غير : التهذيب : غير من حروف المعاني تكون نعتا وتكون بمعنى لا ، وله باب على حدة . وقوله : ما لكم لا تناصرون المعنى ما لكم غير متناصرين . وقولهم : لا إله غيرك ، مرفوع على خبر التبرئة ، قال : ويجوز لا إله غيرك ، بالنصب ، أي لا إله إلا أنت ، قال : وكلما أحللت غيرا محل إلا نصبتها ، وأجاز الفراء : ما جاءني غيرك على معنى ما جاءني إلا أنت ؛ وأنشد :
لا عيب فيها غير شهلة عينها
وقيل : غير بمعنى سوى ، والجمع أغيار ، وهي كلمة يوصف بها ويستثنى ، فإن وصفت بها أتبعتها إعراب ما قبلها ، وإن استثنيت بها أعربتها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد إلا ، وذلك أن أصل غير صفة والاستثناء عارض ؛ قال الفراء : بعض بني أسد وقضاعة ينصبون غيرا إذا كان في معنى إلا ، تم الكلام قبلها أو لم يتم ، يقولون : ما جاءني غيرك وما جاءني أحد غيرك ، قال : وقد تكون بمعنى لا فتنصبها على الحال كقوله تعالى : فمن اضطر غير باغ ولا عاد كأنه تعالى قال : فمن اضطر خائفا لا باغيا . وكقوله تعالى : غير ناظرين إناه وقوله سبحانه : غير محلي الصيد . التهذيب : غير تكون استثناء مثل قولك هذا درهم غير دانق ، معناه إلا دانقا ، وتكون غير اسما ، تقول : مررت بغيرك وهذا غيرك . وفي التنزيل العزيز : غير المغضوب عليهم خفضت غير لأنها نعت للذين جاز أن تكون نعتا لمعرفة لأن الذين غير مصمود صمده وإن كان فيه الألف واللام ؛ وقال أبو العباس : جعل الفراء الألف واللام فيهما بمنزلة النكرة . ويجوز أن تكون غير نعتا للأسماء التي في قوله : أنعمت عليهم وهي غير مصمود صمدها ؛ قال : وهذا قول ؛ وقال بعضهم و الفراء يأبى أن يكون غير نعتا إلا للذين لأنهم بمنزلة النكرة ، وقال الأخفش : غير بدل ، قال ثعلب : وليس بممتنع ما قال ، ومعناه التكرير كأنه أراد صراط غير المغضوب عليهم ، وقال الفراء : معنى غير معنى لا ، وفي موضع آخر قال : معنى غير في قوله : غير المغضوب عليهم معنى لا ، ولذلك ردت عليها لا كما تقول : فلان غير محسن ولا مجمل ، قال : وإذا كان غير بمعنى سوى لم يجز أن يكرر عليها ، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول عندي سوى عبد الله ولا زيد ؟ قال : وقد قال من لا يعرف العربية إن معنى غير هاهنا بمعنى سوى وإن لا صلة ؛ واحتج بقوله :
في بئر لا حور سرى وما شعر
قال الأزهري : وهذا قول أبي عبيدة ، وقال أبو زيد : من نصب قوله : غير المغضوب فهو قطع ، وقال : من نصب غيرا ، فهو على وجهين : أحدهما الحال ، والآخر الاستثناء . الزجاج الفراء في قوله عز وجل : والزجاج غير محلي الصيد بمعنى لا ، جعلا معا غير بمعنى لا ، وقوله عز وجل : غير متجانف لإثم غير حال هذا . قال الأزهري : ويكون غير بمعنى ليس كما تقول العرب كلام الله غير مخلوق وليس بمخلوق . وقوله عز وجل : هل من خالق غير الله يرزقكم وقرئ : غير الله ، فمن خفض رده على خالق ، ومن رفعه فعلى المعنى أراد : هل خالق ؟ قال الفراء : وجائز هل من خالق غير الله ، وكذلك : ما لكم من إله غيره هل من خالق إلا الله وما لكم من إله إلا هو فتنصب غير إذا كانت محل إلا . وقال في قولهم : لا أراني الله بك غيرا ؛ الغير : من تغير الحال ، وهو اسم بمنزلة القطع والعنب وما أشبههما ، قال : ويجوز أن يكون جمعا واحدته غيرة ؛ وأنشد : ابن الأنباري
ومن يكفر الله يلق الغير
وتغير الشيء عن حاله : تحول . وغيره : حوله وبدله كأنه جعله غير ما كان . وفي التنزيل العزيز : ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم قال ثعلب : معناه حتى يبدلوا ما أمرهم الله . والغير : الاسم من التغير ؛ عن اللحياني ؛ وأنشد :
إذ أنا مغلوب قليل الغير
قال : ولا يقال إلا غيرت . وذهب اللحياني إلى أن الغير ليس بمصدر إذ ليس له فعل ثلاثي غير مزيد . وغير عليه الأمر : حوله . وتغايرت الأشياء : اختلفت . والمغير : الذي يغير على بعيره أداته ليخفف عنه ويريحه ، وقال الأعشى :واستحث المغيرون من القوم وكان النطاف ما في العزالي
: يقال غير فلان عن بعيره إذا حط عنه رحله وأصلح من شأنه ؛ وقال ابن الأعرابي القطامي :
إلا مغيرنا والمستقي العجل
وغير الدهر : أحواله المتغيرة . وورد في حديث الاستسقاء : من يكفر الله يلق الغير ، أي تغير الحال وانتقالها من الصلاح إلى الفساد . والغير : الاسم من قولك غيرت الشيء فتغير . وأما ما ورد في [ ص: 108 ] الحديث : أنه كره تغيير الشيب ؛ يعني نتفه ، فإن تغيير لونه قد أمر به في غير حديث . وغارهم الله بخير ومطر يغيرهم غيرا وغيارا ويغورهم : أصابهم بمطر وخصب ، والاسم الغيرة . وأرض مغيرة ، بفتح الميم ومغيورة أي مسقية . يقال : اللهم غرنا بخير وغرنا بخير . وغار الغيث الأرض يغيرها أي سقاها . وغارهم الله بمطر أي سقاهم ، يغيرهم ويغورهم . وغارنا الله بخير : كقولك أعطانا خيرا ؛ قال أبو ذؤيب :
وما حمل البختي عام غياره عليه الوسوق برها وشعيرها
وغار الرجل يغوره ويغيره غيرا : نفعه ؛ قال عبد مناف بن ربعي الهذلي :
ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما لا ترقدان ولا بؤسى لمن رقدا
يقول : لا يغني بكاؤهما على أبيهما من طلب ثأره شيئا . والغيرة ، بالكسر ، والغيار : الميرة . وقد غارهم يغيرهم وغار لهم غيارا أي مارهم ونفعهم ؛ قال مالك بن زغبة الباهلي يصف امرأة قد كبرت وشاب رأسها تؤمل بنيها أن يأتوها بالغنيمة وقد قتلوا :
ونهدية شمطاء أو حارثية تؤمل نهبا من بنيها يغيرها
أي يأتيها بالغنيمة فقد قتلوا ؛ وقول بعض الأغفال :
ما زلت في منكظة وسير لصبية أغيرهم بغير
قد يجوز أن يكون أراد أغيرهم بغير ، فغير للقافية ، وقد يكون غير مصدر غارهم إذا مارهم . وذهب فلان يغير أهله أي يميرهم . وغاره يغيره غيرا : وداه ؛ أبو عبيدة : غارني الرجل يغورني ويغيرني إذا وداك ، من الدية . وغاره من أخيه يغيره ويغوره غيرا : أعطاه الدية ، والاسم منها الغيرة ، بالكسر ، والجمع غير ؛ وقيل : الغير اسم واحد مذكر ، والجمع أغيار . وفي الحديث : ؟ الغير : الدية وجمعه أغيار ، مثل ضلع وأضلاع . قال أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لرجل طلب القود بولي له قتل : ألا تقبل الغير ؟ وفي رواية ألا الغير تريد أبو عمرو : الغير جمع غيرة وهي الدية ؛ قال بعض بني عذرة :
لنجدعن بأيدينا أنوفكم بني أميمة إن لم تقبلوا الغيرا وقال بعضهم : إنه واحد وجمعه أغيار . وغيره إذا أعطاه الدية ، وأصلها من المغايرة وهي المبادلة لأنها بدل من القتل ؛ قال أبو عبيدة : وإنما سمى الدية غيرا فيما أرى لأنه كان يجب القود فغير القود دية ، فسميت الدية غيرا ، وأصله من التغيير ؛ وقال أبو بكر : سميت الدية غيرا لأنها غيرت عن القود إلى غيره ؛ رواه في الواو والياء . وفي حديث ابن السكيت محلم بن جثامة : إني لم أجد لما فعل هذا في غرة الإسلام مثلا إلا غنما وردت فرمي أولها فنفر آخرها : اسنن اليوم وغير غدا ؛ معناه أن مثل محلم في قتله الرجل وطلبه أن لا يقتص منه وتؤخذ منه الدية ، والوقت أول الإسلام وصدره ، كمثل هذه الغنم النافرة ؛ يعني إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريد محلم ثبط الناس عن الدخول في الإسلام معرفتهم أن القود يغير بالدية ، والعرب خصوصا ، وهم الحراص على درك الأوتار ، وفيهم الأنفة من قبول الديات ، ثم حث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على الإقادة منه بقوله : يريد : إن لم تقتص منه غيرت سنتك ، ولكنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج المخاطب ويحثه على الإقدام والجرأة على المطلوب منه . ومنه حديث اسنن اليوم وغير غدا ؛ : قال ابن مسعود لعمر ، رضي الله عنهما ، في رجل قتل امرأة ولها أولياء فعفا بعضهم وأراد عمر ، رضي الله عنه ، أن يقيد لمن لم يعف ، فقال له : لو غيرت بالدية كان في ذلك وفاء لهذا الذي لم يعف وكنت قد أتممت للعافي عفوه ، فقال عمر ، رضي الله عنه : كنيف ملئ علما ؛ الجوهري : الغير الاسم من قولك غيرت الشيء فتغير . والغيرة ، بالفتح ، المصدر من قولك غار الرجل على أهله . قال : وغار الرجل على امرأته ، والمرأة على بعلها تغار غيرة وغيرا وغارا وغيارا ؛ قال ابن سيده أبو ذؤيب يصف قدورا :
لهن نشيج بالنشيل كأنها ضرائر حرمي تفاحش غارها
وقال الأعشى :
لاحه الصيف والغيار وإشفاق على سقبة كقوس الضال
ورجل غيران ، والجمع غيارى وغيارى ، وغيور ، والجمع غير ، صحت الياء لخفتها عليهم وأنهم لا يستثقلون الضمة عليها استثقالهم لها على الواو ، ومن قال رسل قال غير ، وامرأة غيرى وغيور ، والجمع كالجمع ؛ الجوهري : امرأة غيور ونسوة غير وامرأة غيرى ونسوة غيارى ؛ وفي حديث ، رضي الله عنها : إن لي بنتا وأنا غيور ، هو فعول من الغيرة وهي الحمية والأنفة . يقال : رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى . وفي رواية : امرأة غيرى ؛ هي فعلى من الغيرة . والمغيار : الشديد الغيرة ؛ قال أم سلمة النابغة :
شمس موانع كل ليلة حرة يخلفن ظن الفاحش المغيار
ورجل مغيار أيضا وقوم مغايير . وفلان لا يتغير على أهله أي لا يغار . وأغار أهله : تزوج عليها فغارت . والعرب تقول : أغير من الحمى أي أنها تلازم المحموم ملازمة الغيور لبعلها . وغايره مغايرة : عارضه بالبيع وبادله . والغيار : البدال ؛ قال الأعشى :
فلا تحسبني لكم كافرا ولا تحسبني أريد الغيارا
تقول للزوج : فلا تحسبني كافرا لنعمتك ولا ممن يريد بها تغييرا . وقولهم : نزل القوم يغيرون أي يصلحون الرحال . وبنو غيرة : حي .