فوق : فوق : نقيض تحت ، يكون اسما وظرفا ، مبني ، فإذا أضيف أعرب ، وحكى : أفوق تنام أم أسفل ، بالفتح على حذف المضاف وترك البناء ، وقوله تعالى : الكسائي إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها قال أبو عبيدة : فما دونها ، كما تقول إذا قيل لك فلان صغير تقول وفوق ذلك أي أصغر من ذلك ; وقال الفراء : فما فوقها أي أعظم منها ; يعني الذباب والعنكبوت . الليث : الفوق نقيض التحت ، فمن جعله صفة كان سبيله النصب كقولك عبد الله فوق زيد لأنه صفة ، فإن صيرته اسما رفعته فقلت فوقه رأسه ، صار رفعا هاهنا لأنه هو الرأس نفسه ، ورفعت كل واحد منهما بصاحبه الفوق بالرأس ، والرأس بالفوق . وتقول : فوقه قلنسوته ، نصبت الفوق لأنه صفة عين القلنسوة ، وقوله تعالى : فخر عليهم السقف من فوقهم لا تكاد تظهر الفائدة في قوله من فوقهم لأن ( عليهم ) قد تنوب عنها . قال : قد يكون قوله تعالى : ابن جني من فوقهم هنا مفيدا ، وذلك أنه قد تستعمل في الأفعال الشاقة المستثقلة على ، تقول قد سرنا عشرا وبقيت علينا ليلتان ، وقد حفظت القرآن وبقيت علي منه سورتان ، وقد صمنا عشرين من الشهر وبقي علينا عشر ، وكذلك يقال في الاعتداد على الإنسان بذنوبه وقبح أفعاله : قد أخرب علي ضيعتي وأعطب علي عواملي ، فعلى هذا لو قيل فخر عليهم السقف ولم يقل من فوقهم ، لجاز أن يظن به أنه كقولك قد خربت عليهم دارهم ، وقد هلكت عليهم مواشيهم وغلالهم ، فإذا قال من فوقهم زال ذلك المعنى المحتمل ، وصار معناه أنه سقط وهم من تحته ، فهذا معنى غير الأول ، وإنما اطردت على في الأفعال التي قدمنا ذكرها مثل خربت عليه ضيعته ، وبطلت عليه عوامله ونحو ذلك من حيث كانت على في الأصل للاستعلاء ، فلما كانت هذه الأحوال كلفا ومشاق تخفض الإنسان وتضعه وتعلوه وتتفرعه حتى يخضع لها ويخنع لما يتسداه منها ، كان ذلك من مواضع على ، ألا تراهم يقولون هذا لك وهذا عليك ؟ فتستعمل اللام فيما تؤثره وعلى فيما تكرهه ; قالت الخنساء :
سأحمل نفسي على آلة فإما عليها وإما لها
وقال ابن حلزة :
فله هنالك لا عليه إذا دنعت نفوس القوم للتعس
فما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في مجمع
ما بال عرسي شرقت بريقها ثمت لا يرجع لها في فوقها
لنا مسائح زور في مراكضها لين وليس بها وهي ولا رقق
شدت بكل صهابي تئط به كما تئط إذا ما ردت الفيق
ألا غلام شب من لداتها معاود لشرب أفوقاتها
أفوقات : جمع أفوقة ، وأفوقة جمع فواق . وقد فاقت تفوق فواقا وفيقة ; وكلما اجتمع من الفواق درة ، فاسمها الفيقة . وقال : أفاقت الناقة تفيق إفاقة وفواقا إذا جاء حين حلبها . ابن الأعرابي : الإفاقة للناقة أن ترد من الرعي وتترك ساعة حتى تستريح وتفيق ، وقال ابن شميل زيد بن كثوة : إفاقة الدرة رجوعها ، وغرارها ذهابها . يقال : استفق الناقة أي لا تحلبها قبل الوقت ; ومنه قوله : لا تستفق من الشراب أي لا تشربه في الوقت ، وقيل : معناه لا تجعل لشربه وقتا إنما تشربه دائما . : المفوق الذي يؤخذ قليلا قليلا من مأكول أو مشروب . ويقال : أفاق الزمان إذا أخصب بعد جدب ; قال ابن الأعرابي الأعشى :
المهينين ما لهم في زمان الس سوء حتى إذا أفاق أفاقوا
فباتت تثج أفاويقها سجال النطاف عليه غزارا
أي تثج أفاويقها على الثور الوحشي كسجال النطاف ; قال : أراهم كسروا فوقا على أفواق ثم كسروا أفواقا على أفاويق . قال ابن سيده أبو عبيد في حديث وقد تذاكر هو ومعاذ قراءة القرآن فقال أبي موسى الأشعري أبو موسى : أما أنا فأتفوقه تفوق اللقوح ; يقول لا أقرأ جزئي بمرة ولكن أقرأ منه شيئا بعد شيء في آناء الليل والنهار ، مشتق من فواق الناقة ، وذلك أنها تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب ، يقال منه : فاقت تفوق فواقا وفيقة ; وأنشد :
فأضحى يسح الماء من كل فيقة
والفيقة ، بالكسر : اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين ، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها ; قال الأعشى يصف بقرة :
حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها أفاويق حتى ما يدر لها ثعل
قال : وقد يجوز أن تجمع فيقة على فيق ، ثم تجمع فيق على أفواق ، فيكون مثل شيعة وشيع وأشياع ; وشاهد أفواق قول الشاعر : ابن بري
تعتاده زفرات حين يذكرها يسقينه بكئوس الموت أفواقا
وفوقت الفصيل أي سقيته اللبن فواقا فواقا . وتفوق الفصيل إذا شرب اللبن كذلك ; وقوله أنشده أبو حنيفة :
شدت بكل صهابي تئط به كما تئط إذا ما ردت الفيق
هريقي من دموعك واستفيقي وصبرا إن أطقت ولن تطيقي
بلغا عامرا وكعبا رسولا إن نفسي إليهما مشتاقه
إن تكن في عمان داري فإني ماجد ما خرجت من غير فاقه
عين بكي لسامة بن لؤي علقت ساق سامة العلاقة
لا أرى مثل سامة بن لؤي حملت حتفه إليه الناقة
رب كأس هرقتها ابن لؤي حذر الموت لم تكن مهراقة
وعدوس السرى تركت رديئا بعد جد وجرأة ورشاقة
وتعاطيت مفرقا بحسام وتجنبت قالة العواقة
كأن النصل والفوقين منه خلال الرأس سيط به مشيح
كسر من عينيه تقويم الفوق
والجمع أفواق وفوق . وذهب بعضهم إلى أن فوقا جمع فوقة ; وقال أبو يوسف : يقال فوقة وفوق وأفواق ; وأنشد بيت رؤبة أيضا ، وقال : هذا جمع فوقة ، ويقال فقوة وفقا ، على القلب . : الفوقة الأدباء الخطباء . ويقال للإنسان تشخص الريح في صدره : فاق يفوق فواقا . وفي حديث ابن الأعرابي في قوله : إنا أصحاب عبد الله بن مسعود محمد اجتمعنا فأمرنا عثمان ولم نأل عن خيرنا ذا فوق ; قال : قوله ذا فوق ; يعني السهم الذي له فوق ، وهو موضع الوتر ، فلهذا خص ذا الفوق ، وإنما قال خيرنا ذا فوق ولم يقل خيرنا سهما لأنه قد يقال له سهم ، وإن لم يكن أصلح فوقه ولا أحكم عمله ، فهو سهم وليس بتام كامل ، حتى إذا أصلح فوقه وأحكم عمله فهو حينئذ سهم ذو فوق ، فجعله الأصمعي عبد الله مثلا لعثمان ، رضي الله عنه ، يقول : إنه خيرنا سهما تاما في الإسلام والفضل والسابقة ، والجمع أفواق ، وهو الفوقة أيضا ، والجمع فوق وفقا مقلوب ; وقال الفند الزماني شهل بن شيبان :
ونبلي وفقاها ك عراقيب قطا طحل
ومن دون ذاك قسي المنو ن لا الفوق نبلا ولا النصل
يكاد يفوق الميس ما لم يردها أمين القوى من صنع أيمن حادر
ولكن وجدت السهم أهون فوقه عليك فقد أودى دم أنت طالبه
يا أيها الشيخ الطويل الموق اغمز بهن وضح الطريق
غمزك بالحوقاء ذات الفوق بين مناطي ركب محلوق
قامت تريك أثيث النبت منسدلا مثل الأساود قد مسحن بالفاق
ترى الأضياف ينتجعون فاقي
السلمي : شاعر مفلق ومفيق ، باللام والياء . والفائق : موصل العنق في الرأس ، فإذا طال الفائق طال العنق . واستفاق من مرضه ومن سكره وأفاق بمعنى . وفي حديث : سهل بن سعد الاستفاقة : استفعال من أفاق إذا رجع إلى ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه . وفي الحديث : فاستفاق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : أين الصبي ؟ إفاقة المريض والمجنون والمغشي عليه والنائم . وفي حديث موسى ، عليه السلام : أي قام من غشيته . فلا أدري أفاق قبلي