قول : القول الكلام على الترتيب ، وهو عند المحقق كل لفظ قال به اللسان تاما كان أو ناقصا ، تقول : قال يقول قولا ، والفاعل قائل ، والمفعول مقول ، قال : واعلم أن قلت في كلام العرب إنما وقعت على أن تحكي بها ما كان كلاما لا قولا ، يعني بالكلام الجمل ، كقولك : زيد منطلق ، وقام زيد ، ويعني بالقول الألفاظ المفردة التي يبنى الكلام منها ، كزيد من قولك : زيد منطلق ، وعمرو من قولك : قام عمرو : فأما تجوزهم في تسميتهم الاعتقادات والآراء قولا ; فلأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول أو بما يقوم مقام القول من شاهد الحال فلما كانت لا تظهر إلا بالقول سميت قولا إذ كانت سببا له وكان القول دليلا عليها ، كما يسمى الشيء باسم غيره إذا كان ملابسا له ، وكان القول دليلا عليه ، فإن قيل : فكيف عبروا عن الاعتقادات والآراء بالقول ولم يعبروا عنها بالكلام ، ولو سووا بينهما أو قلبوا الاستعمال فيهما كان ماذا ؟ فالجواب : أنهم إنما فعلوا ذلك من حيث كان القول بالاعتقاد أشبه من الكلام وذلك أن الاعتقاد لا يفهم إلا بغيره ، وهو العبارة عنه ، كما أن القول قد لا يتم معناه إلا بغيره ، ألا ترى أنك إذا قلت : قام ، وأخليته من ضمير فإنه لا يتم معناه الذي وضع في الكلام عليه وله ؟ لأنه إنما وضع على أن يفاد معناه مقترنا بما يسند إليه من الفاعل ، وقام هذه نفسها قول وهي ناقصة محتاجة إلى الفاعل كاحتياج الاعتقاد إلى العبارة عنه ، فلما اشتبها من هنا عبر عن أحدهما بصاحبه ، وليس كذلك الكلام ; لأنه وضع على الاستقلال والاستغناء عما سواه ، والقول قد يكون من المفتقر إلى غيره على ما قدمناه ، فكان بالاعتقاد المحتاج إلى البيان أقرب وبأن يعبر عنه أليق ، فاعلمه . وقد يستعمل القول في غير الإنسان ، قال سيبويه أبو النجم :
قالت له الطير تقدم راشدا إنك لا ترجع إلا حامدا
وقال آخر :قالت له العينان : سمعا وطاعة وحدرتا كالدر لما يثقب
امتلأ الحوض وقال قطني
وقال الآخر :بينما نحن مرتعون بفلج قالت الدلح الرواء : إنيه
قد قالت الأنساع للبطن الحقي
وإذا جاز أن يسمى الرأي والاعتقاد قولا وإن لم يكن صوتا ، كان تسميتهم ما هو أصوات قولا أجدر بالجواز ، ألا ترى أن الطير لها هدير ، والحوض له غطيط ، والأنساع لها أطيط ، والسحاب له دوي ؟ فأما قوله :قالت له العينان : سمعا وطاعة
فإنه وإن لم يكن منهما صوت ، فإن الحال آذنت بأن لو كان لهما جارحة نطق لقالتا : سمعا وطاعة ، قال : وقد حرر هذا الموضع وأوضحه ابن جني عنترة بقوله :لو كان يدري ما المحاورة اشتكى أو كان يدري ما جواب تكلمي
تحنن علي هداك المليك فإن لكل مقام مقالا
تمنحه سوك الإسحل
قال : وشاهد قوله : رجل قئول قول كعب بن سعد الغنوي :وعوراء قد قيلت فلم ألتفت لها وما الكلم العوران لي بقبيل
وأعرض عن مولاي لو شئت سبني وما كل حين حلمه بأصيل
وما أنا ، للشيء الذي ليس نافعي ويغضب منه صاحبي بقئول
ولست بلاقي المرء أزعم أنه خليل ، وما قلبي له بخليل
فاليوم قد نهنهني تنهنهي وأول حلم ليس بالمسفه
وقول إلا ده فلا ده
وابتدأت غضبى وأم الرحال وقول لا أهل له ولا مال
فمتى تقول الدار تجمعنا
قال : الكميتعلام تقول همدان احتذتنا وكندة بالقوارص مجلبينا ؟
متى تقول القلص الرواسما يدنين أم قاسم وقاسما ؟
علام تقول الرمح يثقل عاتقي إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت ؟
أما الرحيل فدون بعد غد فمتى تقول الدار تجمعنا ؟
لها غلل من رازقي وكرسف بأيمان عجم ينصفون المقاولا
ثم دانت بعد ، الرباب وكانت كعذاب عقوبة الأقوال
فبالخير لا بالشر فارج مودتي وإني امرؤ يقتال مني الترهب
ومنزلة في دار صدق وغبطة وما اقتال من حكم علي طبيب
وخبرتماني أنما الموت في القرى فكيف وهاتا هضبة وكثيب
وماء سماء كان غير محمة ببرية تجري عليه جنوب
ولمثل الذي جمعت لريب الد هر تأبى حكومة المقتال
وإن الله نافلة تقاه ولا يقتالها إلا السعيد
حمدت الله والله الحميد
والقال : القلة مقلوب مغير ، وهو العود الصغير ، وجمعه قيلان ، قال :وأنا في ضراب قيلان القله
الجوهري : القال الخشبة التي يضرب بها القلة ; وأنشد :كأن نزو فراخ الهام بينهم نزو القلاة قلاها قال قالينا
فاقتلت بالجدة لونا أطحلا وكان هداب الشباب أجملا
نحن ضربناه على نطابه قلنا به قلنا به قلنا به
وقالت له العينان سمعا وطاعة
أي : أومأت ، وقال بالماء على يده ، أي : قلب ، وقال بثوب ، أي : رفعه ، وكل ذلك على المجاز والاتساع ، كما روي في حديث السهو ، قال : ، روي أنهم أومئوا برءوسهم ، أي : نعم ولم يتكلموا ، قال : ويقال ، قال بمعنى أقبل ، وبمعنى مال واستراح وضرب وغلب وغير ذلك . وفي حديث ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : صدق جريج : هم الغوغاء ، وقتلة الأنبياء ، واليهود ، وتسمى الغوغاء قولية . فأسرعت القولية إلى صومعته