لم يكن الحرف الرابع منه أحد حروف المد واللين ؛ قال : حانوت أصله حنووت ، فقدمت اللام على العين فصارت حونوت ، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت حانوت ، ومثل حانوت طاغوت ، وأصله طغيوت ، والله أعلم . ابن بري