فوه : الليث : الفوه أصل بناء تأسيس الفم . قال أبو منصور : مما يدلك على أن الأصل في فم وفو وفا وفي هاء حذفت من آخرها ، قولهم للرجل الكثير الأكل فيه ، وامرأة فيهة . ورجل أفوه : عظيم الفم طويل الأسنان . ومحالة فوهاء إذا طالت أسنانها التي يجري الرشاء فيها . : الفاه والفوه والفيه والفم ، سواء ، والجمع أفواه . وقوله عز وجل : ابن سيده ذلك قولهم بأفواههم وكل قول إنما هو بالفم ، إنما المعنى ليس فيه بيان ولا برهان ، إنما هو قول بالفم ، ولا معنى صحيحا تحته ، لأنهم معترفون بأن الله لم يتخذ صاحبة ، فكيف يزعمون أن له ولدا ؟ أما كونه جمع فوه فبين ، وأما كونه جمع فيه فمن باب ريح وأرواح إذ لم نسمع أفياها ; وأما كونه جمع فاه فإن الاشتقاق يؤذن أن فاها من الواو ، لقولهم مفوه ; وأما كونه جمع فم فلأن أصل فم فوه ، فحذفت الهاء كما حذفت من سنة فيمن قال عاملت مسانهة ، وكما حذفت من شاة ومن شفة ومن عضة ومن است ، وبقيت الواو طرفا متحركة ، فوجب إبدالها ألفا لانفتاح ما قبلها فبقي فا ، ولا يكون الاسم على حرفين أحدهما التنوين ، فأبدل مكانها حرف جلد مشاكل لها ، وهو الميم ، لأنهما شفهيتان ، وفي الميم هوي في الفم يضارع امتداد الواو . قال أبو الهيثم : العرب تستثقل وقوفا على الهاء والحاء والواو والياء إذا سكن ما قبلها ، فتحذف هذه الحروف وتبقي الاسم على حرفين ، كما حذفوا الواو من أب وأخ وغد وهن ، والياء من يد ودم ، والحاء من حر ، والهاء من فوه وشفة وشاة ، فلما حذفوا الهاء من فوه بقيت الواو ساكنة ، فاستثقلوا وقوفا عليها فحذفوها ، فبقي الاسم فاء وحدها فوصلوها بميم ليصير حرفين ، حرف يبتدأ به فيحرك ، وحرف يسكت عليه فيسكن ، وإنما خصوا الميم بالزيادة لما كان في مسكن ، والميم من حروف الشفتين تنطبقان بها ، وأما ما حكي من قولهم أفمام فليس بجمع فم ، إنما هو من باب ملامح ومحاسن ، ويدل على أن فما مفتوح الفاء وجودك إياها مفتوحة في هذا اللفظ ، وأما ما حكى فيها أبو زيد وغيره من كسر الفاء وضمها فضرب من التغيير لحق الكلمة لإعلالها بحذف لامها وإبدال عينها ; وأما قول الراجز :
يا ليتها قد خرجت من فمه حتى يعود الملك في أسطمه
فلا لغو ولا تأثيم فيها وما فاهوا به أبدا مقيم
ضخم يحب الخلق الأضخما
وقولهم أيضا :
ببازل وجناء أو عيهل
كأن مهواها على الكلكل
موقع كفي راهب يصلي
يريد : العيهل والكلكل . قال : فهذا حكم تشديد الميم عندي ، وهو أقوى من أن تجعل الكلمة من ذوات التضعيف بمنزلة هم وحم ، قال : فإن قلت فإذا كان أصل فم عندك فوه فما تقول في قول ابن جني : الفرزدق
هما نفثا في في من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام
خالط من سلمى خياشيم وفا صهباء خرطوما عقارا قرقفا
[ ص: 245 ]
يا حبذا عينا سليمى والفما
قال الفراء : أراد والفمان ; يعني الفم والأنف ، فثناهما بلفظ الفم للمجاورة ، وأجاز أيضا أن ينصبه على أنه مفعول معه ، كأنه قال مع الفم ; قال : وقد يجوز أن ينصب بفعل مضمر كأنه قال وأحب الفم ، ويجوز أن يكون الفم في موضع رفع إلا أنه اسم مقصور بمنزلة عصا ، وقد ذكرنا من ذلك شيئا في ترجمة ( فمم ) . وقالوا : فوك وفو زيد ، في حد الإضافة وذلك في حد الرفع ، وفا زيد وفي زيد في حد النصب والجر ، لأن التنوين قد أمن هاهنا بلزوم الإضافة ، وصارت كأنها من تمامه ; وأما قول ابن جني العجاج :
خالط من سلمى خياشيم وفا
فإنه جاء به على لغة من لم ينون ، فقد أمن حذف الألف لالتقاء الساكنين كما أمن في شاة وذا مال ، قال : وقالوا كلمته فاه إلى في ، وهي من الأسماء الموضوعة موضع المصادر ، ولا ينفرد مما بعده ، ولو قلت كلمته فاه لم يجز ، لأنك تخبر بقربك منه ، وأنك كلمته ولا أحد بينك وبينه ، وإن شئت رفعت أي وهذه حاله . قال سيبويه الجوهري : وقولهم كلمته فاه إلى في أي مشافها ، ونصب فاه على الحال ، وإذا أفردوا لم يحتمل الواو التنوين فحذفوها وعوضوا من الهاء ميما ، قالوا هذا فم وفمان وفموان ، قال : ولو كانت الميم عوضا من الواو لما اجتمعتا ، قال : الميم في فم بدل من الواو ، وليست عوضا من الهاء كما ذكره ابن بري الجوهري ، قال : وقد جاء في الشعر فما مقصور مثل عصا ، قال : وعلى ذلك جاء تثنية فموان ; وأنشد :
يا حبذا وجه سليمى والفما والجيد والنحر وثدي قد نما
وداهية من دواهي المنو ن يرهبها الناس لا فا لها
فقلت له فاها بفيك فإنها قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره
لئن مالك أمسى ذليلا لطالما سعى للتي لا فا لها غير آئب
ولا أقول لذي قربى وآصرة فاها لفيك على حال من العطب
هما نفثا في في من فمويهما
إنه على الضرورة . والفوه ، بالتحريك : سعة الفم وعظمه . والفوه أيضا : خروج الأسنان من الشفتين وطولها ، فوه يفوه فوها ، فهو أفوه ، والأنثى فوهاء بينا الفوه ، وكذلك هو في الخيل . ورجل أفوه : واسع الفم ; قال الراجز يصف الأسد :
أشدق يفتر افترار الأفوه
وفرس فوهاء شوهاء : واسعة الفم في رأسها طول . والفوه في بعض الصفات : خروج الثنايا العليا وطولها . قال : طول الثنايا العليا يقال له الروق ، فأما الفوه ، فهو طول الأسنان كلها . ومحالة فوهاء : طالت أسنانها التي يجري الرشاء بينها . ويقال لمحالة السانية إذا طالت أسنانها : إنها لفوهاء بينة الفوه ; قال الراجز : ابن بري
كبداء فوهاء كجوز المقحم
وبئر فوهاء : واسعة الفم . وطعنة فوهاء : واسعة . وفاه بالكلام يفوه : نطق ولفظ به ; وأنشد لأمية :
وما فاهوا به لهم مقيم
قال : وهذه الكلمة يائية وواوية . ابن سيده أبو زيد : فاه الرجل يفوه فوها إذا كان متكلما . وقالوا : هو فاه بجوعه إذا أظهره وباح به ، والأصل فائه بجوعه ، فقيل فاه كما قالوا جرف هار وهائر . : وقال ابن بري الفراء رجل فاووهة يبوح بكل ما في نفسه وفاه وفاه . ورجل مفوه : قادر على المنطق والكلام ، وكذلك فيه . ورجل فيه : جيد الكلام . وفوهه الله : جعله أفوه . وفاه بالكلام يفوه : لفظ به . ويقال : ما فهت بكلمة وما تفوهت بمعنى أي ما فتحت فمي بكلمة . والمفوه : المنطيق . ورجل مفوه : يفوه بها . وإنه لذو فوهة أي شديد . الكلام بسيط اللسان . وفاهاه إذا ناطقه وفاخره ، وهافاه إذا مايله إلى هواه . والفيه أيضا : الجيد الأكل ، وقيل : الشديد الأكل من الناس وغيرهم ، فيعل ، والأنثى فيهة كثيرة الأكل . والفيه : المفوه المنطيق أيضا . : رجل فيه ومفوه إذا كان حسن الكلام بليغا في كلامه . وفي حديث ابن الأعرابي : خشيت أن يكون مفوها أي بليغا منطيقا ، كأنه مأخوذ من الفوه ، وهو سعة الفم . ورجل فيه ومستفيه [ ص: 246 ] في الطعام إذا كان أكولا . الأحنف الجوهري : الفيه الأكول ، والأصل فيوه فأدغم ، وهو المنطيق أيضا ، والمرأة فيهة . واستفاه الرجل استفاهة واستفاها ; الأخيرة عن اللحياني ، فهو مستفيه : اشتد أكله بعد قلة ، وقيل : استفاه في الطعام أكثر منه ; عن ولم يخص هل ذلك بعد قلة أم لا ; قال ابن الأعرابي أبو زبيد يصف شبلين :
ثم استفاها فلم تقطع رضاعهما عن التضبب لا شعب ولا قدع
أطلقها نضو بلي طلح جرا على أفواهها والسجح
أصخر بن عبد الله من يغو سادرا يقل غير شك لليدين وللفم
يا عجبا للأفلق الفليق صيد على فوهة الطريق
ولو قمت ما قام ابن ليلى لقد هوت ركابي بأفواه السماوة والرجل
ترديت من أفواه نور كأنها زرابي وارتجت عليها الرواعد
بها قضب الريحان تندى وحنوة ومن كل أفواه البقول بها بقل
والأفواه : الأصناف والأنواع . والفوهة : عروق يصبغ بها ، وفي التهذيب : الفوه عروق يصبغ بها . قال الأزهري : لا أعرف الفوه بهذا المعنى . والفوهة : اللبن ما دام فيه طعم الحلاوة ، وقد يقال بالقاف ، وهو الصحيح . والأفوه الأودي : من شعرائهم ، والله تعالى أعلم .