ليس : الليس : اللزوم . والأليس : الذي لا يبرح بيته ، والليس أيضا : الشدة ، وقد تليس . وإبل ليس على الحوض إذا قامت عليه فلم تبرحه . وإبل ليس : ثقال لا تبرح ؛ قال عبدة بن الطبيب :
إذا ما حام راعيها استحنت لعبدة منتهى الأهواء ليس
ليس لا تفارقه منتهى أهوائها ، وأراد لعطن عبدة أي أنها تنزع إليه إذا حام راعيها . ورجل أليس أي شجاع بين الليس من قوم ليس . ويقال للشجاع : هو أهيس أليس ؛ وكان في الأصل أهوس أليس ، فلما ازدوج الكلام قلبوا الواو ياء ، فقالوا : أهيس . والأهوس : الذي يدق كل شيء ويأكله ، والأليس : الذي يبازج قرنه وربما ذموه [ ص: 265 ] بقولهم أهيس أليس ، فإذا أرادوا الذم عني بالأهيس الأهوس ، وهو الكثير الأكل ، وبالأليس الذي لا يبرح بيته ، وهذا ذم . وفي الحديث عن : فإنه أهيس أليس ؛ الأليس : الذي لا يبرح مكانه . والأليس : البعير يحمل كل ما حمل . بعض الأعراب : الأليس : الديوث الذي لا يغار ويتهزأ به ، فيقال : هو أليس بورك فيه ! فالليس يدخل في المعنيين في المدح والذم ، وكل لا يخفى على المتفوه به . ويقال : تلايس الرجل إذا كان حمولا حسن الخلق . وتلايست عن كذا وكذا أي غمضت عنه . وفلان أليس : دهثم حسن الخلق . أبي الأسود الدؤلي الليث : الليس مصدر الأليس ، وهو الشجاع الذي لا يبالي الحرب ولا يروعه ؛ وأنشد :
أليس عن حوبائه سخي
يقوله العجاج وجمعه ليس ؛ قال الشاعر :
تخال نديهم مرضى حياء وتلقاهم غداة الروع ليسا
وفي الحديث : ؛ معناه إلا السن والظفر . وليس : من حروف الاستثناء كإلا ، والعرب تستثني بليس فتقول : قام القوم ليس أخاك وليس أخويك ، وقام النسوة ليس هندا ، وقام القوم ليسي وليسني وليس إياي ؛ أنشد : كل ما أنهر الدم فكل ليس السن والظفر
قد ذهب القوم الكرام ليسي
وقال آخر :
وأصبح ما في الأرض مني تقية لناظره ، ليس العظام العواليا
قال : وليس من حروف الاستثناء ؛ تقول : أتى القوم ليس زيدا أي ليس الآتي ، لا يكون إلا مضمرا فيها . قال ابن سيده الليث : ليس كلمة جحود . قال الخليل : وأصله لا أيس فطرحت الهمزة وألزقت اللام بالياء ؛ وقال : ليس يكون جحدا ويكون استثناء ينصب به كقولك ذهب القوم ليس زيدا يعني ما عدا زيدا ، ولا يكون أبدا ويكون بمعنى إلا زيدا ؛ وربما جاءت ليس بمعنى لا التي ينسق بها كقول الكسائي لبيد :
إنما يجزي الفتى ليس الجمل
إذا أعرب ليس الجمل لأن ليس هاهنا بمعنى لا النسقية . وقال : أراد ليس يجزي الجمل وليس الجمل يجزي ؛ قال : وربما جاءت ليس بمعنى لا التبرئة . قال سيبويه ابن كيسان : ليس من حروف جحد ، وتقع في ثلاثة مواضع : تكون بمنزلة كان ترفع الاسم وتنصب الخبر ، تقول ليس زيد قائما وليس قائما زيد ، ولا يجوز أن يقدم خبرها عليها لأنها لا تصرف ، وتكون ليس استثناء ، فتنصب الاسم بعدها كما تنصبه بعد إلا ، تقول جاءني القوم ليس زيدا وفيها مضمر لا يظهر ، وتكون نسقا بمنزلة لا ، تقول جاءني عمرو ليس زيد ؛ قال لبيد :
إنما يجزي الفتى ليس الجمل
قال الأزهري : وقد صرفوا ليس تصريف الفعل الماضي فثنوا وجمعوا وأنثوا فقالوا ليس وليسا وليسوا وليست المرأة وليستا ولسن ، ولم يصرفوها في المستقبل . وقالوا : لست أفعل ولسنا نفعل . وقال أبو حاتم : من اسمح أنا ليس مثلك والصواب لست مثلك لأن ليس فعل واجب فإنما يجاء به للغائب المتراخي ، تقول : عبد الله ليس مثلك ؛ وتقول : جاءني القوم ليس أباك وليسك أي غير أبيك وغيرك ، وجاءك القوم ليس أباك وليسني ، بالنون ، بمعنى واحد . التهذيب : وبعضهم يقول ليسني بمعنى غيري . : وليس كلمة نفي وهي فعل ماض ، قال : وأصلها ليس بكسر الياء فسكنت استثقالا ، ولم تقلب ألفا لأنها لا تتصرف من حيث استعملت بلفظ الماضي للحال ، والذي يدل على أنها فعل وإن لم تتصرف تصرف الأفعال قولهم لست ولستما ولستم كقولهم ضربت وضربتما وضربتم ، وجعلت من عوامل الأفعال نحو كان وأخواتها التي ترفع الأسماء وتنصب الأخبار ، إلا أن الباء تدخل في خبرها وحدها دون أخواتها ، تقول ليس زيد بمنطلق ، فالباء لتعدية الفعل وتأكيد النفي ، ولك أن لا تدخلها ؛ لأن المؤكد يستغنى عنه ، ولأن من الأفعال ما يتعدى مرة بحرف جر ومرة بغير حرف نحو اشتقتك واشتقت إليك ، ولا يجوز تقديم خبرها عليها كما جاز في أخواتها ، لا تقول محسنا ليس زيد ، قال : وقد يستثنى بها ، تقول : جاءني القوم ليس زيدا ، كما تقول إلا زيدا ، تضمر اسمها فيها وتنصب خبرها بها كأنك قلت ليس الجائي زيدا ، وتقديره جاءني القوم ليس بعضهم زيدا ؛ ولك أن تقول جاءني القوم ليسك ، إلا أن المضمر المنفصل هاهنا أحسن كما قال الشاعر : ابن سيده
ليت هذا الليل شهر لا نرى فيه غريبا
ليس إياي وإيا ك ولا نخشى رقيبا
ولم يقل : ليسني وليسك ، وهو جائز إلا أن المنفصل أجود . وفي الحديث أنه قال لزيد الخيل : ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون الصفة ليسك أي إلا أنت ؛ قال ابن الأثير : وفي ليسك غرابة فإن أخبار كان وأخواتها إذا كانت ضمائر فإنما يستعمل فيها كثيرا المنفصل دون المتصل ، تقول ليس إياي وإياك ؛ قال : وليس كلمة ينفى بها ما في الحال فكأنها مسكنة من نحو قوله صد كما قالوا علم ذلك في علم ذلك ، قال : فلم يجعلوا اعتلالها إلا لزوم الإسكان إذ كثرت في كلامهم ولم يغيروا حركة الفاء ، وإنما ذلك لأنه لا مستقبل منها ولا اسم فاعل ولا مصدر ولا اشتقاق . سيبويه
فلما لم تصرف تصرف أخواتها جعلت بمنزلة ما ليس من الفعل نحو ليت ؛ وأما قول بعض الشعراء :
يا خير من زان سروج الميس قد رست الحاجات عند قيس
إذا لا يزال مولعا بليس
فإنه جعلها اسما وأعربها . وقال الفراء : أصل ليس لا أيس ، ودليل ذلك قول العرب ائتني به من حيث أيس وليس ، وجئ به من أيس وليس أي من حيث هو وليس هو ؛ قال : وقالوا لست كما قالوا مست ولم يقولوا لست كما قالوا خفت ؛ لأنه لم يتمكن تمكن الأفعال ، وحكى سيبويه أبو علي أنهم يقولون : جيء به من حيث وليسا ؛ يريدون وليس ، فيشبعون فتحة السين إما لبيان الحركة في [ ص: 266 ] الوقف وإما كما لحقت بينا في الوصل . وإلياس وألياس : اسم ؛ قال : أراه عبرانيا جاء في التفسير أنه إدريس ، وروي عن ابن سيده : وإن ابن مسعود إدريس ، مكان : وإن إلياس لمن المرسلين ؛ ومن قرأ : على إلياسين ، فعلى أنه جعل كل واحد من أولاده أو أعمامه إلياسا فكان يجب على هذا أن يقرأ على الإلياسين ، ورويت : سلام على إدراسين ، وهذه المادة أولى به من باب ألس ؛ قال : وكذلك نقلته عنه اطرادا لمذهب ابن سيده أن الهمزة إذا كانت أولى أربعة حكم بزيادتها حتى يثبت كونها أصلا . سيبويه