سكن : السكون : ضد الحركة . سكن الشيء يسكن سكونا : إذا ذهبت حركته ، وأسكنه هو سكنه غيره تسكينا . وكل ما هدأ فقد سكن كالريح والحر والبرد ونحو ذلك . وسكن الرجل : سكت ، وقيل : سكن في معنى سكت ، وسكنت الريح وسكن المطر وسكن الغضب . وقوله تعالى : وله ما سكن في الليل والنهار ; قال : معناه وله ما حل في الليل والنهار ; وقال ابن الأعرابي : هذا احتجاج على المشركين لأنهم لم ينكروا أن ما استقر في الليل والنهار لله أي هو خالقه ومدبره ، فالذي هو كذلك قادر على إحياء الموتى . وقال الزجاج أبو العباس : في قوله تعالى : وله ما سكن في الليل والنهار ; قال : إنما الساكن من الناس والبهائم خاصة ، وقال : سكن هدأ بعد تحرك ، وإنما معناه ، والله أعلم ، الخلق . أبو عبيد : الخيزرانة ، السكان ، وهو الكوثل أيضا . وقال أبو عمرو : الجذف السكان في باب السفن ، الليث : السكان ذنب السفينة التي به تعدل ، ومنه قول طرفة :
كسكان بوصي بدجلة مصعد
وسكان السفينة عربي . والسكان ما تسكن به السفينة تمنع به الحركة والاضطراب ، والسكين المدية تذكر وتؤنث ; قال الشاعر :فعيث في السنام غداة قر بسكين مؤثقة النصاب
يرى ناصحا فيما بدا وإذا خلا فذلك سكين على الحلق حاذق
بسكين موثقة النصاب
هذا البيت لا تعرفه أصحابنا . وفي الحديث : فجاء الملك بسكين درهرهة أي معوجة الرأس ; قال : ذكره ابن بري ابن الجواليقي في المعرب في باب الدال ، وذكره الهروي في الغريبين . : السكينة لغة في السكين ; قال : ابن سيدهسكينة من طبع سيف عمرو نصابها من قرن تيس بري
قد زملوا سلمى على تكين وأولعوها بدم المسكين
وإن كان لا سعدى أطالت سكونه ولا أهل سعدى آخر الدهر نازله
ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل يسقى دواء قفي السكن مربوب
فيا كرم السكن الذين تحملوا عن الدار والمستخلف المتبدل !
ليلجئوا من هدف إلى فنن إلى ذرى دفء وظل ذي سكن
أقامها بسكن وأدهان
وقال آخر :ألجأني الليل وريح بله إلى سواد إبل وثله
وسكن توقد في مظله
دعرت السكين به آيلا وعين نعاج تراعي السخالا
لله قبر غالها ماذا يجن ن لقد أجن سكينة ووقارا
بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق
بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كأفواه المزاد المخرق
بضرب يزيل الهام عن سكناته وينقع من هام الرجال المشرب
بضرب يزيل الهام عن سكناته وطعن كإيزاع المخاض الضوارب
أما الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال فلم يترك له سبد
هل لك في أجر عظيم تؤجره تغيث مسكينا قليلا عسكره
عشر شياه سمعه وبصره قد حدث النفس بمصر يحضره
أما الفقير الذي كانت حلوبته
لأنه قال : أما الفقير الذي كانت حلوبته ولم يقل الذي حلوبته ، وقال : فلم يترك له سبد ، فأعلمك أنه كانت له حلوبة تقوت عياله ، ومن كانت هذه حاله فليس بفقير ولكن مسكين ، ثم أعلمك أنها أخذت منه فصار إذ ذاك فقيرا ، يعني ابن حمزة بهذا القول أن الشاعر لم يثبت أن للفقير حلوبة لأنه قال : الذي كانت حلوبته ، ولم يقل الذي حلوبته ، وهذا كما تقول أما الفقير الذي كان له مال وثروة فإنه لم يترك له سبد ، فلم يثبت بهذا أن للفقير مالا وثروة ، وإنما أثبت سوء حاله الذي به صار فقيرا ، بعد أن كان ذا مال وثروة ، وكذلك يكون المعنى في قوله :أما الفقير الذي كانت حلوبته
أنه أثبت فقره لعدم حلوبته بعد أن كان مسكينا قبل عدم حلوبته ، ولم يرد أنه فقير مع وجودها فإن ذلك لا يصح كما لا يصح أن يكون للفقير مال وثروة في قولك : أما الفقير الذي كان له مال وثروة ، لأنه لا يكون فقيرا مع ثروته وماله فحصل بهذا أن الفقير في البيت هو الذي لم يترك له سبد بأخذ حلوبته ، وكان قبل أخذ حلوبته مسكينا لأن من كانت له حلوبة فليس فقيرا ، لأنه قد أثبت أن الفقير الذي لم يترك له سبد ، وإذا لم يكن فقيرا فهو إما غني وإما مسكين ، ومن له حلوبة واحدة فليس بغني ، وإذا لم يكن غنيا لم يبق إلا أن يكون فقيرا أو مسكينا ، ولا يصح أن يكون فقيرا على ما تقدم ذكره ، فلم يبق أن يكون إلا مسكينا ، فثبت بهذا أن المسكين أصلح حالا من الفقير ; قال علي بن حمزة : ولذلك بدأ الله تعالى بالفقير قبل من يستحق الصدقة من المسكين وغيره ، وأنت إذا تأملت قوله تعالى : إنما الصدقات للفقراء والمساكين ; وجدته سبحانه قد رتبهم فجعل الثاني أصلح حالا من الأول ، والثالث أصلح حالا من الثاني ، وكذلك الرابع والخامس والسادس والسابع والثامن ، قال : ومما يدلك على أن المسكين أصلح حالا من الفقير أن العرب قد تسمت به ولم تتسم بفقير لتناهي الفقر في سوء الحال ، ألا ترى أنهم قالوا تمسكن الرجل فبنوا منه فعلا على معنى التشبيه بالمسكين في زيه ، ولم يفعلوا ذلك في الفقير إذ كانت حاله لا يتزيا بها أحد ؟ قال : ولهذا رغب الأعرابي الذي سأله يونس عن اسم الفقير لتناهيه في سوء الحال ، فآثر التسمية بالمسكنة أو أراد أنه ذليل لبعده عن قومه ووطنه ، قال : ولا أظنه أراد إلا ذلك ، ووافق قول الأصمعي وابن حمزة في هذا قول ; وقال الشافعي قتادة : الفقير الذي به زمانة ، والمسكين الصحيح المحتاج . وقال زيادة الله بن أحمد : الفقير القاعد في بيته لا يسأل ، والمسكين الذي يسأل ، فمن هاهنا ذهب من ذهب إلى أن المسكين أصلح حالا من الفقير لأنه يسأل فيعطى ، والفقير لا يسأل ولا يشعر به فيعطى للزومه بيته أو لامتناع سؤاله ، فهو يتقنع بأيسر شيء كالذي يتقوت في يومه بالتمرة والتمرتين ونحو ذلك ولا يسأل محافظة على ماء وجهه وإراقته عن السؤال ، فحاله إذا أشد من حال المسكين الذي لا يعدم من يعطيه ، ويشهد بصحة ذلك قوله ، صلى الله عليه وسلم : ، فأعلم أن الذي لا يسأل أسوأ حالا من السائل ، وإذا ثبت أن الفقير هو الذي لا يسأل وأن المسكين هو السائل فالمسكين إذا أصلح حالا من الفقير ، والفقير أشد منه فاقة وضرا ، إلا أن الفقير أشرف نفسا من المسكين لعدم الخضوع الذي في المسكين ، لأن المسكين قد جمع فقرا ومسكنة ، فحاله في هذا أسوأ حالا من الفقير ، ولهذا قال ، صلى الله عليه وسلم : ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ، وإنما المسكين الذي لا يسأل ولا يفطن له فيعطى الحديث ، فأبان أن لفظة المسكين في استعمال الناس أشد قبحا من لفظة الفقير ، وكان الأولى بهذه اللفظة أن تكون لمن لا يسأل [ ص: 223 ] لذل الفقر الذي أصابه ، فلفظة المسكين من هذه الجهة أشد بؤسا من لفظة الفقير ، وإن كان حال الفقير في القلة والفاقة أشد من حال المسكين ، وأصل المسكين في اللغة الخاضع ، وأصل الفقير المحتاج ، ولهذا قال ، صلى الله عليه وسلم : ليس المسكين ; أراد به التواضع والإخبات وأن لا يكون من الجبارين المتكبرين أي خاضعا لك يا رب ذليلا غير متكبر ، وليس يراد بالمسكين هنا الفقير المحتاج . قال اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين محمد بن المكرم : وقد استعاذ سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم من الفقر ; قال : وقد يمكن أن يكون من هذا قوله سبحانه حكاية عن الخضر ، عليه السلام : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ; فسماهم مساكين لخضوعهم وذلهم من جور الملك الذي يأخذ كل سفينة وجدها في البحر غصبا ، وقد يكون المسكين مقلا ومكثرا ، إذ الأصل في المسكين أنه في المسكنة ، وهو الخضوع والذل ، ولهذا وصف الله المسكين بالفقر لما أراد أن يعلم أن خضوعه لفقر لا لأمر غيره بقوله عز وجل : يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ; والمتربة : الفقر ، وفي هذا حجة لمن جعل المسكين أسوأ حالا لقوله ذا متربة ، وهو الذي لصق بالتراب لشدة فقره ، وفيه أيضا حجة لمن جعل المسكين أصلح حالا من الفقير لأنه أكد حاله بالفقر ، ولا يؤكد الشيء إلا بما هو أوكد منه . قال ابن الأثير : وقد تكرر ذكر المسكين والمساكين والمسكنة والتمسكن ، قال : وكلها يدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال والحال السيئة ، واستكان إذا خضع . والمسكنة : فقر النفس . وتمسكن إذا تشبه بالمساكين ، وهم جمع المسكين ، وهو الذي لا شيء له ، وقيل : هو الذي له بعض الشيء قال : وقد تقع المسكنة على الضعف ; ومنه حديث قيلة : قال لها صدقت المسكينة ; أراد الضعف ولم يرد الفقر . قال : المسكين من الألفاظ المترحم بها ، تقول : مررت به المسكين ، تنصبه على أعني ، وقد يجوز الجر على البدل ، والرفع على إضمار هو ، وفيه معنى الترحم مع ذلك ، كما أن رحمة الله عليه وإن كان لفظه لفظ الخبر فمعناه معنى الدعاء ; قال : وكان سيبويه يونس يقول مررت به المسكين ، على الحال ، ويتوهم سقوط الألف واللام ، وهذا خطأ لأنه لا يجوز أن يكون حالا وفيه الألف واللام ، ولو قلت هذا لقلت مررت بعبد الله الظريف تريد ظريفا ، ولكن إن شئت حملته على الفعل كأنه قال لقيت المسكين ، لأنه إذا قال مررت به فكأنه قال لقيته ، وحكي أيضا : إنه المسكين أحمق وتقديره : إنه أحمق ، وقوله المسكين أي هو المسكين ، وذلك اعتراض بين اسم إن وخبرها ، والأنثى مسكينة ; قال : شبهت بفقيرة حيث لم تكن في معنى الإكثار ، وقد جاء مسكين أيضا للأنثى ; قال سيبويه تأبط شرا :قد أطعن الطعنة النجلاء عن عرض كفرج خرقاء وسط الدار مسكين
فما وجدوا فيك ابن مروان سقطة ولا جهلة في مازق تستكينها
إن الرزية يوم مس كن والمصيبة والفجيعه
ونبئت جوابا وسكنا يسبني وعمرو بن عفرا لا سلام على عمرو !
وعلى الرميثة من سكين حاضر وعلى الدثينة من بني سيار