بنق : بنق الكتاب : لغة في نبقه . وبنق كلامه : جمعه وسواه ، ومنه بنائق القميص أي جمع شيء ، وقد بنق كتابه إذا جوده وجمعه . والبنقة والبنيقة : رقعة تكون في الثوب كاللبنة ونحوها ، مشتق من ذلك ، وقيل : البنيقة لبنة القميص ، والجمع بنائق وبنيق ، قال قيس بن معاذ المجنون :
يضم إلي الليل أطفال حبها كما ضم أزرار القميص البنائق .
ويروى : أثناء حبها ، ويروى : أبناء حبها ، وأراد بالأطفال الأحزان المتولدة عن الحب ، قال : وهذا من المقلوب لأن الأزرار هي التي تضم البنائق ، وليست البنائق هي التي تضم الأزرار ، وكان حق إنشاده : ابن بري
كما ضم أزرار القميص البنائقا .
إلا أنه قلبه ، وفسر البنائق هنا بالعرى التي تدخل فيها الأزرار ، والمعنى على هذا واضح بين لا يحتاج معه إلى قلب ولا تعسف إلا أن الجمهور على الوجه الأول ، وذكر أبو عمرو الشيباني ابن السيرافي أنه روى بعضهم :
كما ضم أزرار القميص البنائقا .
قال : وليس بصحيح لأن القصيدة مرفوعة ، وأولها :
لعمرك إن الحب ، يا أم مالك بجسمي ، جزاني الله ، منك للائق .
وبعد قوله :
يضم إلي الليل أطفال حبها .
قوله :
وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا سوى أن يقولوا : إنني لك عاشق ؟
نعم صدق الواشون ! أنت حبيبة إلي ، وإن لم تصف منك الخلائق .
وقال أبو الحجاج الأعلم : البنيقة اللبنة . وكل رقعة تزاد في ثوب أو دلو ليتسع ، فهي بنيقة ، ويقوي هذا القول قول الأعشى :
قوافي أمثالا يوسعن جلده كما زدت في عرض الأديم الدخارصا .
فجعل الدخرصة رقعة في الجلد زيدت ليتسع بها ، قال : والدخرصة أطول من اللبنة ، قال السيرافي : وإذا ثبت أن بنيقة القميص هي جربانه فهم معناه ، لأن جربانه معروف ، وهو طوقه الذي فيه الأزرار مخيطة ، فإذا أريد ضمه أدخلت أزراره في العرى فضم الصدر إلى النحر ، وعلى ذلك فسر بيت ابن بري قيس بن معاذ المتقدم ، قال : ويبين صحة ذلك ما أنشده القالي في نوادره وهو :
له خفقان يرفع الجيب والحشى يقطع أزرار الجربان ثائره .
هكذا أنشده ، بكسر الجيم والراء ، وزعم أنه وجده كذا بخط إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، وكان الفراء ومن تابعه يضم الجيم والراء ، ومثل هذا بيت ابن الدمينة :
رمتني بطرف ، لو كميا رمت به لبل نجيعا نحره وبنائقه .
لأن البنيقة طوق الثوب الذي يضم النحر وما حوله ، وهو الجربان ، قال : ويحتمل أن يريد العرى على تفسير الشيباني ، قال : ومما يدلك على أن البنيقة هي الجربان قول جرير :
إذا قيل هذا البين ، راجعت عبرة لها بجربان البنيقة واكف .
وإنما أضاف الجربان إلى البنيقة وإن كان إياها في المعنى ليعلم أنهما [ ص: 156 ] بمعنى واحد ، وهذا من باب إضافة العام إلى الخاص ، كقولهم عرق النسا ، وإن كان العرق هو النسا من جهة أن النسا خاص والعرق عام لا يخص النسا من غيره ، ومثل ذلك حبل الوريد وحب الحصيد وثابت قطنة لأن قطنة لقبه ، وكان يجعل في أنفه قطنة فيصير أعرف من ثابت ، ولما كان الجربان عاما ينطلق على البنيقة وعلى غلاف السيف وأريد به البنيقة أضافه إلى البنيقة ليخصصه بذلك ، قال : ومثل بيت جرير قول : ابن الرقاع
كأن زرور القبطرية علقت بنادكها منه بجذع مقوم .
والبنادك : البنائق ، ويروى هذا البيت أيضا لملحة الجرمي ويروى : علقت بنائقها ، وقيل : هي هنا عراها فيكون حجة لأبي عمرو الشيباني . قال أبو العباس الأحول : والبنيقة الدخرصة ، وعليه فسر بيت يهجو رهط ذي الرمة امرئ القيس بن زيد مناة :
على كل كهل أزعكي ويافع من اللؤم ، سربال جديد البنائق .
فقال : البنائق الدخارص ، وإنما خص البنائق بالجدة ليعلم بذلك أن اللؤم فيهم ظاهر بين كما قال طرفة :
تلاقى ، وأحيانا تبين كأنها بنائق غر في قميص مقدد .
وقول الشاعر :
قد أغتدي والصبح ذو بنيق .
جعل له بنيقا على التشبيه ببنيقة القميص لبياضها ، وأنشد هذا الرجز : ابن بري
والصبح ذو بنائق .
وقال : شبه بياض الصبح ببياض البنيقة ، قال : ومثله قول نصيب :
سودت فلم أملك سوادي ، وتحته قميص من القوهي ، بيض بنائقه .
وأراد بقوله سودت أنه عورت عينه ، واستعار لها تحت السواد من عينه قميصا بيضا بنائقه كما استعار للثلج ملاء بيض البنائق تظل بعينيها إلى الجبل الذي عليه ملاء الثلج ، بيض البنائق . الفرزدق
وقال ثعلب : بنائق وبنق ، وزعم أن بنقا جمع الجمع ، وهذا ما لا يعقل ، وقال الليث في قوله :
قد أغتدي والصبح ذو بنيق .
قال : شبه بياض الصبح ببياض البنيقة ، وقال : ذو الرمة
إذا اعتفاها صحصحان مهيع مبنق بآله مقنع .
قال : قوله مبنق يقول السراب في نواحيه مقنع قد غطى كل شيء منه . قال الأصمعي : أعلم أن البنيقة قد اختلف في تفسيرها فقيل : هي لبنة القميص ، وقيل : جربانه ، وقيل : دخرصته ، فعلى هذا تكون البنيقة والدخرصة والجربان بمعنى واحد ، وسميت بنيقة لجمعها وتحسينها . ابن بري : أرض مبنوقة موصولة بأخرى كما توصل بنيقة القميص ، قال ابن سيده : ذو الرمة
ومغبرة الأفياف محلولة الحصى دياميمها مبنوقة بالصفاصف .
هكذا رواه أبو عمرو ، وروى غيره موصولة . والبنيقة : الزمعة من العنب إذا عظمت . والبنيقة : السطر من النخل . : أبنق وبنق ونبق وأنبق كله إذا غرس شراكا واحدا من الودي فيقال : نخل مبنق ومنبق . وفي النوادر : بنق فلان كذبة حرشاء وبوقها وبلقها إذا صنعها وزوقها . وبنقته بالسوط وبلقته وقوبته وجوبته وفتقته وفلقته إذا قطعته . وبنيقة الفرس : الشعر المختلف في وسط مرفقه ، وقيل : في وسط مرفقه مما يلي الشاكلة . والبنيقتان : دائرتان في نحر الفرس . والبنيقتان : عودان في طرفي المضمدة . ابن الأعرابي