آداب الفقير في فقره
اعلم أن للفقير آدابا في باطنه وظاهره ومخالطته وأفعاله ينبغي أن يراعيها :
فأما أدب باطنه : فأن لا يكون فيه كراهية لما ابتلاه الله - تعالى - به من الفقر ، أعني أنه لا يكون كارها فعل الله - تعالى - من حيث أنه فعله وإن كان كارها للفقر .
[ ص: 295 ] وأما أدب ظاهره : فأن يظهر التعفف والتجمل ولا يظهر الشكوى والفقر بل يستر فقره ، ففي الحديث : " " وقال - تعالى - : ( إن الله - تعالى - يحب الفقير المتعفف أبا العيال يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) [ البقرة : 273 ] .
وأما في أعماله : فأدبه أن لا يتواضع لغني لأجل غناه ، قال علي -كرم الله وجهه - : "ما أحسن تواضع الغني للفقير رغبة في ثواب الله - تعالى - وأحسن منه تيه الفقير على الغني ثقة بالله عز وجل " فهذه رتبة ، وأقل منها أن لا يخالط الأغنياء ولا يرغب في مجالستهم ؛ لأن ذلك من مبادئ الطمع ، وينبغي أن لا يسكت عن ذكر الحق مداهنة للأغنياء وطمعا في العطاء .
وأما أدبه في أفعاله : فأن لا يفتر بسبب الفقر عن عبادة ، ولا يمنع بذل قليل ما يفضل عنه فإن ذلك جهد المقل ، وفضله أكثر من أموال كثيرة تبذل عن ظهر غنى .