بيان آفة العجب :
اعلم أن آفات العجب كثيرة ، فإن ; لأنه أحد أسبابه ، فيتولد من العجب الكبر ، ومن الكبر الآفات الكثيرة التي لا تخفى ، هذا مع العباد ، وأما مع الله تعالى فالعجب يدعو إلى نسيان الذنوب وإهمالها ، فبعض ذنوبه لا يذكرها لظنه أنه مستغن عن تفقدها ، وما يتذكره منها فيستصغره فلا يجتهد في إزالته ، بل يظن أنه يغفر له . وأما العبادات والأعمال فإنه يستعظمها ويمن على الله بفعلها وينسى نعمة الله عليه بالتوفيق والتمكين منها ، ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها ، وذلك أن المعجب يغتر بنفسه وبرأيه ويأمن مكر الله [ ص: 254 ] وعذابه ، ويظن أنه عند الله بمكان ، وأن له عند الله منة وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه ، ويخرجه العجب إلى أن يثني على نفسه ويحمدها ويزكيها ، وإن أعجب برأيه وعمله وعقله منع ذلك من الاستفادة ومن الاستشارة والسؤال فيستبد بنفسه ورأيه ، ويستنكف من سؤال من هو أعلم منه ، وربما يعجب بالرأي الخطأ الذي خطر له فيفرح بكونه من خواطره ، ولا يفرح بخواطر غيره فيصر عليه ، ولا يسمع نصح ناصح ، ولا وعظ واعظ ، بل ينظر إلى غيره بعين الاستجهال ويصر على خطاياه . العجب يدعو إلى الكبر
فهذا وأمثاله من آفات العجب ، فلذلك كان من المهلكات ، ومن أعظم آفاته أن يغتر في السعي لظنه أنه قد فاز وأنه قد استغنى ، وهو الهلاك الصريح : نسأل الله العظيم حسن التوفيق لطاعته .