[ ص: 165 ] كتاب الآداب النبوية والأخلاق المحمدية
بيان
nindex.php?page=treesubj&link=30961_31033تأديب الله تعالى صفيه محمدا صلوات الله عليه بالقرآن :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير الضراعة والابتهال ، دائم السؤال من الله تعالى أن يزينه بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق ، فكان يقول في دعائه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004443اللهم حسن خلقي وخلقي " ويقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004444اللهم جنبني منكرات الأخلاق " فاستجاب الله تعالى دعاءه وفاء بقوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادعوني أستجب لكم ) [ غافر : 60 ] فأنزل عليه القرآن وأدبه فكان خلقه القرآن ، وإنما أدبه القرآن بمثل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) [ الأعراف : 199 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ) [ النحل : 90 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) [ لقمان : 17 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين ) [ المائدة : 13 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) [ فصلت : 34 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) [ آل عمران : 134 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ) [ الحجرات : 12 ] وأمثال هذه التأديبات في القرآن لا تحصر .
وهو عليه الصلاة والسلام المقصود الأول بالتأديب والتهذيب ثم منه يشرق النور على كافة الخلق ، فإنه أدب بالقرآن وأدب الخلق به . ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004445بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ثم رغب الخلق في محاسن الأخلاق . ثم لما أكمل الله تعالى خلقه أثنى عليه فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وإنك لعلى خلق عظيم ) [ القلم : 4 ] ثم بين صلوات الله عليه للخلق أن الله يحب مكارم الأخلاق ويبغض سفسافها . قال
علي رضي الله عنه : " يا عجبا لرجل مسلم يجيئه أخوه المسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا ، فلو كان لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا لقد كان ينبغي له أن يسارع إلى مكارم الأخلاق ، فإنها مما تدل على سبيل النجاة " وفي الحديث : "
إن الله حف الإسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال " ومن ذلك : حسن المعاشرة ، وكرم الصنيعة ، ولين الجانب ، وبذل المعروف ، وإطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وعيادة المريض
[ ص: 166 ] المسلم ، وتشييع الجنازة ، وحسن الجوار لمن جاورت مسلما كان أو كافرا ، وتوقير ذي الشيبة المسلم ، وإجابة الطعام والدعاء عليه ، والعفو ، والإصلاح بين الناس ، والجود والكرم والسماحة ، وكظم الغيظ ، واجتناب المحارم والغيبة والكذب والبخل والشح والجفاء والمكر والخديعة والنميمة وسوء ذات البين وقطيعة الأرحام وسوء الخلق والتكبر والفخر والاختيال والاستطالة والبذخ والفحش والتفحش والحقد والحسد والطيرة والبغي والعدوان والظلم . قال "
أنس " رضي الله عنه : " فلم يدع نصيحة جميلة إلا وقد دعانا إليها وأمرنا بها ، ولم يدع غشا أو عيبا إلا حذرناه ونهانا عنه " ، ويكفي من ذلك كله هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) [ النحل : 90 ] وقال "
معاذ " أوصاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "
يا معاذ أوصيك بتقوى الله ، وصدق الحديث ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وترك الخيانة ، وحفظ الجار ، ورحمة اليتيم ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، وحسن العمل ، وقصر الأمل ، ولزوم الإيمان ، والتفقه في القرآن ، وحب الآخرة ، والجزع من الحساب ، وخفض الجناح . وأنهاك أن تسب حكيما ، أو تكذب صادقا ، أو تطيع آثما ، أو تعصي إماما عادلا ، أو تفسد أرضا . وأوصيك باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر ، وأن تحدث لكل ذنب توبة ، السر بالسر ، والعلانية بالعلانية " . فهكذا أدب عباد الله ودعاهم إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب .
[ ص: 165 ] كِتَابُ الْآدَابِ النَّبَوِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِ الْمُحَمَّدِيَّةِ
بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=30961_31033تَأْدِيبِ اللَّهِ تَعَالَى صَفِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرَ الضَّرَاعَةِ وَالِابْتِهَالِ ، دَائِمَ السُّؤَالِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُزَيِّنَهُ بِمَحَاسِنِ الْآدَابِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، فَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004443اللَّهُمَّ حَسِّنْ خُلُقِي وَخَلْقِي " وَيَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004444اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ " فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَهُ وَفَاءً بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [ غَافِرٍ : 60 ] فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَأَدَّبَهُ فَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ، وَإِنَّمَا أَدَّبَهُ الْقُرْآنُ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) [ الْأَعْرَافِ : 199 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ) [ النَّحْلِ : 90 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=17وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) [ لُقْمَانَ : 17 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 13 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) [ فُصِّلَتْ : 34 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 134 ] وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=12اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) [ الْحُجُرَاتِ : 12 ] وَأَمْثَالُ هَذِهِ التَّأْدِيبَاتِ فِي الْقُرْآنِ لَا تُحْصَرُ .
وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّهْذِيبِ ثُمَّ مِنْهُ يُشْرِقُ النُّورُ عَلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ ، فَإِنَّهُ أُدِّبَ بِالْقُرْآنِ وَأَدَّبَ الْخَلْقَ بِهِ . وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004445بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ " ثُمَّ رَغَّبَ الْخَلْقَ فِي مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ . ثُمَّ لَمَّا أَكْمَلَ اللَّهُ تَعَالَى خُلُقَهُ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=4وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [ الْقَلَمِ : 4 ] ثُمَّ بَيَّنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِلْخَلْقِ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَيَبْغَضُ سَفْسَافَهَا . قَالَ
علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " يَا عَجَبًا لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يَجِيئُهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فِي حَاجَةٍ فَلَا يَرَى نَفْسَهُ لِلْخَيْرِ أَهْلًا ، فَلَوْ كَانَ لَا يَرْجُو ثَوَابًا وَلَا يَخْشَى عِقَابًا لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَارِعَ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، فَإِنَّهَا مِمَّا تَدُلُّ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ " وَفِي الْحَدِيثِ : "
إِنَّ اللَّهَ حَفَّ الْإِسْلَامَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ " وَمِنْ ذَلِكَ : حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ ، وَكَرَمُ الصَّنِيعَةِ ، وَلِينُ الْجَانِبِ ، وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ
[ ص: 166 ] الْمُسْلِمِ ، وَتَشْيِيعُ الْجِنَازَةِ ، وَحُسْنُ الْجِوَارِ لِمَنْ جَاوَرْتَ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ، وَتَوْقِيرُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَإِجَابَةُ الطَّعَامِ وَالدُّعَاءُ عَلَيْهِ ، وَالْعَفْوُ ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَالْجُودُ وَالْكَرَمُ وَالسَّمَاحَةُ ، وَكَظْمُ الْغَيْظِ ، وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ وَالْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ وَالْبُخْلِ وَالشُّحِّ وَالْجَفَاءِ وَالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَسُوءِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ وَسُوءِ الْخُلُقِ وَالتَّكَبُّرِ وَالْفَخْرِ وَالِاخْتِيَالِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْبَذَخِ وَالْفُحْشِ وَالتَّفَحُّشِ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالطِّيَرَةِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ وَالظُّلْمِ . قَالَ "
أنس " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " فَلَمْ يَدَعْ نَصِيحَةً جَمِيلَةً إِلَّا وَقَدْ دَعَانَا إِلَيْهَا وَأَمَرَنَا بِهَا ، وَلَمْ يَدَعْ غِشًّا أَوْ عَيْبًا إِلَّا حَذَّرَنَاهُ وَنَهَانَا عَنْهُ " ، وَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ هَذِهِ الْآيَةُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=90إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النَّحْلِ : 90 ] وَقَالَ "
معاذ " أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : "
يَا معاذ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ ، وَحِفْظِ الْجَارِ ، وَرَحْمَةِ الْيَتِيمِ ، وَلِينِ الْكَلَامِ ، وَبَذْلِ السَّلَامِ ، وَحُسْنِ الْعَمَلِ ، وَقَصْرِ الْأَمَلِ ، وَلُزُومِ الْإِيمَانِ ، وَالتَّفَقُّهِ فِي الْقُرْآنِ ، وَحُبِّ الْآخِرَةِ ، وَالْجَزَعِ مِنَ الْحِسَابِ ، وَخَفْضِ الْجَنَاحِ . وَأَنْهَاكَ أَنْ تَسُبَّ حَكِيمًا ، أَوْ تُكَذِّبَ صَادِقًا ، أَوْ تُطِيعَ آثِمًا ، أَوْ تَعْصِيَ إِمَامًا عَادِلًا ، أَوْ تُفْسِدَ أَرْضًا . وَأُوصِيكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ عِنْدَ كُلِّ حَجَرٍ وَشَجَرٍ وَمَدَرٍ ، وَأَنْ تُحْدِثَ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةً ، السِّرُّ بِالسِّرِّ ، وَالْعَلَانِيَةُ بِالْعَلَانِيَةِ " . فَهَكَذَا أَدَّبَ عِبَادَ اللَّهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْآدَابِ .