كفر : الكفر : نقيض الإيمان ، آمنا بالله وكفرنا بالطاغوت ؛ كفر بالله يكفر كفرا وكفورا وكفرانا . ويقال لأهل دار الحرب : قد كفروا أي عصوا وامتنعوا . والكفر : كفر النعمة ، وهو نقيض الشكر . والكفر : جحود النعمة ، وهو ضد الشكر . وقوله تعالى : إنا بكل كافرون أي جاحدون . وكفر نعمة الله يكفرها كفورا وكفرانا وكفر بها : جحدها وسترها . وكافره حقه : جحده . ورجل مكفر : مجحود النعمة مع إحسانه . ورجل كافر : جاحد لأنعم الله ، مشتق من الستر ، وقيل : لأنه مغطى على قلبه . قال : كأنه فاعل في معنى مفعول ، والجمع كفار وكفرة وكفار مثل جائع وجياع ونائم ونيام ؛ قال ابن دريد القطامي :
وشق البحر عن أصحاب موسى وغرقت الفراعنة الكفار
وجمع الكافرة كوافر . وفي حديث القنوت : الكوافر جمع كافرة ، يعني في التعادي والاختلاف ، والنساء أضعف قلوبا من الرجال لا سيما إذا كن كوافر ، ورجل كفار وكفور : كافر ، والأنثى كفور أيضا ، وجمعهما جميعا كفر ، ولا يجمع جمع السلامة لأن الهاء لا تدخل في مؤنثه ، إلا أنهم قد قالوا عدوة الله ، وهو مذكور في موضعه . وقوله تعالى : واجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر فأبى الظالمون إلا كفورا قال الأخفش : هو جمع الكفر مثل برد وبرود . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : قتال المسلم كفر وسبابه فسق قال بعض أهل العلم : الكفر على أربعة أنحاء : كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به ، وكفر جحود ، وكفر معاندة ، وكفر نفاق ؛ من لقي ربه بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . فأما كفر الإنكار فهو أن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد ، وكذلك روي في قوله تعالى : ومن رغب عن أبيه فقد كفر إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون أي الذين كفروا بتوحيد الله ، وأما كفر الجحود فأن يعترف بقلبه ولا يقر بلسانه فهو كافر جاحد ككفر إبليس وكفر ، ومنه قوله تعالى : أمية بن أبي الصلت فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به يعني كفر الجحود ، وأما كفر المعاندة فهو أن يعرف الله بقلبه ويقر بلسانه ولا يدين به حسدا وبغيا ككفر أبي جهل وأضرابه ، وفي التهذيب : يعترف بقلبه ويقر بلسانه ويأبى أن يقبل كأبي طالب حيث يقول :
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا
وأما كفر النفاق فأن يقر بلسانه ويكفر بقلبه ولا يعتقد بقلبه . قال [ ص: 85 ] الهروي : سئل الأزهري عمن يقول بخلق القرآن أنسميه كافرا ؟ فقال : الذي يقوله كفر ، فأعيد عليه السؤال ثلاثا ويقول ما قال ، ثم قال في الآخر : قد يقول المسلم كفرا . قال شمر : والكفر أيضا بمعنى البراءة ، كقوله تعالى حكاية عن الشيطان في خطيئته إذا دخل النار : إني كفرت بما أشركتموني من قبل أي تبرأت . وكتب عبد الملك إلى يسأله عن الكفر فقال : الكفر على وجوه : فكفر هو شرك يتخذ مع الله إلها آخر ، وكفر بكتاب الله ورسوله ، وكفر بادعاء ولد لله ، وكفر مدعي الإسلام ، وهو أن يعمل أعمالا بغير ما أنزل الله ويسعى في الأرض فسادا ويقتل نفسا محرمة بغير حق ، ثم نحو ذلك من الأعمال كفران : أحدهما كفر نعمة الله ، والآخر التكذيب بالله . وفي التنزيل العزيز : سعيد بن جبير إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم قال أبو إسحاق : قيل فيه غير قول ، قال بعضهم : يعني به اليهود لأنهم آمنوا بموسى - عليه السلام - ثم كفروا بعزير ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : جائز أن يكون محارب آمن ثم كفر ، وقيل : جائز أن يكون منافق أظهر الإيمان وأبطن الكفر ثم آمن بعد ثم كفر وازداد كفرا بإقامته على الكفر ، فإن قال قائل : الله عز وجل لا يغفر كفر مرة ، فلم قيل ها هنا فيمن آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر لم يكن الله ليغفر لهم ، ما الفائدة في هذا ؟ فالجواب في هذا ، والله أعلم ، أن الله يغفر للكافر إذا آمن بعد كفره ، فإن كفر بعد إيمان لم يغفر الله له الكفر الأول لأن الله يقبل التوبة ، فإذا كفر بعد إيمانه قبله كفر فهو مطالب بجميع كفره ، ولا يجوز أن يكون إذا آمن بعد ذلك لا يغفر له لأن الله عز وجل يغفر لكل مؤمن بعد كفره ، والدليل على ذلك قوله تعالى : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده وهذا سيئة بالإجماع . وقوله سبحانه وتعالى : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون معناه أن من زعم أن حكما من أحكام الله الذي أتت به الأنبياء ، عليهم السلام ، باطل فهو كافر . وفي حديث : قيل له : ابن عباس ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وليسوا كمن كفر بالله واليوم الآخر ، قال : وقد أجمع الفقهاء أن من قال : إن المحصنين لا يجب أن يرجما إذا زنيا وكانا حرين ، كافر ، وإنما كفر من رد حكما من أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه مكذب قال كافر . وفي حديث - رضي الله عنه : إذا قال الرجل للرجل أنت لي عدو فقد كفر أحدهما بالإسلام أراد كفر نعمته لأن الله عز وجل ألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا فمن لم يعرفها فقد كفرها . وفي الحديث : ابن مسعود من ترك قتل الحيات خشية النار فقد كفر أي كفر النعمة ، وكذلك الحديث الآخر : وحديث الأنواء : من أتى حائضا فقد كفر أي كافرين بذلك دون غيره حيث ينسبون المطر إلى النوء دون الله ؛ ومنه الحديث : إن الله ينزل الغيث فيصبح قوم به كافرين ؛ يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا أي يجحدن إحسان أزواجهن ؛ والحديث الآخر : فرأيت أكثر أهلها النساء لكفرهن ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : لا ولكن يكفرن الإحسان ويكفرن العشير ، سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ومن رغب عن أبيه فقد كفر والأحاديث من هذا النوع كثيرة ، وأصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه . وقال ومن ترك الرمي فنعمة كفرها الليث : يقال إنما سمي الكافر كافرا لأن الكفر غطى قلبه كله ؛ قال الأزهري : ومعنى قول الليث هذا يحتاج إلى بيان يدل عليه وإيضاحه أن الكفر في اللغة التغطية ، والكافر ذو كفر أي ذو تغطية لقلبه بكفره ، كما يقال للابس السلاح كافر ، وهو الذي غطاه السلاح ، ومثله رجل كاس أي ذو كسوة ، وماء دافق ذو دفق ، قال : وفيه قول آخر أحسن مما ذهب إليه ، وذلك أن الكافر لما دعاه الله إلى توحيده فقد دعاه إلى نعمة وأحبها له إذا أجابه إلى ما دعاه إليه ، فلما أبى ما دعاه إليه من توحيده كان كافرا نعمة الله أي مغطيا لها بإبائه حاجبا لها عنه . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حجة الوداع : قال ألا لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض أبو منصور : في قوله كفارا قولان : أحدهما لابسين السلاح متهيئين للقتال من كفر فوق درعه إذا لبس فوقها ثوبا كأنه أراد بذلك النهي عن الحرب ، والقول الثاني أنه يكفر الناس فيكفر كما تفعل الخوارج إذا استعرضوا الناس فيكفرونهم ، وهو كقوله - صلى الله عليه وسلم : لأنه إما أن يصدق عليه أو يكذب ، فإن صدق فهو كافر ، وإن كذب عاد الكفر إليه بتكفيره أخاه المسلم . قال : والكفر صنفان : أحدهما الكفر بأصل الإيمان وهو ضده ، والآخر الكفر بفرع من فروع الإسلام فلا يخرجه به عن أصل الإيمان . وفي حديث الردة : وكفر من كفر من العرب ؛ أصحاب الردة كانوا صنفين : صنف ارتدوا عن الدين وكانوا طائفتين إحداهما أصحاب مسيلمة والأسود العنسي الذين آمنوا بنبوتهما ، والأخرى طائفة ارتدوا عن الإسلام وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية ، وهؤلاء اتفقت الصحابة على قتالهم وسبيهم ، واستولد من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما علي - عليه السلام - من سبيهم أم محمد بن الحنفية ثم لم ينقرض عصر الصحابة - رضي الله عنهم - حتى أجمعوا أن المرتد لا يسبى ، والصنف الثاني من أهل الردة لم يرتدوا عن الإيمان ولكن أنكروا فرض الزكاة وزعموا أن الخطاب في قوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة ، خاص بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك اشتبه على عمر - رضي الله عنه - قتالهم لإقرارهم بالتوحيد والصلاة ، وثبت أبو بكر - رضي الله عنه - على قتالهم بمنع الزكاة فتابعه الصحابة على ذلك لأنهم كانوا قريبي العهد بزمان يقع فيه التبديل والنسخ ، فلم يقروا على ذلك ، وهؤلاء كانوا أهل البغي فأضيفوا إلى أهل الردة حيث كانوا في زمانهم فانسحب عليهم اسمها ، فأما بعد ذلك فمن أنكر فرضية أحد أركان الإسلام كان كافرا بالإجماع ؛ ومنه حديث عمر - رضي الله عنه : ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تمنعوهم حقهم فتكفروهم لأنهم ربما ارتدوا إذا منعوا عن الحق . وفي حديث سعد - رضي الله عنه : تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاوية كافر بالعرش قبل إسلامه ، والعرش : بيوت مكة ، وقيل معناه أنه مقيم مختبئ بمكة لأن التمتع كان في حجة الوداع بعد فتح مكة ، ومعاوية [ ص: 86 ] أسلم عام الفتح ، وقيل : هو من التكفير الذل والخضوع . وأكفرت الرجل : دعوته كافرا . يقال : لا تكفر أحدا من أهل قبلتك أي لا تنسبهم إلى الكفر أي لا تدعهم كفارا ولا تجعلهم كفارا بقولك وزعمك . وكفر الرجل : نسبه إلى الكفر . وكل من ستر شيئا ، فقد كفره وكفره . والكافر : الزراع لستره البذر بالتراب . والكفار : الزراع . وتقول العرب للزراع : كافر لأنه يكفر البذر المبذور بتراب الأرض المثارة إذا أمر عليها مالقه ؛ ومنه قوله تعالى : كمثل غيث أعجب الكفار نباته أي أعجب الزراع نباته ، وإذا أعجب الزراع نباته مع علمهم به فهو غاية ما يستحسن ، والغيث المطر ها هنا ؛ وقد قيل : الكفار في هذه الآية الكفار بالله وهم أشد إعجابا بزينة الدنيا وحرثها من المؤمنين . والكفر ، بالفتح : التغطية . وكفرت الشيء أكفره ، بالكسر ، أي سترته . والكافر : الليل ، وفي الصحاح : الليل المظلم لأنه يستر بظلمته كل شيء . وكفر الليل الشيء وكفر عليه : غطاه . وكفر الليل على أثر صاحبي : غطاه بسواده وظلمته . وكفر الجهل على علم فلان : غطاه . والكافر : البحر لستره ما فيه ، ويجمع الكافر كفارا ؛ وأنشد اللحياني :
وغرقت الفراعنة الكفار
وقول ثعلب بن صعيرة المازني يصف الظليم والنعامة ورواحهما إلى بيضهما عند غروب الشمس :
فتذكرا ثقلا رثيدا بعدما ألقت ذكاء يمينها في كافر
وذكاء : اسم للشمس . ألقت يمينها في كافر أي بدأت في المغيب ، قال الجوهري : ويحتمل أن يكون أراد الليل ، وذكر أن ابن السكيت لبيدا سرق هذا المعنى فقال :
حتى إذا ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها
قال : ومن ذلك سمي الكافر كافرا لأنه ستر نعم الله عز وجل ؛ قال الأزهري : ونعمه آياته الدالة على توحيده ، والنعم التي سترها الكافر هي الآيات التي أبانت لذوي التمييز أن خالقها واحد لا شريك له ؛ وكذلك إرساله الرسل بالآيات المعجزة والكتب المنزلة والبراهين الواضحة نعمة منه ظاهرة ، فمن لم يصدق بها وردها فقد كفر نعمة الله أي سترها وحجبها عن نفسه . ويقال : كافرني فلان حقي إذا جحده حقه ؛ وتقول : كفر نعمة الله وبنعمة الله كفرا وكفرانا وكفورا . وفي حديث عبد الملك : كتب إلي الحجاج : من أقر بالكفر فخل سبيله أي بكفر من خالف بني مروان وخرج عليهم ؛ ومنه حديث الحجاج : عرض عليه رجل من بني تميم ليقتله فقال : إني لأرى رجلا لا يقر اليوم بالكفر ، فقال : عن دمي تخدعني ؟ إني أكفر من حمار ، وحمار : رجل كان في الزمان الأول كفر بعد الإيمان وانتقل إلى عبادة الأوثان فصار مثلا . والكافر : الوادي العظيم ، والنهر كذلك أيضا : وكافر : نهر بالجزيرة ؛ قال المتلمس يذكر طرح صحيفته :
وألقيتها بالثني من جنب كافر كذلك أقني كل قط مضلل
وقال الجوهري : الكافر الذي في شعر المتلمس النهر العظيم ، في ترجمة عصا : الكافر المطر ، وأنشد : ابن بري
وحدثها الرواد أن ليس بينها وبين قرى نجران والشام كافر
وقال : كافر أي مطر . الليث : والكافر من الأرض ما بعد عن الناس لا يكاد ينزله أو يمر به أحد ؛ وأنشد :
تبينت لمحة من فر عكرشة في كافر ما به أمت ولا عوج
وفي رواية : ابن شميل
فأبصرت لمحة من رأس عكرشة
وقال أيضا : الكافر الغائط الوطيء ، وأنشد هذا البيت . ورجل مكفر : وهو المحسان الذي لا تشكر نعمته . والكافر : السحاب المظلم . والكافر والكفر : الظلمة لأنها تستر ما تحتها ؛ وقول ابن شميل لبيد :
فاجرمزت ثم سارت وهي لاهية في كافر ما به أمت ولا شرف
يجوز أن يكون ظلمة الليل وأن يكون الوادي . والكفر : التراب ؛ عن اللحياني لأنه يستر ما تحته . ورماد مكفور : ملبس ترابا أي سفت عليه الرياح التراب حتى وارته وغطته ؛ قال :
هل تعرف الدار بأعلى ذي القور ؟ قد درست غير رماد مكفور
مكتئب اللون مروح ممطور
والكفر : ظلمة الليل وسواده ، وقد يكسر ؛ قال حميد :
فوردت قبل انبلاج الفجر وابن ذكاء كامن في كفر
أي فيما يواريه من سواد الليل . وقد كفر الرجل متاعه أي أوعاه في وعاء . والكفر : القير الذي تطلى به السفن لسواده وتغطيته ؛ عن كراع . : القير ثلاثة أضرب : الكفر والزفت والقير ، فالكفر تطلى به السفن ، والزفت يجعل في الزقاق ، والقير يذاب ثم يطلى به السفن . والكافر : الذي كفر درعه بثوب أي غطاه ولبسه فوقه . وكل شيء غطى شيئا ، فقد كفره . وفي الحديث : ابن شميل الأوس والخزرج ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف فأنزل الله تعالى : وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ولم يكن ذلك على الكفر بالله ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الألفة والمودة . وكفر درعه بثوب وكفرها به ، لبس فوقها ثوبا فغشاها به . أن : إذا لبس الرجل فوق درعه ثوبا فهو كافر . وقد كفر فوق درعه ؛ وكل ما غطى شيئا ، فقد كفره . ومنه قيل لليل كافر لأنه ستر بظلمته كل شيء وغطاه . ورجل كافر ومكفر في السلاح داخل فيه . والمكفر : الموثق في الحديد كأنه غطي به وستر . والمتكفر : الداخل في سلاحه . والتكفير أن يتكفر المحارب في سلاحه ؛ ومنه قول ابن السكيت : الفرزدق
هيهات قد سفهت أمية رأيها فاستجهلت حلماءها سفهاؤها
حرب تردد بينها بتشاجر قد كفرت آباؤها أبناؤها
[ ص: 87 ] رفع أبناؤها بقوله تردد ، ورفع آباؤها بقوله قد كفرت أي كفرت آباؤها في السلاح . وتكفر البعير بحباله إذا وقعت في قوائمه ، وهو من ذلك . والكفارة ما كفر به من صدقة أو صوم أو نحو ذلك ، قال بعضهم كأنه غطي عليه بالكفارة . وتكفير اليمين : فعل ما يجب بالحنث فيها ، والاسم الكفارة . والتكفير في المعاصي : كالإحباط في الثواب . التهذيب : وسميت الكفارات كفارات لأنها تكفر الذنوب أي تسترها مثل كفارة الأيمان وكفارة الظهار والقتل الخطإ ، وقد بينها الله تعالى في كتابه وأمر بها عباده . وأما الحدود فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : وفي حديث قضاء الصلاة : ما أدري ألحدود كفارات لأهلها أم لا ؟ وفي رواية : كفارتها أن تصليها إذا ذكرتها . وتكرر ذكر الكفارة في الحديث اسما وفعلا مفردا وجمعا ، وهي عبارة عن الفعلة والخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة أي تمحوها وتسترها ، وهي فعالة للمبالغة ، كقتالة وضرابة من الصفات الغالبة في باب الأسمية ، ومعنى حديث قضاء الصلاة أنه لا يلزمه في تركها غير قضائها من غرم أو صدقة أو غير ذلك ، كما يلزم المفطر في رمضان من غير عذر ، والمحرم إذا ترك شيئا من نسكه فإنه تجب عليه الفدية . وفي الحديث : لا كفارة لها إلا ذلك أي مرزأ في نفسه وماله لتكفر خطاياه . والكفر : العصا القصيرة ، وهي التي تقطع من سعف النخل . المؤمن مكفر : الكفر الخشبة الغليظة القصيرة . والكافور : كم العنب قبل أن ينور . والكفر والكفرى والكفرى والكفرى والكفرى : وعاء طلع النخل ، وهو أيضا الكافور ، ويقال له الكفرى والجفرى . وفي حديث ابن الأعرابي الحسن : هو الطبيع في كفراه ؛ الطبيع لب الطلع وكفراه ، بالضم وتشديد الراء وفتح الفاء وضمها ، هو وعاء الطلع وقشره الأعلى ، وكذلك كافوره ، وقيل هو الطلع حين ينشق ، ويشهد للأول قوله في الحديث قشر الكفرى ، وقيل : وعاء كل شيء من النبات كافوره . قال أبو حنيفة : قال : سمعت ابن الأعرابي أم رباح تقول هذه كفرى وهذا كفرى وكفرى وكفراه وكفراه ، وقد قالوا فيه كافر ، وجمع الكافور كوافير ، وجمع الكافر كوافر ، قال لبيد :
جعل قصار وعيدان ينوء به من الكوافر مكموم ومهتصر
والكافور الطلع . التهذيب : كافور الطلعة وعاؤها الذي ينشق عنها ، سمي كافورا لأنه قد كفرها أي غطاها ، وقول العجاج :
كالكرم إذ نادى من الكافور
كافور الكرم : الورق المغطي لما في جوفه من العنقود ، شبهه بكافور الطلع لأنه ينفرج عما فيه أيضا . وفي الحديث : أنه كان اسم كنانة النبي - صلى الله عليه وسلم - الكافور تشبيها بغلاف الطلع وأكمام الفواكه لأنها تسترها وهي فيها كالسهام في الكنانة . والكافور : أخلاط تجمع من الطيب تركب من كافور الطلع ؛ قال : لا أحسب الكافور عربيا لأنهم ربما قالوا القفور والقافور . وقوله عز وجل : ابن دريد إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا قيل : هي عين في الجنة . قال : وكان ينبغي أن لا ينصرف لأنه اسم مؤنث معرفة على أكثر من ثلاثة أحرف لكن إنما صرفه لتعديل رءوس الآي ، وقال ثعلب : إنما أجراه لأنه جعله تشبيها ولو كان اسما للعين لم يصرفه ؛ قال : قوله جعله تشبيها ؛ أراد كان مزاجها مثل كافور . قال ابن سيده الفراء : يقال إنها عين تسمى الكافور ، قال : وقد يكون كان مزاجها كالكافور لطيب ريحه ؛ وقال : يجوز في اللغة أن يكون طعم الطيب فيها والكافور ، وجائز أن يمزج بالكافور ولا يكون في ذلك ضرر لأن أهل الجنة لا يمسهم فيها نصب ولا وصب . الزجاج الليث : الكافور نبات له نور أبيض كنور الأقحوان ، والكافور عين ماء في الجنة طيب الريح ، والكافور من أخلاط الطيب . وفي الصحاح : من الطيب ، والكافور وعاء الطلع ؛ وأما قول الراعي :
تكسو المفارق واللبات ذا أرج من قصب معتلف الكافور دراج
قال الجوهري : الظبي الذي يكون منه المسك إنما يرعى سنبل الطيب فجعله كافورا . : والكافور نبت طيب الريح يشبه بالكافور من النخل . والكافور أيضا : الإغريض ، والكفرى : الكافور الذي هو الإغريض . وقال ابن سيده أبو حنيفة : مما يجري مجرى الصموغ الكافور . والكافر من الأرضين : ما بعد واتسع . وفي التنزيل العزيز : ولا تمسكوا بعصم الكوافر الكوافر النساء الكفرة ، وأراد عقد نكاحهن . والكفر : القرية ، سريانية ، ومنه قيل كفر توتى وكفر عاقب وكفر بيا ، وإنما هي قرى نسبت إلى رجال ، وجمعه كفور . وفي حديث - رضي الله عنه - أنه قال : أبي هريرة لتخرجنكم الروم منها كفرا كفرا إلى سنبك من الأرض ، قيل : وما ذلك السنبك ؟ قال : حسمى جذام أي من قرى الشام . قال أبو عبيد : قوله كفرا كفرا يعني قرية قرية ، وأكثر من يتكلم بهذا أهل الشام يسمون القرية الكفر . وروي عن معاوية أنه قال : أهل الكفور هم أهل القبور . قال الأزهري : يعني بالكفور القرى النائية عن الأمصار ومجتمع أهل العلم ، فالجهل عليهم أغلب وهم إلى البدع والأهواء المضلة أسرع ؛ يقول : إنهم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأمصار والجمع والجماعات وما أشبهها . والكفر : القبر ، ومنه قيل : اللهم اغفر لأهل الكفور . : اكتفر فلان أي لزم الكفور . وفي الحديث : ابن الأعرابي لا تسكن الكفور فإن ساكن الكفور كساكن القبور . قال الحربي : الكفور ما بعد من الأرض عن الناس فلا يمر به أحد ؛ وأهل الكفور عند أهل المدن كالأموات عند الأحياء فكأنهم في القبور . وفي الحديث : فسر بذلك أي قرية قرية . وقول العرب : كفر على كفر أي بعض على بعض . وأكفر الرجل مطيعه : أحوجه أن يعصيه . التهذيب : إذا ألجأت مطيعك إلى أن يعصيك فقد أكفرته . والتكفير : إيماء الذمي برأسه ، لا يقال : سجد فلان لفلان ولكن كفر له تكفيرا . والكفر : تعظيم الفارسي لملكه . والتكفير لأهل الكتاب : أن يطأطئ أحدهم رأسه لصاحبه كالتسليم عندنا ، وقد كفر له . [ ص: 88 ] والتكفير : ، أن يضع يده أو يديه على صدره ، قال عرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا جرير يخاطب الأخطل ويذكر ما فعلت قيس بتغلب في الحروب التي كانت بعدهم :
إذا سمعت بحرب قيس بعدها فضعوا السلاح وكفروا تكفيرا
يقول : ضعوا سلاحكم فلستم قادرين على حرب قيس لعجزكم عن قتالهم ، فكفروا لهم كما يكفر العبد لمولاه ، وكما يكفر العلج للدهقان يضع يده على صدره ويتطامن له واخضعوا وانقادوا . وفي الحديث رفعه قال : إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر للسان ، تقول : اتق الله فينا فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا أبي سعيد الخدري . قوله : تكفر للسان أي تذل وتقر بالطاعة له وتخضع لأمره . والتكفير : هو أن ينحني الإنسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه . والتكفير : تتويج الملك بتاج إذا رؤي كفر له . عن الجوهري : التكفير أن يخضع الإنسان لغيره كما يكفر العلج للدهاقين ، وأنشد بيت جرير . وفي حديث عمرو بن أمية والنجاشي : رأى الحبشة يدخلون من خوخة مكفرين فولاه ظهره ودخل . وفي حديث أبي معشر : أنه كان يكره التكفير في الصلاة ، وهو الانحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع ؛ وقال الشاعر يصف ثورا :
ملك يلاث برأسه تكفير
قال : وعندي أن التكفير هنا اسم للتاج سماه بالمصدر أو يكون اسما غير مصدر كالتمتين والتنبيت . والكفر ، بكسر الفاء : العظيم من الجبال ، والجمع كفرات ؛ قال ابن سيده عبد الله بن نمير الثقفي :
له أرج من مجمر الهند ساطع تطلع رياه من الكفرات
والكفر : العقاب من الجبال . قال أبو عمرو : الكفر الثنايا العقاب ، الواحدة كفرة ؛ قال أمية :
وليس يبقى لوجه الله مختلق إلا السماء وإلا الأرض والكفر
ورجل كفرين : داه ، وكفرنى : خامل أحمق . الليث : رجل كفرين عفرين أي عفريت خبيث . التهذيب : وكلمة يلهجون بها لمن يؤمر بأمر فيعمل على غير ما أمر به فيقولون له : مكفور بك يا فلان عنيت وآذيت . وفي نوادر الأعراب : الكافرتان والكافلتان الأليتان .