عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " " . اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك
وقال صلى الله عليه وسلم : " " أي إنه لا يغتنمهما ، ثم يعرف قدرهما عند زوالهما . نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ
وكان " الحسن " يقول في موعظته : " المبادرة المبادرة فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل . رحم الله امرءا نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه ، ثم قرأ هذه الآية : ( إنما نعد لهم عدا ) [ مريم : 84 ] يعني الأنفاس ، آخر العدد خروج نفسك ، آخر العدد فراق أهلك ، آخر العدد دخولك في قبرك " .
[ ص: 323 ] وسبب التأخير هو الأنس بالدنيا وشهواتها والتسويف ، فلا يزال يسوف ويؤخر ولا يخوض في شغل إلا ويتعلق بإتمام ذلك الشغل عشرة أشغال أخر ، وهكذا على التدرج يؤخر يوما بعد يوم ويفضي به شغل إلى شغل بل إلى أشغال إلى أن تخطفه المنية في وقت لا يحتسبه فتطول عند ذلك حسرته ; وأكثر أهل النار وصياحهم من " سوف " يقولون : " واحزناه من " سوف " والمسوف المسكين لا يدري أن الذي يدعوه إلى التسويف اليوم هو معه غدا ، وإنما يزداد بطول المدة قوة ورسوخا ، ويظن أنه يتصور أن يكون للخائض في الدنيا فراغ قط ، هيهات فما يفرغ منها إلا من اطرحها .
فما قضى أحد منها لبانته وما انتهى أرب إلا إلى أرب
نسأله تعالى أن لا يجعل لنا بعد الموت حسرة إنه سميع الدعاء .