قصد : القصد استقامة الطريق . قصد يقصد قصدا فهو قاصد . وقوله تعالى : وعلى الله قصد السبيل ، أي : على الله تبيين الطريق المستقيم والدعاء إليه بالحجج والبراهين الواضحة ومنها جائر ، أي : ومنها طريق غير قاصد . وطريق قاصد : سهل مستقيم . وسفر قاصد : سهل قريب . وفي التنزيل العزيز : لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك قال : سفرا قاصدا ، أي : غير شاق . والقصد : العدل : قال ابن عرفة أبو اللحام التغلبي ، ويروى لعبد الرحمن بن الحكم والأول الصحيح :
على الحكم المأتي ، يوما إذا قضى قضيته أن لا يجور ويقصد
قال الأخفش : أراد وينبغي أن يقصد فلما حذفه وأوقع يقصد موقع ينبغي رفعه لوقوعه موقع المرفوع ، وقال الفراء : رفعه للمخالفة ; لأن معناه مخالف لما قبله فخولف بينهما في الإعراب قال : معناه على الحكم المرضي بحكمه المأتي إليه ليحكم أن لا يجور في حكمه بل يقصد ، أي : يعدل ، ولهذا رفعه ولم ينصبه عطفا على قوله أن لا يجور لفساد المعنى ; لأنه يصير التقدير : عليه أن لا يجور وعليه أن لا يقصد ، وليس المعنى على ذلك بل المعنى : وينبغي له أن يقصد وهو خبر بمعنى الأمر ، أي : وليقصد ، وكذلك قوله تعالى : ابن بري والوالدات يرضعن أولادهن ، أي : ليرضعن . وفي الحديث : ، أي : عليكم بالقصد من الأمور في القول والفعل وهو الوسط بين الطرفين وهو منصوب على المصدر المؤكد وتكراره للتأكيد . وفي الحديث : القصد القصد تبلغوا . وفي الحديث : كانت صلاته قصدا وخطبته قصدا ، أي : طريقا معتدلا . والقصد : الاعتماد والأم . قصده يقصده قصدا ، وقصد له ، وأقصدني إليه الأمر ، وهو قصدك وقصدك ، أي : تجاهك ، وكونه اسما أكثر في كلامهم . والقصد : إتيان الشيء . تقول : قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى . وقد قصدت قصادة وقال : عليكم هديا قاصدا
قطعت وصاحبي سرح كناز كركن الرعن ذعلبة قصيد
وقصدت قصده : نحوت نحوه . والقصد في الشيء : خلاف الإفراط وهو ما بين الإسراف والتقتير . والقصد في المعيشة : أن لا يسرف ولا يقتر . يقال : فلان مقتصد في النفقة ، وقد اقتصد ، واقتصد فلان في أمره ، أي : استقام . وقوله : ومنهم مقتصد بين الظالم والسابق . وفي الحديث : ما عال مقتصد ولا يعيل ، أي : ما افتقر من لا يسرف في الإنفاق ولا يقتر . وقوله تعالى : واقصد في مشيك واقصد بذرعك ، أي : اربع على نفسك . وقصد فلان في مشيه إذا مشى مستويا ، ورجل قصد ومقتصد والمعروف مقصد : ليس بالجسيم ولا الضئيل . وفي الحديث عن الجريري قال : كنت أطوف بالبيت مع أبي الطفيل ، فقال : ما بقي أحد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيري قال : قلت له : ورأيته ؟ قال : نعم قلت : فكيف كان صفته ؟ كان أبيض مليحا مقصدا قال : أراد بالمقصد أنه كان ربعة بين الرجلين وكل بين مستو غير مشرف ولا ناقص فهو قصد ، وأبو الطفيل هو . قال واثلة بن الأسقع : المقصد من الرجال يكون بمعنى القصد وهو الربعة . وقال ابن شميل الليث : المقصد من الرجال الذي ليس بجسيم ولا قصير ، وقد يستعمل هذا النعت في غير الرجال أيضا ، قال ابن الأثير في تفسير المقصد في الحديث : هو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كأن خلقه يجيء به القصد من الأمور ، والمعتدل الذي لا يميل إلى أحد طرفي التفريط والإفراط . والقصدة من النساء : العظيمة الهامة التي لا يراها أحد إلا أعجبته . والمقصدة : التي إلى القصر . والقاصد : القريب ، يقال : بيننا وبين الماء ليلة قاصدة ، أي : هينة السير لا تعب ولا بطء . والقصيد من الشعر : ما تم شطر أبياته ، وفي التهذيب : شطرا بنيته ، سمي بذلك لكماله وصحة وزنه . وقال : سمي قصيدا ; لأنه قصد واعتمد وإن كان ما قصر منه واضطرب بناؤه نحو الرمل والرجز شعرا مرادا مقصودا ، وذلك أن ما تم من الشعر وتوفر آثر عندهم وأشد تقدما في أنفسهم مما قصر واختل ، فسموا ما طال ووفر قصيدا ، أي : مرادا مقصودا وإن كان الرمل والرجز أيضا مرادين مقصودين ، والجمع قصائد ، وربما قالوا : قصيدة . ابن جني الجوهري : القصيد جمع القصيدة كسفين جمع سفينة ، وقيل : الجمع قصائد ، وقصيد ، قال : فإذا رأيت القصيدة الواحدة قد وقع عليها القصيد بلا هاء فإنما ذلك ; لأنه وضع على الواحد اسم جنس اتساعا ، كقولك : خرجت فإذا السبع ، وقتلت اليوم الذئب ، وأكلت الخبز وشربت الماء ، وقيل : سمي قصيدا ; لأن قائله احتفل له فنقحه باللفظ الجيد والمعنى المختار ، وأصله من القصيد وهو المخ السمين الذي يتقصد ، أي : يتكسر لسمنه ، وضده الرير والرار وهو المخ السائل الذائب الذي يميع كالماء ولا يتقصد ، والعرب تستعير السمن في الكلام الفصيح فتقول : هذا كلام سمين ، أي : جيد . وقالوا : شعر قصد إذا نقح وجود وهذب ، وقيل : سمي الشعر التام قصيدا ; لأن قائله جعله من باله فقصد له قصدا ولم يحتسه حسيا على ما خطر بباله وجرى على لسانه ، بل روى فيه خاطره واجتهد في تجويده ولم يقتضبه اقتضابا فهو فعيل من القصد [ ص: 114 ] وهو الأم ، ومنه قول ابن جني النابغة :
وقائلة : من أمها واهتدى لها ؟ زياد بن عمرو أمها واهتدى لها
أراد قصيدته التي يقول فيها :
يا دار مية بالعلياء فالسند
ابن بزرج : أقصد الشاعر وأرمل وأهزج وأرجز من القصيد والرمل والهزج والرجز . وقصد الشاعر وأقصد : أطال وواصل عمل القصائد ، قال :
قد وردت مثل اليماني الهزهاز تدفع عن أعناقها بالأعجاز
أعيت على مقصدنا والرجاز
فمفعل إنما يراد به هاهنا مفعل لتكثير الفعل ، يدل على أنه ليس بمنزلة محسن ومجمل ونحوه مما لا يدل على تكثير ; لأنه لا تكرير عين فيه أنه قرنه بالرجاز وهو فعال ، وفعال موضوع للكثرة . وقال : ومما لا يكاد يوجد في الشعر البيتان الموطآن ليس بينهما بيت والبيتان الموطآن ، وليست القصيدة إلا ثلاثة أبيات ، فجعل القصيدة ما كان على ثلاثة أبيات ، قال أبو الحسن الأخفش : وفي هذا القول من ابن جني الأخفش جواز ، وذلك لتسميته ما كان على ثلاثة أبيات قصيدة ، قال : والذي في العادة أن يسمى ما كان على ثلاثة أبيات أو عشرة أو خمسة عشر قطعة ، فأما ما زاد على ذلك فإنما تسميه العرب قصيدة . وقال الأخفش : القصيد من الشعر هو الطويل والبسيط التام والكامل التام والمديد التام والوافر التام والرجز التام والخفيف التام ، وهو كل ما تغنى به الركبان ، قال : ولم نسمعهم يتغنون بالخفيف ، ومعنى قوله المديد التام والوافر التام يريد أتم ما جاء منها في الاستعمال ، أعني الضربين الأولين منها ، فأما أن يجيئا على أصل وضعهما في دائرتيهما فذلك مرفوض مطرح . قال : أصل " ق ص د " ومواقعها في كلام العرب الاعتزام والتوجه والنهود والنهوض نحو الشيء ، على اعتدال كان ذلك أو جور ، هذا أصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل ، ألا ترى أنك تقصد الجور تارة كما تقصد العدل أخرى ؟ فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعا . والقصد : الكسر في أي وجه كان ، تقول : قصدت العود قصدا كسرته ، وقيل : هو الكسر بالنصف قصدته أقصده وقصدته فانقصد ، وتقصد ، أنشد ابن جني ثعلب :
إذا بركت خوت على ثفناتها على قصب مثل اليراع المقصد
شبه صوت الناقة بالمزامير ، والقصدة : الكسرة منه ، والجمع قصد . يقال : القنا قصد ، ورمح قصد ، وقصيد مكسور . وتقصدت الرماح : تكسرت . ورمح أقصاد وقد انقصد الرمح : انكسر بنصفين حتى يبين ، وكل قطعة قصدة ، ورمح قصد بين القصد ، وإذا اشتقوا له فعلا قالوا انقصد ، وقلما يقولون قصد ، إلا أن كل نعت على فعل لا يمتنع صدوره من انفعل ، وأنشد أبو عبيد لقيس بن الخطيم :
ترى قصد المران تلقى كأنها تذرع خرصان بأيدي الشواطب
وقال آخر :
أقرو إليهم أنابيب القنا قصدا
يريد أمشي إليهم على كسر الرماح . وفي الحديث : كانت المداعسة بالرماح حتى تقصدت ، أي : تكسرت وصارت قصدا ، أي : قطعا . والقصدة بالكسر : القطعة من الشيء إذا انكسر ، ورمح أقصاد . قال الأخفش : هذا أحد ما جاء على بناء الجمع . وقصد له قصدة من عظم وهي الثلث أو الربع من الفخذ أو الذراع أو الساق أو الكتف . وقصد المخة قصدا وقصدها : كسرها وفصلها وقد انقصدت وتقصدت . والقصيد : المخ الغليظ السمين واحدته قصيدة . وعظم قصيد : ممخ ، أنشد ثعلب :
وهم تركوكم لا يطعم عظمكم هزالا ، وكان العظم قبل قصيدا
أي : ممخا وإن شئت قلت : أراد ذا قصيد ، أي : مخ . والقصيدة : المخة إذا خرجت من العظم ، وإذا انفصلت من موضعها أو خرجت قيل : انقصدت . أبو عبيدة : مخ قصيد وقصود وهو دون السمين وفوق المهزول . الليث : القصيد اليابس من اللحم ، وأنشد قول أبي زبيد :
وإذا القوم كان زادهم اللح م قصيدا منه وغير قصيد
وقيل : القصيد السمين هاهنا . وسنام البعير إذا سمن : قصيد قال المثقب :
سيبلغني أجلادها وقصيدها
: القصود من الإبل الجامس المخ ، واسم المخ الجامس قصيد . وناقة قصيد وقصيدة : سمينة ممتلئة جسيمة بها نقي ، أي : مخ أنشد ابن شميل : ابن الأعرابي
وخفت بقايا النقي إلا قصيبة قصيد السلامى أو لموسا سنامها
والقصيد أيضا والقصد : اللحم اليابس ، قال الأخطل :
وسيروا إلى الأرض التي قد علمتم يكن زادكم فيها قصيد الأباعر
والقصدة : العنق ، والجمع أقصاد ، عن كراع ، وهذا نادر ، قال : أعني أن يكون أفعال جمع فعلة إلا على طرح الزائد والمعروف القصرة . والقصد والقصد والقصد ، الأخيرة عن ابن سيده أبي حنيفة : كل ذلك مشرة العضاه وهي براعيمها وما لان قبل أن يعسو ، وقد أقصدت العضاه وقصدت . قال أبو حنيفة : القصد ينبت في الخريف إذا برد الليل من غير مطر . والقصيد : المشرة عن أبي حنيفة ، وأنشد :
ولا تشعفاها بالجبال وتحميا عليها ظليلات يرف قصيدها
الليث : القصد مشرة العضاه أيام الخريف تخرج بعد القيظ الورق في العضاه أغصان رطبة غضة رخاص ، فسمى كل واحدة منها قصدة . وقال : القصدة من كل شجرة ذات شوك أن يظهر نباتها أول ما ينبت . ابن الأعرابي : والإقصاد القتل على كل حال ، وقال الأصمعي الليث : هو القتل على المكان ، يقال : عضته حية فأقصدته . والإقصاد : أن تضرب الشيء أو ترميه فيموت مكانه . وأقصد السهم [ ص: 115 ] أي : أصاب فقتل مكانه . وأقصدته حية : قتلته ، قال الأخطل :
فإن كنت قد أقصدتني إذ رميتني بسهميك فالرامي يصيد ولا يدري
أي : ولا يختل . وفي حديث علي : وأقصدت بأسهمها أقصدت الرجل إذا طعنته أو رميته بسهم فلم تخطئ مقاتله ، فهو مقصد ، وفي شعر حميد بن ثور :
أصبح قلبي من سليمى مقصدا إن خطأ منها وإن تعمدا
فتقصدت منها كساب وضرجت بدم وغودر في المكر سحامها
وقصده قصدا : قسره . والقصيد : العصا ، قال حميد :
فظل نساء الحي يحشون كرسفا رءوس عظام أوضحتها القصائد
سمي بذلك ; لأنه بها يقصد الإنسان وهي تهديه وتؤمه ؛ كقول الأعشى :
إذا كان هادي الفتى في البلا د صدر القناة أطاع الأميرا
والقصد : العوسج ، يمانية .