تهم : تهم الدهن واللحم تهما ، فهو تهم : تغير . وفيه تهمة أي : خبث ريح نحو الزهومة . والتهم : شدة الحر وسكون الريح . وتهامة : اسم مكة والنازل فيها متهم ، يجوز أن يكون اشتقاقها من هذا ، ويجوز أن يكون من الأول لأنها سفلت عن نجد فخبث ريحها ، وقيل : تهامة بلد ، والنسب إليه تهامي وتهام على غير قياس ، كأنهم بنوا الاسم على تهمي أو تهمي ، ثم عوضوا الألف قبل الطرف من إحدى الياءين اللاحقتين بعدها ، قال : وهذا يدلك على أن الشيئين إذا اكتنفا الشيء من ناحيته تقاربت حالاهما وحالاه بهما ، ولأجله وبسببه ما ذهب قوم إلى أن حركة الحرف تحدث قبله ، وآخرون إلى أنها تحدث بعده ، وآخرون إلى أنها تحدث معه ، قال ابن جني أبو علي : وذلك لغموض الأمر وشدة القرب ، وكذلك القول في شآم ويمان . قال : فإن قلت : فإن في تهامة ألفا فلم ذهبت في تهام إلى أن الألف عوض من إحدى ياءي الإضافة ؟ قيل : قال ابن سيده الخليل في هذا : إنهم كأنهم نسبوا إلى فعل أو فعل ، فكأنهم فكوا صيغة تهامة فأصاروها إلى تهم أو تهم ، ثم أضافوا إليه فقالوا تهام ، وإنما مثل الخليل بين فعل وفعل ولم يقطع بأحدهما لأنه قد جاء هذا العمل في هذين جميعا ، وهما الشام واليمن ، قال : وهذا الترخيم الذي أشرف عليه ابن جني الخليل ظنا قد جاء به السماع نصا ، أنشد : أحمد بن يحيى
أرقني الليلة ليل بالتهم يا لك برقا ، من يشمه لا ينم .
قال : فانظر إلى قوة تصور الخليل إلى أن هجم به الظن على اليقين ، ومن كسر التاء قال : تهامي ، هذا قول . سيبويه الجوهري : النسبة إلى تهامة تهامي وتهام ، إذا فتحت التاء لم تشدد كما قالوا : يمان وشآم ، إلا أن الألف في تهام من لفظها ، والألف في يمان وشآم عوض من ياءي النسبة ، قال : ابن أحمر
وكنا وهم كابني سبات تفرقا سوى ، ثم كانا منجدا وتهاميا
وألقى التهامي منهما بلطاته وأحلط هذا : لا أريم مكانيا .
قال : قول ابن بري الجوهري إلا أن الألف في تهام من لفظها ليس بصحيح بل الألف غير التي في تهامة ، بدليل انفتاح التاء في تهام ، وأعاد ما ذكرناه عن الخليل أنه منسوب إلى تهم أو تهم ، أراد بذلك أن الألف عوض من إحدى ياءي النسب ، قال : وحكى ابن قتيبة في غريب الحديث عن الزيادي عن أن التهمة الأرض المتصوبة إلى البحر ، قال : وكأنها مصدر من تهامة . قال الأصمعي : وهذا يقوي قول ابن بري الخليل في تهام كأنه منسوب إلى تهمة أو تهمة ، قال : وشاهد تهام قول أبي بكر بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي وشعوب أمه :
ذريني أصطبح يا بكر ، إني رأيت الموت نقب عن هشام
تخيره ولم يعدل سواه فنعم المرء من رجل تهام !
وأتهم الرجل وتتهم : أتى تهامة ، قال الممزق العبدي :
فإن تتهموا أنجد خلافا عليكم وإن تعمنوا مستحقبي الحرب أعرق .
قال : صواب إنشاد البيت : ابن بري
فإن يتهموا أنجد خلافا عليهم .
على الغيبة لا على الخطاب ، يخاطب بذلك بعض الملوك ويعتذر إليه لسوء بلغه عنه ، وقبل البيت :
أكلفتني أدواء قوم تركتهم فإلا تداركني من البحر أغرق .
أي : كلفتني جنايات قوم أنا منهم بريء ومخالف لهم ومتباعد عنهم ، إن أتهموا أنجدت مخالفا لهم ، وإن أنجدوا أعرقت ، فكيف تأخذني بذنب من هذه حاله ؟ وقال أمية بن أبي عائذ الهذلي :
شآم يمان منجد متتهم حجازية أعجازه وهو مسهل .
قال : سمعت الأعراب يقولون : إذا انحدرت من ثنايا ذات عرق فقد أتهمت . قال الرياشي : والغور تهامة ، قال : وأرض تهمة شديدة الحر ، قال : وتبالة من تهامة . وفي الحديث : الرياشي أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه وضح ، فقال : " انظر بطن واد لا منجد ولا متهم فتمعك فيه " ، ففعل فلم يزد الوضح حتى مات ، فالمتهم : الذي ينصب ماؤه إلى تهامة ، قال الأزهري : لم يرد سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الوادي ليس من نجد ولا تهامة ، ولكنه أراد حدا منهما فليس ذلك الموضع من نجد كله ولا من تهامة كله ، ولكنه منهما ، فهو منجد متهم ، ونجد ما بين العذيب إلى ذات عرق وإلى اليمامة وإلى جبلي [ ص: 244 ] طيء وإلى وجرة وإلى اليمن ، وذات عرق : أول تهامة إلى البحر وجدة ، وقيل : تهامة ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة ، وما وراء ذلك من المغرب فهو غور ، والمدينة لا تهامية ولا نجدية فإنها فوق الغور ودون نجد . وقوم تهامون : كما يقال يمانون . وقال : منهم من يقول تهامي ويماني وشآمي ، بالفتح مع التشديد . والتهمة : تستعمل في موضع تهامة كأنها المرة في قياس قول سيبويه . والتهم ، بالتحريك : مصدر من تهامة ، وقال : الأصمعي
نظرت ، والعين مبينة التهم إلى سنا نار وقودها الرتم
شبت بأعلى عاندين من إضم .
والمتهام : الكثير الإتيان إلى تهامة . وإبل متاهيم ومتاهم : تأتي تهامة ، قال :
ألا انهماها إنها مناهيم وإننا مناجد متاهيم .
يقول : نحن نأتي نجدا ثم كثيرا ما نأخذ منها إلى تهامة . وأتهم الرجل إذا أتى بما يتهم عليه ، قال الشاعر :
هما سقياني السم من غير بغضة على غير جرم في أقاويل متهم .
ورجل تهام وامرأة تهامية إذا نسبا إلى تهامة . : التهمة الأرض المتصوبة إلى البحر كأنها مصدر من تهامة . والتهائم : المتصوبة إلى البحر . قال الأصمعي : إنما قالوا رجل تهام في النسبة إلى التهمة ؛ لأن الأصل تهمة ، فلما زادوا ألفا خففوا ياء النسبة كما قالوا : رجل يمان إذا نسبوا إلى المبرد اليمن ، خففوا لما زادوا ألفا ، وشآم إذا نسبت إلى الشام زادوا ألفا في تهام وخففوا ياء النسبة . وتهم البعير تهما : وهو أن يستنكر المرعى ولا يستمرئه وتسوء حاله ، وقد تهم أيضا ، وهو تهم إذا أصابه خرور فهزل ، وتهم الرجل ، فهو تهم : خبثت ريحه . وتهم الرجل ، فهو تهم : ظهر عجزه وتحير ، وأنشد : ابن الأعرابي
من مبلغ الحسنا أن بعلها تهم وأن ما يكتم منه قد علم ؟
أراد الحسناء فقصر للضرورة ، وأراد أن فحذف الهمزة للضرورة أيضا كقراءة من قرأ : أن أرضعيه . والتهمة : أصلها الواو فتذكر هناك .