يا أيها القارئ المرخي عمامته هذا زمانك إني قد مضى زمني أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه
أني لدى الباب كالمشدود في قرني
فقال له عون : من أنت ؟ فقال : جرير ، فقال : إنه لا يحل لك عرضي ، قال : فاذكرني للخليفة ، قال : إن رأيت لك موضعا فعلت ، فدخل عون على عمر فسلم عليه ثم حمد الله ، وذكر بعض كلامه ومواعظه ، ثم قال : هذا جرير بالباب فاحرز لي عرضي منه ، فأذن لجرير فدخل عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إني أخبرت أنك تحب أن توعظ ولا تطرب ، فأذن لي في الكلام ، فأذن له ، فقال :
لجت أمامة في لومي وما علمت عرض اليمامة روحاتي ولا بكري
ما هوم القوم مذ شدوا رحالهم إلا غشاشا لدى إغضارها اليسر
[ ص: 328 ] يصرخن صرخ خصي المعزاء إذ وقدت شمس النهار وعاد الظل للقمر
زرت الخليفة من أرض على قدر كما أتى ربه موسى على قدر
إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا من الخليفة ما نرجو من المطر
أأذكر الضر والبلوى التي نزلت أم تكتفي بالذي نبئت من خبر ؟
ما زلت بعدك في دار تقحمني وضاق بالحي إصعادي ومنحدري
لا ينفع الحاضر المجهود بادينا ولا يعود لنا باد على حضر
كم بالمواسم من شعثاء أرملة ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
أذهبت خلقته حتى دعا ودعت يا رب بارك لطر الناس في عمر
ممن يعدك تكفي فقد والده كالفرخ في الوكر لم ينهض ولم يطر
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
فترقرقت عينا عمر وقال : إنك لتصف جهدك ، فقال : ما غاب عني وعنك أشد ، فجهز إلى الحجاز عيرا تحمل الطعام والكسى والعطايا يبث في فقرائهم ، ثم قال : أخبرني أمن المهاجرين أنت يا جرير ؟ قال : لا ، قال : فشبك بينك وبين الأنصار رحم أو قرابة أو صهر ؟ قال : لا ، قال : فممن يقاتل على هذا الفيء أنت ويجلب على عدو المسلمين ؟ قال : لا ، قال : فلا أرى لك في شيء من هذا الفيء حقا ، قال : بلى ، والله لقد فرض الله لي فيه حقا ، إن لم تدفعني عنه ، قال : ويحك وما حقك ؟ قال : ابن سبيل أتاك من شقة بعيدة فهو منقطع به على بابك ، قال : إذا أعطيك ، فدعا بعشرين دينارا فضلت من عطائه ، فقال : هذه فضلت من عطائي ، وإنما يعطى ابن السبيل من مال الرجل ، ولو فضل أكثر من هذا أعطيتك ، فخذها فإن شئت فاحمد ، وإن شئت فذم ، قال : بل أحمد يا أمير المؤمنين ، فخرج فجهشت إليه الشعراء وقالوا : ما وراءك يا أبا حزرة ؟ قال : يلحق الرجل منكم بمطيته ، فإني خرجت من عند ، وقال : رجل يعطي الفقراء ، ولا يعطي الشعراء
وجدت رقى الشيطان لا تستفزه وقد كان شيطاني من الجن راقيا
لفظ الغلابي .
[ ص: 329 ] حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو خليفة ، ثنا أبو محمد الثوري ، عن ، عن الأصمعي العمري قال : قال : " لا نعيش بعقل رجل حتى نعيش بظنه " . عمر بن عبد العزيز
حدثنا محمد بن علي ، ثنا الحسن بن محمد بن حماد ، ثنا عمرو بن عثمان ، ثنا خالد بن يزيد ، عن جعونة ، قال : دخل على رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، عمر بن عبد العزيز ، وإنما مثلك كما قال الشاعر : إن من كان قبلك كانت الخلافة لهم زينا ، وأنت زين الخلافة
وإذا الدر زان حسن وجوه كان للدر حسن وجهك زينا