قحم : القحم : الكبير المسن ، وقيل : القحم فوق المسن مثل القحر ، قال رؤبة :
[ ص: 31 ]
رأين قحما شاب واقلحما طال عليه الدهر فاسلهما
، والأنثى قحمة ، وزعم يعقوب أن ميمها بدل من باء قحب . والقحوم : كالقحم . والقحمة : المسنة من الغنم وغيرها كالقحبة ، والاسم القحامة ، والقحومة ، وهي من المصادر التي ليست لها أفعال .
قال أبو عمرو : القحم الكبير من الإبل ولو شبه به الرجل كان جائزا ، والقحر مثله ، وقال أبو العميثل : القحم الذي قد أقحمته السن تراه قد هرم من غير أوان الهرم ، قال الراجز :
إني وإن قالوا كبير قحم عندي حداء زجل ونهم
والنهم : زجر الإبل . الجوهري : شيخ قحم ، أي هم مثل قحل . وفي حديث : ابغني خادما لا يكون قحما فانيا ولا صغيرا ضرعا ، القحم : الشيخ الهم الكبير . وقحم الرجل في الأمر يقحم قحوما واقتحم وانقحم ، وهما أفصح : رمى بنفسه فيه من غير روية ، وقيل : رمى بنفسه في نهر أو وهدة أو في أمر من غير دربة ، وقيل : إنما جاءت قحم في الشعر وحده . وفي الحديث : أقحم يا ابن سيف الله ، قال ابن عمر الأزهري : وفي الكلام العام اقتحم . وتقحيم النفس في الشيء : إدخالها فيه من غير روية . وفي حديث عائشة : أقبلت زينب تقحم لها ، أي : تتعرض لشتمها وتدخل عليها فيه كأنها أقبلت تشتمها من غير روية ولا تثبت . وفي الحديث : أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها ، أي : تقعون فيها . يقال : اقتحم الإنسان الأمر العظيم وتقحمه ، ومنه حديث علي رضي الله عنه : من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض في الجد ، أي : يرمي بنفسه في معاظم عذابها . وفي حديث : ابن مسعود ، أي : الذنوب العظام التي تقحم أصحابها في النار ، أي : تلقيهم فيها . وفي التنزيل : من لقي الله لا يشرك به شيئا غفر له المقحمات فلا اقتحم العقبة ثم فسر اقتحامها ، فقال : فك رقبة أو أطعم ، وقرئ : فك رقبة أو إطعام ؛ ومعنى فلا اقتحم العقبة ، أي : فلا هو اقتحم العقبة ، والعرب إذا نفت بلا فعلا كررتها كقوله : فلا صدق ولا صلى ولم يكررها هاهنا ؛ لأنه أضمر لها فعلا دل عليه سياق الكلام كأنه ، قال : فلا أمن ولا اقتحم العقبة ، والدليل عليه قوله : ثم كان من الذين آمنوا واقتحم النجم إذا غاب وسقط ، قال : ابن أحمر
أراقب النجم كأني مولع بحيث يجري النجم حتى يقتحم
أي : يسقط ، وقال جرير في التقدم :
هم الحاملون الخيل حتى تقحمت قرابيسها وازداد موجا لبودها
والقحم : الأمور العظام التي لا يركبها كل أحد . وللخصومة قحم ، أي : أنها تقحم بصاحبها على ما لا يريده . وفي حديث علي كرم الله وجهه : أنه وكل عبد الله بن جعفر بالخصومة ، وقال : إن للخصومة قحما ، وهي الأمور العظام الشاقة ، واحدتها قحمة ، قال أبو زيد الكلابي : القحم المهالك ، قال أبو عبيد : وأصله من التقحم ، ومنه قحمة الأعراب ، وهو كله مذكور في هذا الفصل ، وقال يصف الإبل وشدة ما تلقى من السير حتى تجهض أولادها : ذو الرمة
يطرحن بالأولاد أو يلتزمنها على قحم بين الفلا والمناهل
وقال شمر : كل شاق صعب من الأمور المعضلة ، والحروب والديون فهي قحم ، وأنشد لرؤبة :
من قحم الدين وزهد الأرفاد
قال : قحم الدين كثرته ومشقته ، قال ساعدة بن جؤية :
والشيب داء نحيس لا دواء له للمرء كان صحيحا صائب القحم
يقول : إذا تقحم في أمر لم يطش ولم يخطئ ، قال : وقال في قوله : ابن الأعرابي
قوم إذا حاربوا في حربهم قحم
قال : إقدام وجرأة وتقحم ، وقال في قوله : من سره أن يتقحم جراثيم جهنم ، قال شمر : التقحم التقدم ، والوقوع في أهوية وشدة بغير روية ولا تثبت ، وقال العجاج :
إذا كلي واقتحم المكلي
يقول : صرع الذي أصيبت كليته . وقحم الطريق : ما صعب منها . واقتحم المنزل : هجمه . واقتحم الفحل الشول : اهتجمها من غير أن يرسل فيها . الأزهري : المقاحيم من الإبل التي تقتحم فتضرب الشول من غير إرسال فيها ، والواحد مقحام ، قال الأزهري : هذا من نعت الفحول . والإقحام : الإرسال في عجلة . وبعير مقحم : يذهب في المفازة من غير مسيم ولا سائق ، قال : ذو الرمة
أو مقحم أضعف الإبطان حادجه بالأمس فاستأخر العدلان ، والقتب
قال : شبه به جناحي الظليم . وأعرابي مقحم : نشأ في البدو والفلوات لم يزايلها . وقحم المنازل : طواها ؛ وقول عائذ بن منقذ العنبري أنشده : ابن الأعرابي
تقحم الراعي إذا الراعي أكب
فسره فقال : تقحم لا تنزل المنازل ولكن تطوي فتقحمه منزلا منزلا يصف إبلا ؛ وقوله :
مقحم الراعي ظنون الشرب
يعني أنه يقتحم منزلا بعد منزل يطويه فلا ينزل فيه ؛ وقوله ظنون الشرب ، أي : لا يدري أبه ماء أم لا . والقحمة : الانقحام في السير ، قال :
لما رأيت العام عاما أسحما كلفت نفسي وصحابي قحما
، والمقحم بفتح الحاء : البعير الذي يربع ويثني في سنة واحدة فيقتحم سنا على سن قبل وقتها ، ولا يكون ذلك إلا لابن الهرمين أو السيئ الغذاء . الأزهري : البعير إذا ألقى سنيه في عام واحد فهو مقحم ، قال : وذلك لا يكون إلا لابن الهرمين ، وأنشد ابن بري لعمرو بن لجأ :
وكنت قد أعددت قبل مقدمي كبداء فوهاء كجوز المقحم
وعنى بالكبداء محالة عظيمة الوسط . وأقحم البعير : قدم إلى سن لم يبلغها كأن يكون في جرم رباع وهو ثني فيقال : رباع لعظمه ، أو يكون في جرم ثني وهو جذع ، فيقال : ثني لذلك أيضا ، وقيل : المقحم الحق وفوق الحق مما لم يبزل . وقحمة الأعراب : أن تصيبهم السنة [ ص: 32 ] فتهلكهم فذلك تقحمها عليهم أو تقحمهم بلاد الريف . وقحمتهم سنة جدبة : تقتحم عليهم ، وقد أقحموا وأقحموا الأولى عن ثعلب وقحموا فانقحموا : أدخلوا بلاد الريف هربا من الجدب . وأقحمتهم السنة الحضر ، وفي الحضر : أدخلتهم إياه . وكل ما أدخلته شيئا فقد أقحمته إياه وأقحمته فيه ، وقال :
في كل حمد أفاد الحمد يقحمها ما يشترى الحمد إلا دونه قحم
الجوهري : القحمة السنة الشديدة . يقال : أصابت الأعراب القحمة إذا أصابهم قحط . وفي الحديث : أقحمت السنة ، أي : أخرجته من البادية وأدخلته الحضر . والقحمة : ركوب الإثم عن ثعلب ، والقحمة بالضم : المهلكة . وأسود قاحم : شديد السواد كفاحم . والتقحيم : رمي الفرس فارسه على وجهه ، قال : يقحم الفارس لولا قبقبه ويقال : تقحمت بفلان دابته وذلك إذا ندت به فلم يضبط رأسها ، وربما طوحت به في وهدة أو وقصت به ، قال الراجز : نابغة بني جعدة
أقول والناقة بي تقحم وأنا منها مكلئز معصم
ويحك ما اسم أمها يا علكم ؟
يقال : إن الناقة إذا تقحمت براكبها نادة لا يضبط رأسها أنها إذا سمى أمها وقفت . وعلكم : اسم ناقة . وأقحم فرسه النهر فانقحم واقتحم النهر أيضا : دخله . وفي حديث عمر : ، أي : ألقتني . والقحمة : الورطة ، والمهلكة . وقحم إليه يقحم : دنا . والقحم : ثلاث ليال من آخر الشهر ; لأن القمر قحم في دنوه إلى الشمس . واقتحمته عيني : ازدرته ، قال : وقد يكون الذي تقحمه عينك فترفعه فوق سنه لعظمه وحسنه نحو أن يكون ابن لبون فتظنه حقا أو جذعا . وفي حديث أنه دخل عليه وعنده غليم أسود يغمز ظهره ، فقال : ما هذا الغلام ، قال : إنه تقحمت بي الناقة الليلة أم معبد ، أي : لا تتجاوزه إلى غيره احتقارا له . وكل شيء ازدريته فقد اقتحمته ، أراد الواصف أنه لا تستصغره العين ، ولا تزدريه لقصره . وفلان مقحم ، أي : ضعيف . وكل شيء نسب إلى الضعف فهو مقحم ، ومنه قول في صفة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقتحمه عين من قصر : النابغة الجعدي
علونا وسدنا سوددا غير مقحم
قال : وأصل هذا وشبهه من المقحم الذي يتحول من سن إلى سن في سنة واحدة ؛ وقوله أنشده : ابن الأعرابي
من الناس أقوام إذا صادفوا الغنى تولوا وقالوا للصديق وقحموا
فسره فقال : أغلظوا عليه وجفوه .