بوأ : باء إلى الشيء يبوء بوءا : رجع . وبؤت إليه وأبأته ، عن ثعلب ، وبؤته عن كأبأته ، وهي قليلة . والباءة مثل الباعة ، والباء : النكاح . وسمي النكاح باءة وباء من المباءة لأن الرجل يتبوأ من أهله أي يستمكن من أهله ، كما يتبوأ من داره . قال الراجز يصف الحمار والأتن : الكسائي
يعرس أبكارا بها وعنسا أكرم عرس ، باءة ، إذ أعرسا .
وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أراد بالباءة النكاح والتزويج . ويقال : فلان حريص على الباءة أي على النكاح . ويقال : الجماع نفسه باءة ، والأصل في الباءة المنزل ثم قيل لعقد التزويج باءة لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا . والهاء في الباءة زائدة ، والناس يقولون : الباه . قال من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " : الباء والباءة والباه كلها مقولات . ابن الأعرابي : الباء النكاح ، يقال : فلان حريص على الباء والباءة والباه ، بالهاء والقصر ، أي على النكاح ، والباءة الواحدة ، [ ص: 175 ] والباء الجمع ، وتجمع الباءة على الباءات . قال الشاعر : ابن الأنباري
يا أيها الراكب ، ذو الثبات إن كنت تبغي صاحب الباءات
فاعمد إلى هاتيكم الأبيات .
، يعني النكاح والتزويج ، ومنه الحديث الآخر : وفي الحديث : عليكم بالباءة إن امرأة مات عنها زوجها فمر بها رجل وقد تزينت للباءة . وبوأ الرجل : نكح . قال جرير :
تبوئها بمحنية ، وحينا تبادر حد درتها السقابا .
وللبئر مباءتان : إحداهما مرجع الماء إلى جمها ، والأخرى موضع وقوف سائق السانية . وقول صخر الغي يمدح سيفا له :
وصارم أخلصت خشيبته أبيض مهو ، في متنه ربد
فلوت عنه سيوف أريح حتى باء كفي ، ولم أكد أجد .
الخشيبة : الطبع الأول قبل أن يصقل ويهيأ ، وفلوت : انتقيت . أريح : من اليمن . باء كفي : أي صار كفي له مباءة أي مرجعا . وباء بذنبه وبإثمه يبوء بوءا وبواء : احتمله وصار المذنب مأوى الذنب ، وقيل : اعترف به . وقوله تعالى : إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك ; قال ثعلب : معناه إن عزمت على قتلي كان الإثم بك لا بي . قال الأخفش : وباءوا بغضب من الله ; رجعوا به أي صار عليهم . وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : فباءوا بغضب على غضب ; قال : باءوا في اللغة : احتملوا ، يقال : قد بؤت بهذا الذنب أي احتملته . وقيل : باءوا بغضب أي بإثم استحقوا به النار على إثم استحقوا به النار أيضا . قال : باء بإثمه ، فهو يبوء به بوءا : إذا أقر به . وفي الحديث : الأصمعي أي ألتزم وأرجع وأقر . وأصل البواء اللزوم . أبوء بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي أي التزمه ورجع به . وفي حديث وفي الحديث : فقد باء به أحدهما : وائل بن حجر أي كان عليه عقوبة ذنبه وعقوبة قتل صاحبه ، فأضاف الإثم إلى صاحبه لأن قتله سبب لإثمه ، وفي رواية : إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه أي في حكم البواء وصارا متساويين لا فضل للمقتص إذا استوفى حقه على المقتص منه ، وفي حديث آخر : إن قتله كان مثله أي اعترف به . وباء بدم فلان وبحقه : أقر ، وذا يكون أبدا بما عليه لا له . قال بؤ للأمير بذنبك لبيد :
أنكرت باطلها وبؤت بحقها عندي ، ولم تفخر علي كرامها .
وأبأته : قررته . وباء دمه بدمه بوءا وبواء : عدله . وباء فلان بفلان بواء ، ممدود ، وأباءه وباوأه : إذا قتل به وصار دمه بدمه . قال عبد الله بن الزبير :
قضى الله أن النفس بالنفس بيننا ولم نك نرضى أن نباوئكم قبل .
والبواء : السواء . وفلان بواء فلان : أي كفؤه إن قتل به ، وكذلك الاثنان والجميع . وباءه : قتله به . أبو بكر البواء : التكافؤ ، يقال : ما فلان ببواء لفلان : أي ما هو بكفء له . وقال أبو عبيدة يقال : القوم بواء : أي سواء . ويقال : القوم على بواء . وقسم المال بينهم على بواء : أي على سواء . وأبأت فلانا بفلان : قتلته به . ويقال : هم بواء في هذا الأمر : أي أكفاء نظراء ، ويقال : دم فلان بواء لدم فلان : إذا كان كفئا له . قالت ليلى الأخيلية في مقتل توبة بن الحمير :
فإن تكن القتلى بواء ، فإنكم فتى ما قتلتم ، آل عوف بن عامر .
وأبأت القاتل بالقتيل واستبأته أيضا : إذا قتلته به . واستبأت الحكم واستبأت به كلاهما : استقدته . وتباوأ القتيلان : تعادلا . وفي الحديث : أنه كان بين حيين من العرب قتال ، وكان لأحد الحيين طول على الآخر ، فقالوا : لا نرضى حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم وبالمرأة الرجل ، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتباءوا . قال أبو عبيدة : هكذا روي لنا بوزن يتباعوا ، قال : والصواب عندنا أن يتباوءوا بوزن يتباوعوا على مثال يتقاولوا ، من البواء وهي المساواة ، يقال : باوأت بين القتلى : أي ساويت ، قال : يجوز أن يكون يتباءوا على القلب كما قالوا جاءاني ، والقياس جايأني في المفاعلة من جاءني وجئته ، قال ابن بري ابن الأثير وقيل : يتباءوا صحيح . يقال : باء به إذا كان كفئا له ، وهم بواء أي أكفاء ، معناه ذوو بواء ، وفي الحديث أنه قال : الجراحات بواء يعني أنها متساوية في القصاص ، وأنه لا يقتص للمجروح إلا من جارحه الجاني ، ولا يؤخذ إلا مثل جراحته سواء وما يساويها في الجرح ، وذلك البواء . وفي حديث الصادق قيل له : ما بال العقرب مغتاظة على بني آدم ؟ فقال : تريد البواء أي تؤذي كما تؤذى . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : فيكون الثواب جزاء والعقاب بواء . وباء فلان بفلان : إذا كان كفئا له يقتل به ، ومنه قول المهلهل لابن الحارث بن عباد حين قتله : بؤ بشسع نعلي كليب ، معناه : كن كفئا لشسع نعليه . وباء الرجل بصاحبه إذا قتل به . يقال باءت عرار بكحل ، وهما بقرتان قتلت إحداهما بالأخرى ، ويقال : بؤ به ، أي كن ممن يقتل به ; وأنشد الأحمر لرجل قتل قاتل أخيه فقال :
فقلت له بؤ بامرئ لست مثله وإن كنت قنعانا لمن يطلب الدما .
يقول : أنت وإن كنت في حسبك مقنعا لكل من طلبك بثأر ، فلست مثل أخي . وإذا أقص السلطان رجلا برجل قيل : أباء فلانا بفلان . قال طفيل الغنوي :
أباء بقتلانا من القوم ضعفهم وما لا يعد من أسير مكلب .
قال أبو عبيد : فإن قتله السلطان بقود قيل : قد أقاد السلطان فلانا وأقصه وأباءه وأصبره . وقد أبأته أبيئه إباءة . قال في قول ابن السكيت زهير بن أبي سلمى :
فلم أر معشرا أسروا هديا ولم أر جار بيت يستباء .
[ ص: 176 ] قال : الهدي ذو الحرمة ، وقوله : يستباء ، أي يتبوأ ، تتخذ امرأته أهلا ، وقال : يستباء من البواء ، وهو القود . وذلك أنه أتاهم يريد أن يستجير بهم فأخذوه ، فقتلوه برجل منهم . وقول أبو عمرو الشيباني التغلبي :
ألا تنتهي عنا ملوك ، وتتقي محارمنا لا يبأء الدم بالدم .
أراد : حذار أن يباء الدم بالدم ، ويروى : لا يبؤء الدم بالدم أي حذار أن تبوء دماؤهم بدماء من قتلوه . وبوأ الرمح نحوه : قابله به ، وسدده نحوه . وفي الحديث : أن رجلا بوأ رجلا برمحه ، أي سدده قبله وهيأه . وبوأهم منزلا : نزل بهم إلى سند جبل . وأبأت بالمكان : أقمت به . وبوأتك بيتا : اتخذت لك بيتا . وقوله - عز وجل - : أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا ; أي اتخذا . أبو زيد : أبأت القوم منزلا وبوأتهم منزلا تبويئا ، وذلك إذا نزلت بهم إلى سند جبل أو قبل نهر . والتبوؤ : أن يعلم الرجل الرجل على المكان إذا أعجبه لينزله . وقيل : تبوأه : أصلحه وهيأه . وقيل : تبوأ فلان منزلا : إذا نظر إلى أسهل ما يرى وأشده استواء وأمكنه لمبيته ، فاتخذه ، وتبوأ : نزل وأقام ، والمعنيان قريبان . والمباءة معطن القوم للإبل ، حيث تناخ في الموارد . وفي الحديث : قال له رجل : أصلي في مباءة الغنم ؟ قال : نعم ، أي منزلها الذي تأوي إليه ، وهو المتبوأ أيضا . وفي الحديث أنه قال : في المدينة ههنا المتبوأ . وأباءه منزلا وبوأه إياه وبوأه فيه ، بمعنى هيأه له وأنزله ومكن له فيه . قال :
وبوئت في صميم معشرها وتم في قومها ، مبوؤها .
أي نزلت من الكرم في صميم النسب . والاسم البيئة . واستباءه أي اتخذه مباءة . وتبوأت منزلا أي نزلته . وقوله تعالى : والذين تبوءوا الدار والإيمان ; جعل الإيمان محلا لهم على المثل ، وقد يكون أراد : وتبوأوا مكان الإيمان وبلد الإيمان ، فحذف . وتبوأ المكان : حله . وإنه لحسن البيئة أي هيئة التبوء . والبيئة والباءة والمباءة : المنزل ، وقيل منزل القوم حيث يتبوأون من قبل واد أو سند جبل . وفي الصحاح : المباءة : منزل القوم في كل موضع ، ويقال : كل منزل ينزله القوم . قال طرفة :
طيبو الباءة ، سهل ، ولهم سبل ، إن شئت في وحش وعر .
وتبوأ فلان منزلا ، أي اتخذه ، وبوأته منزلا وأبأت القوم منزلا . وقال الفراء في قوله - عز وجل - : والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا ; يقال : بوأته منزلا ، وأثويته منزلا ثواء : أنزلته وبوأته منزلا أي جعلته ذا منزل . وفي الحديث : " " ، وتكررت هذه اللفظة في الحديث ومعناها : لينزل منزله من النار . يقال : بوأه الله منزلا أي أسكنه إياه . ويسمى كناس الثور الوحشي مباءة ، ومباءة الإبل : معطنها . وأبأت الإبل مباءة : أنخت بعضها إلى بعض . قال الشاعر : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
حليفان ، بينهما ميرة يبيئان في عطن ضيق .
وأبأت الإبل ، رددتها إلى المباءة ، والمباءة : بيتها في الجبل ، وفي التهذيب : وهو المراح الذي تبيت فيه . والمباءة من الرحم : حيث تبوأ الولد ، قال الأعلم :
ولعمر محبلك الهجين على رحب المباءة ، منتن الجرم .
وباءت ببيئة سوء ، على مثال بيعة أي بحال سوء ، وإنه لحسن البيئة ، وعم بعضهم به جميع الحال . وأباء عليه ماله : أراحه . تقول . أبأت على فلان ماله : إذا أرحت عليه إبله وغنمه وأباء منه . وتقول العرب : كلمناهم ، فأجابونا عن بواء واحد : أي جواب واحد . وفي أرض كذا فلاة تبيء في فلاة . أي تذهب . الفراء : باء ، بوزن باع : إذا تكبر ، كأنه مقلوب من بأى ، كما قالوا أرى ورأى ، وسنذكره في بابه . وفي حاشية بعض نسخ الصحاح : وأبأت أديمها : جعلته في الدباغ .