سلم : السلام والسلامة : البراءة . وتسلم منه : تبرأ . وقال ابن [ ص: 241 ] الأعرابي : السلامة العافية ، والسلامة شجرة . وقوله تعالى : وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما معناه تسلما وبراءة لا خير بيننا وبينكم ولا شر ، وليس السلام المستعمل في التحية لأن الآية مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ; هذا كله قول وزعم أن سيبويه أبا ربيعة كان يقول : إذا لقيت فلانا فقل سلاما أي تسلما ، قال : ومنهم من يقول : سلام أي أمري وأمرك المبارأة والمتاركة . قال : قالوا سلاما أي قالوا قولا يتسلمون فيه ليس فيه تعد ولا مأثم ، وكانت العرب في الجاهلية يحيون بأن يقول أحدهم لصاحبه : أنعم صباحا ، وأبيت اللعن ، ويقولون : سلام عليكم ، فكأنه علامة المسالمة وأنه لا حرب هنالك ، ثم جاء الله بالإسلام فقصروا على السلام وأمروا بإفشائه ; قال ابن عرفة أبو منصور : نتسلم منكم سلاما ولا نجاهلكم ، وقيل : قالوا سلاما أي سدادا من القول وقصدا لا لغو فيه . وقوله : قالوا سلاما ; قال : أي سلموا سلاما ، وقال : سلام أي أمري سلام لا أريد غير السلامة وقرئت الأخيرة : قال سلم ، قال الفراء : وسلم وسلام واحد ; وقال : الأول منصوب على سلموا سلاما ، والثاني مرفوع على معنى أمري سلام . وقوله عز وجل : الزجاج سلام هي حتى مطلع الفجر أي لا داء فيها ولا يستطيع الشيطان أن يصنع فيها شيئا ، وقد يجوز أن يكون السلام جمع سلامة . والسلام التحية ; قال ابن قتيبة : يجوز أن يكون السلام السلامة لغتين كاللذاذ واللذاذة ; وأنشد :
تحيي بالسلامة أم بكر وهل لك بعد قومك من سلام ؟
قال : ويجوز أن يكون السلام جمع سلامة ; وقال أبو الهيثم : السلام والتحية معناهما واحد ، ومعناهما السلامة من جميع الآفات . الجوهري : والسلم ، بالكسر ، السلام ; وقال :وقفنا فقلنا إيه سلم ؛ فسلمت فما كان إلا ومؤها بالحواجب
فقلنا السلام فاتقت من أسيرها وما كان إلا ومؤها بالحواجب
عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
سلامك ربنا في كل فجر بريئا ما تعنتك الذموم
بآية يقدمون الخيل زورا كأن على سنابكها مداما
وطيري بمخراق أشم كأنه سليم رماح لم تنله الزعانف
يشكو إذا شد له حزامه شكوى سليم ذربت كلامه
أذاقتهم الحرب أنفاسها وقد تكره الحرب بعد السلم
هاجوا لقومهم السلام كأنهم لما أصيبوا أهل دين محتر
ولا تساير خيلاه إذا التقيا ولا يقدع عن باب إذا وردا
أنائل إنني سلم لأهلك فاقبلي سلمي
فذادوا عدو السلم عن عقر دارهم وأرسوا عمود الدين بعد التمايل
[ ص: 244 ]
فلست مبدلا بالله ربا ولا مستبدلا بالسلم دينا
دعوت عشيرتي للسلم لما رأيتهم تولوا مدبرينا
تكفكف أعدادا من الدمع ركبت سوانيها ثم اندفعن بأسلم
قابلة ما جاء في سلامها برشف الذناب والتهامها
أخو قنص يهفو كأن سراته ورجليه سلم بين حبلي مشاطن
بمقابل سرب المخارز عدله قلق المحالة جارن مسلوم
كأنما هيج حين أطلقا من ذات أسلام عصيا شققا
تعرض جأبة المدرى خذول بصاحة في أسرتها السلام
كلي سلم الجرداء في كل صيفة فإن سألوني عنك كل غريم
إذا ما نجا منها غريم بخيبة أتى معك بالدين غير سئوم
إنك لن ترويها فاذهب ونم إن لها ريا كمعصال السلم
حذرا والسرب أكنافها مستظل في أصول السلام
[ ص: 245 ]
بصاحة في أسرتها السلام
قال : من رواه السلام ، بالكسر ، فهو جمع سلمة كأكمة وإكام ، ومن رواه السلام ، بفتح السين ، فهو جمع سلامة ، وهو نبت آخر غير السلمة ; وأنشد بيت الطرماح قال : وقال امرؤ القيس :حور يعللن العبير روادعا كمها الشقائق أو ظباء سلام
سالمه فوقك السليما
التهذيب : ومن السلام الشجر فهو شجر عظيم ; قال : أحسبه سمي سلاما لسلامته من الآفات . والسلام ، بكسر السين : الحجارة الصلبة ، سميت بهذا سلاما لسلامتها من الرخاوة ; قال الشاعر :تداعين باسم الشيب في متثلم جوانبه من بصرة وسلام
خلقا كما ضمن الوحي سلامها
والسلمة : واحدة السلم ، وهي الحجارة ; قال : وأنشد أبو عبيد في السلمة :ذاك خليلي وذو يعاتبني يرمي ورائي بامسهم وامسلمه
وإن مولاي ذو يعاتبني لا إحنة عنده ولا جرمه
ينصرني منك غير معتذر يرمي ورائي بامسهم وامسلمه
بين الصفا والكعبة المسلم
قيل في تفسيره : أراد المستلم كأنه بنى فعله على فعل . : استلأمت الحجر وإنما هو من السلام وهي الحجارة وكأن الأصل استلمت ، وقال غيره : استلام الحجر افتعال في التقدير مأخوذ من السلام ، وهي الحجارة ، تقول : استلمت الحجر إذا لمسته من السلام ، كما تقول اكتحلت من الكحل ; قال ابن السكيت الأزهري : وهذا قول القتيبي ، وقال : والذي عندي في استلام الحجر أنه افتعال من السلام وهو التحية ، واستلامه لمسه باليد تحريا لقبول السلام منه تبركا به ، وهذا كما يقال : اقترأت منه السلام ، قال : وقد أملى علي أعرابي كتابا إلى بعض أهاليه فقال في آخره : اقترئ مني السلام ، قال : وهذا يدل على صحة هذا القول أن أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا ، معناه أن الناس يحيونه بالسلام ، فافهمه ، وفي حديث قال : ابن عمر بعمر يبكي فقال : يا عمر هاهنا تسكب العبرات ، وروى استقبل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ، فالتفت فإذا هو أبو الطفيل قال : ; قال رأيت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يطوف على راحلته يستلم بمحجنه ويقبل المحجن الليث : استلام الحجر تناوله باليد وبالقبلة ومسحه بالكف ، قال الأزهري : وهذا صحيح . الجوهري : استلم الحجر لمسه إما بالقبلة أو باليد ، لا يهمز لأنه مأخوذ من السلام ، وهو الحجر ، كما تقول : استنوق الجمل ، وبعضهم يهمزه . والسلامى : عظام الأصابع في اليد والقدم ، وسلامى البعير : عظام فرسنه ، قال : السلامى عظام صغار على طول الإصبع أو قريب منها ، وفي كل يد ورجل أربع سلاميات أو ثلاث . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ابن الأعرابي ; قال على كل سلامى من أحدكم صدقة ، ويجزئ في ذلك ركعتان يصليهما من الضحى ابن الأثير : السلامى جمع سلامية وهي الأنملة من الأصابع ، وقيل : واحده وجمعه سواء ، وتجمع على سلاميات ، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان ، وقيل : السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام . وفي حديث خزيمة في ذكر السنة : حتى آل السلامى أي رجع إليه المخ ; قال أبو عبيد : السلامى في الأصل عظم يكون في فرسن البعير ، ويقال : إن آخر ما يبقى فيه المخ من البعير إذا عجف في السلامى وفي العين ، فإذا ذهب منهما لم يكن له بقية بعد ; وأنشد لأبي ميمون النضر بن سلمة العجلي :لا يشتكين عملا ما أنقين ما دام مخ في سلامى أو عين
يديرونني عن سالم وأريغه وجلدة بين العين والأنف سالم
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا يبنى له في السماوات السلاليم
مطارة قلب إن ثنى الرجل ربها بسلم غرز في مناخ يعاجله
مرته السلامى فاستهل ولم تكن لتنهض إلا بالنعامى حوامله
فلما تداعوا بأسيافهم وحان الطعان دعونا سلاما
تحملن من ذات السليم كأنها سفائن يم تنتحيها دبورها
جدلاء محكمة من نسج سلام
كما قال النابغة الذبياني :ونسج سليم كل قضاء ذائل
أراد نسج داود ، فجعله سليمان ثم غير الاسم فقال : سلام وسليم ، ومثل ذلك في أشعارهم كثير ; قال : وقالوا في ابن بري سليمان اسم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سليم وسلام فغيروه ضرورة ; وأنشد بيت النابغة الذبياني ; وأنشد لآخر :مضاعفة تخيرها سليم كأن قتيرها حدق الجراد
ودعا بمحكمة أمين سكها من نسج داود أبي سلام
تعيرني سلمى وليس بقضأة ولو كنت من سلمى تفرعت دارما
يا قرة بن هبيرة بن قشير يا سيد السلمات إنك تظلم
ظليم من التسعاء حتى كأنه حديث بحمى أسأرتها سلالم
كأن قتودي على أحقب يريد نحوصا تؤم السلاما