قال : فاحتاج إلى فريضة ، فقال : ما تقول في أخت وأم وجد ؟ قلت : اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ، عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ، ، وعبد الله بن مسعود وعلي ، ، رضي الله تعالى عنهم . قال : فما قال فيها وابن عباس ؟ إن كان لمتقيا ، قلت : جعل الجد أبا ، وأعطى الأم الثلث ، ولم يعط الأخت شيئا ، قال : فما قال فيها أمير المؤمنين ؟ يعني ابن عباس عثمان ، [ ص: 326 ] قلت : جعلها أثلاثا . قال : فما قال فيها ؟ قلت : جعلها من تسعة ، فأعطى الأم ثلاثا ، وأعطى الجد أربعا ، وأعطى الأخت سهمين . قال : فما قال فيها زيد بن ثابت ؟ قلت : جعلها من ستة ، أعطى الأخت ثلاثا ، وأعطى الأم سهما ، وأعطى الجد سهمين . قال : مر القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين ابن مسعود عثمان . إذ دخل عليه الحاجب فقال : إن بالباب رسلا ، قال : ائذن لهم . فدخلوا عمائمهم على أوساطهم ، وسيوفهم على عواتقهم ، وكتبهم في أيمانهم ، فدخل رجل من بني سليم يقال له شبابة بن عاصم ، فقال : من أين أنت ؟ قال : من الشام ، قال : كيف أمير المؤمنين ، كيف حشمه ؟ فأخبره ، فقال : هل كان وراءك من غيث ، قال : نعم ، أصابتني فيما بيني وبين أمير المؤمنين ثلاث سحائب ، قال : فانعت لي كيف كان وقع المطر ، وكيف كان أثره وتباشيره ، فقال : أصابتني سحابة بحوران ، فوقع قطر صغار وقطر كبار ، فكان الكبار لحمة الصغار ، فوقع سبط متدارك وهو السح الذي سمعت به ، فواد سائل وواد نازح وأرض مقبلة وأرض مدبرة وأصابتني سحابة بسوا أو قال : بالقريتين- شك عيسى - فلبدت الدماث وأسالت العزاز وأدحضت الملاع ، فصدعت عن الكمأة أماكنها ، وأصابتني أيضا سحابة فتأت العيون بعد الري ، وامتلأت الأخاديد ، وأفعمت الأودية ، وجئتك في مثل وجار الضبع ، ثم قال : ائذن ، فدخل رجل من بني أسد ، فقال : هل كان وراءك غيث ؟ فقال : لا ، كثر الإعصار ، واغبر البلاد ، وأكل ما أشرف من الجنبة فاستقينا ؛ إنه عام سنة ، فقال : بئس المخبر أنت ، فقال : أخبرتك بما كان ، ثم قال : ائذن ، فدخل رجل من أهل اليمامة ، فقال : هل كان وراءك من غيث ؟ فقال : تقنعت الرواد تدعو إلى زيادتها ، وسمعت قائلا يقول : هلم أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران ، وتشكى [ ص: 327 ] فيها النساء ، وتنافس فيها المعزى ، قال : ولم يدر الشعبي الحجاج ما قال ، فقال : ويحك ، إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم ، فقال : نعم أصلح الله الأمير ، أخصب الناس فكان الثمر والسمن والزبد واللبن ، فلا يوقد نار ليختبز بها ، وأما تشكي النساء فإن المرأة تظل تريف بهمها وتمخض لبنها ، فتبيت ولها أنين من عضديها كأنهما ليستا معها ، وأما تنافس المعزى ؛ فإنها ترى من أنواع الشجر وألوان الثمر ونور النبات ما يشبع بطونها ولا يشبع عيونها ، فتبيت وقد امتلأت أكراشها ، لها من الكظة جرة ، فتبقى الجرة حتى تستنزل بهما الدرة . ثم قال : ائذن ، فدخل رجل من الموالي كان يقال إنه من أشد الناس في ذلك الزمان ، فقال : هل كان وراءك من غيث ؟ قال : نعم ، ولكن لا أحسن أقول كما قال هؤلاء ، فقال : قل كما تحسن ، فقال : أصابتني سحابة بحلوان ، فلم أزل أطأ في أثرها حتى دخلت على الأمير ، فقال الحجاج : لئن كنت أقصرهم في المطر خطبة ، إنك أطولهم بالسيف خطوة .
حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا ، ثنا أبو العباس السراج محمد بن عباد بن موسى العكلي ، حدثني أبي عباد بن موسى ، قال : أخبرني أبو بكر الهذلي ، قال : قال لي : ألا أحدثك حديثا تحفظه في مجلس واحد إن كنت حافظا كما حفظت ؟ إنه لما أتى بي الشعبي وأنا مقيد ، فخرج إلى الحجاج بن يوسف ، فقال : إنا لله وما بين دفتيك من العلم يا يزيد بن أبي مسلم شعبي ، فذكر نحوه .
حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا أحمد بن حماد بن سفيان ، ثنا محمود بن خداش ، ثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني ، عن محمد بن جعادة ، قال : كان من أولع الناس بهذا البيت : الشعبي
ليست الأحلام في حين الرضا إنما الأحلام في وقت الغضب
حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو الفضل محمد بن الفضل ، حدثني محمد بن سعيد القزاز ، ثنا أبو أمية ، ثنا إبراهيم بن محمد الهذلي ، عن هشيم ، عن مجالد ، عن ، أنه كان يقول : الشعبي
[ ص: 328 ]
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فأنت وعير بالفلاة سواء